أوقاف الإسماعيلية تعيد أتوبيسا دعويا للعمل بعد إهمال 16 عاما    بلطجي بدرجة وزير، بن غفير يحاول الاعتداء على نائب عربي رفض قانون "إعدام الأسرى" (فيديو)    زلزال بقوة 5 ريختر يضرب جزيرة كريت باليونان وبيان من البحوث الفلكية للمصريين    روسيا تحبط عملية استخباراتية أوكرانية بريطانية لاختطاف مقاتلة "ميج" مجهزة بصواريخ "كينجال"    أغلى من تذكرة المباراة، "الفيفا" يحدد أسعار مواقف السيارات المخصصة لجماهير مونديال 2026    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني على عمال بالمحلة الكبرى    لما الشتا يدق البيبان، الأرصاد تحذر من تقلبات جوية، انخفاض حاد بدرجات الحرارة، وأمطار من القاهرة إلى شلاتين عرض مستمر    العدد يصل إلى 39.. جنسيات المصابين في حادث الأتوبيس السياحي برأس غارب    جثمان إسماعيل الليثى يغادر مستشفى ملوى فى المنيا    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    التوصل إلى اتفاق لتقليص البيروقراطية لمزارعي الاتحاد الأوروبي    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    غرفة عمليات محافظة البحر الأحمر: اليوم الاول من انتخابات النواب مر دون معوقات أو شكاوى    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز والسلع الغذائية ب أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11-11-2025    أسعار الطماطم والبطاطس والفاكهة في أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى.. ويوجه بإعداد تقرير عاجل    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    بعد إجراء الكنيست ضد الأسرى الفلسطينيين.. بن غفير يوزع البقلاوة (فيديو)    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    مقتل شخصين إثر تحطم طائرة إغاثة صغيرة في فلوريدا بعد دقائق من إقلاعها    «متحف تل بسطا» يحتضن الهوية الوطنية و«الحضارة المصرية القديمة»    أبرزها "الست" لمنى زكي، 82 فيلما يتنافسون في مهرجان مراكش السينمائي    انتخابات «النواب» بمحافظات الصعيد: إقبال متوسط في أول أيام التصويت    أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    نورهان عجيزة تكشف كواليس اليوم الأول للمرحلة الأولى بانتخابات النواب 2025 في الإسكندرية    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    ريم سامي: الحمد لله ابني سيف بخير وشكرا على دعواتكم    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    أهمهما المشي وشرب الماء.. 5 عادات بسيطة تحسن صحتك النفسية يوميًا    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    4 أسابيع من التقدم.. حظ برج الدلو اليوم 11 نوفمبر    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    زينب شبل: تنظيم دقيق وتسهيلات في انتخابات مجلس النواب 2025    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاع عن الدولة والمجتمع
نشر في المراقب يوم 17 - 11 - 2011

ليس هناك شك في أن مصر تمر الآن بمرحلة بالغة الخطورة لأنها تتسم بإنهيار أركان الدولة ذاتها‏,‏ وبروز عجز الإدارة السياسية للبلاد عن اعمال حكم القانون‏,
وضبط مظاهر التفكك الاجتماعي التي انتشرت بين النخبة والجماهير, بما لا سابقة له في التاريخ الحديث والمعاصر.
ويمكن القول أن الدولة المصرية الحديثة التي أسس أركانها محمد علي من خلال مشروعه التحديثي الكبير تعد من أكثر الدول استقرارا في العالم العربي.
ويرد ذلك إلي أنه منذ وقت مبكر حقا أرسيت قاعدة سيادة القانون وبذرت بذور المجالس التشريعية المنتخبة, وتم انشاء المدارس التي تولت مهمة التعليم العام, ثم أعقب ذلك انشاء الجامعة الأهلية التي تحولت من بعد لتصبح جامعة القاهرة, والتي كانت ومازالت مصدرا من مصادر انتاج المعرفة العلمية في كل العلوم, بالاضافة إلي الجامعات التي أنشئت بعدها والتي قامت بأدوار ريادية في مجال تكوين العقل الحديث, ونشر آفاق الثقافة العصرية, ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي كله, حيث تخرجت فيها أجيال متعددة من المتعلمين الذين أصبحوا من بعد قادة سياسيين ومفكرين في بلادهم.
والمتتبع للتاريخ التشريعي والقضائي في مصر يستطيع أن يدرك أن مصر دخلت إلي مجال التشريع الحديث منذ عهد محمد علي, وسارت علي دربه الدولة المصرية التي تعاقبت نظمها السياسية في مختلف الأزمنة, إلي أن وصلنا إلي العصر الليبرالي الذي اتفق علي أنه بدأ بوضع دستور3291, والذي دارت في ظله تجربة ليبرالية ديمقراطية كبري تميزت بالتعددية السياسية والحزبية إلي أن قامت ثورة يوليو.2591
وورثت ثورة يوليو2591 مجتمعا يسوده الانقسام الطبقي نتيجة للفجوة العميقة بين من يملكون ومن لا يملكون ومن ثم اعتبرت الثورة أن مشروعها القومي الأساسي هو تحقيق العدالة الاجتماعية, وإن كان ذلك قد تم علي حساب الحرية السياسية في سياق ثوري فضت فيه الأحزاب السياسية, وآثرت أن يقوم النظام السياسي علي أساس الحزب الواحد, سواء في ذلك الاتحاد القومي أو الاتحاد الاشتراكي.
وهكذا يمكن القول أن الدولة في عصر ثورة يوليو ظلت ثابتة الأركان حتي بعد أن انتقل النظام السياسي من عهد جمال عبد الناصر إلي عهد أنور السادات, ومن بعده إلي عهد محمد حسني مبارك.
ويبدو السؤال المهم ماذا كان وضع الدولة حينما قامت ثورة52 يناير وماذا كان وضع المجتمع؟
يمكن القول أن الدولة التي ورثتها الثورة كانت ثابتة الأركان بالرغم من كل الانحرافات التي دارت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
ونقصد بذلك أن مبدأ سيادة القانون وهو أحد المباديء الحاكمة لأي دولة حديثة كان مستقرا, بالرغم من الانحرافات المتعددة في مجال التشريع أو في مجال التطبيق.
ولاشك أن الانحراف التشريعي سواء في المجال السياسي أو في المجال الاقتصادي كان سائدا مضادا في ذلك لكل القواعد المرعية في صياغة القواعد القانونية.
ومع ذلك فإن القضاء المصري بتراثه الشامخ في مجال استقلال القضاء أصدر عديدا من الأحكام التي فضحت الانحراف في مجال التشريع أو في مجال التطبيق, كما أن التعسف في استخدام السلطة كان أحيانا كثيرة يجد عقابا عليه في أحكام قضائية رادعة.
غير أن ركنا أساسيا من أركان الدولة وهو ركن الأمن الذي يتمثل في جهاز الشرطة سقط وتهاوي بعد ثورة52 يناير, نتيجة المواجهات الدامية بين الثوار وقوات الأمن المركزي. وبعد هزيمة هذه القوات ظهرت ملامح مؤامرة كبري مازالت حقائقها غائبة, وهي فتح أبواب السجون في وقت واحد, وهروب المساجين والمجرمين المحكوم عليهم وانتشارهم في كل أنحاء البلاد, يمارسون البلطجة ويعتدون علي النفس والممتلكات, في ظل غياب أمني كامل, أدي في الواقع إلي سقوط هيبة الدولة لعجزها عن إعمال مبدأ سيادة القانون, مما ترك الفوضي بأشكال متعددة تسود في البلاد, من أول قطع طرق السكك الحديدية والطرق العامة إلي الهجوم علي أقسام الشرطة وحرق بعضها, إلي ارتكاب مختلف أنواع الجرائم بلا رادع من قانون أو عقاب.
وهكذا إنهدم أحد أركان الدولة الأساسية, مما فتح الباب أمام حروب القري والقبائل, سواء في الصعيد أو في بلطيم بصورة غير مسبوقة, في سياق تبدو فيه الشرطة عاجزة عن الفعل.
هذا حتي الدولة التي تسلمتها ثورة52 يناير, فماذا عن المجتمع؟
لقد ورثت الثورة مجتمعا منقسما انقساما عميقا بين قلة مترفة من أهل الحكم ورجال الأعمال الفاسدين الذين اشتركوا في نهب الثروة القومية, وبين ملايين المصريين الذين سقطوا في دوائر الفقر المتعددة وبينهما طبقة وسطي تدهورت أحوالها تدهورا شديدا, بحكم التضخم وتدني مستوي الأجور.
وقد أدي غياب قيادة محددة وواضحة لثورة52 يناير إلي عدم حسم المسيرة الثورية, سواء من الناحية السياسية أو من الناحية الاجتماعية.
في الجانب السياسي بعد عثرات متعددة في مسار المرحلة الانتقالية من الديكتاتورية إلي الديمقراطية, وصلنا إلي عتبة الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشوري في سياق يسوده التشرذم السياسي وتهافت القيادات السياسية تقليدية كانت أو ثورية علي الترشح للحصول علي عضوية البرلمان, بالاضافة إلي تيارات دينية متطرفة تسعي إلي أن تغزو المجتمع بأفكارها المتخلفة من خلال سيطرتها علي المجالس النيابية.
وهذه التيارات هي التي تقف ضد مبادرة الوثيقة الدستورية التي أعدها الدكتور علي السلمي لضمان التمثيل الشعبي الحقيقي للجنة وضع الدستور, بالاضافة إلي النص علي المباديء الحاكمة التي ينبغي أن يصاغ الدستور في ظلها.
وتسود المجتمع المصري في الوقت الراهن ضوضاء سياسية صاخبة, سواء في المنابر السياسية أو في المنابر الاعلامية, مما أحدث بلبلة كبري في الرأي العام.
وإذا أضفنا إلي ذلك محاولة هدم أركان الدولة بالكامل من خلال الهجوم الأعمي علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والدعوة إلي تشكيل مجلس مدني يتولي السلطة بدلا منه, لأدركنا أن المؤامرة علي الدولة المصرية اكتملت حلقاتها بحيث يظن بعض الأدعياء والانتهازيين أن الدولة ستسقط في أيديهم كاملة, وسيتاح لهم أن يفرضوا مذاهبهم السياسية علي المجتمع المصري بأكمله, حتي بإتباع الوسائل غير الديمقراطية.
غير أن هذه المحاولات لهدم أركان الدولة ونسف قواعد المجتمع لن يتاح لها النجاح علي وجه الاطلاق.
وذلك لسبب وحيد مقتضاه أن أي فصيل سياسي حتي لو حصل علي الأغلبية في البرلمان, لن يستطيع علي وجه الاطلاق فرض ارادته علي المجتمع المصري, لأن ذلك مضاد لمنطق التاريخ من ناحية, وتجاهل للتراث الوطني الديمقراطي المصري الزاخر الذي مازال كامنا في وجدان الغالبية من الجماهير, بالرغم من كل العثرات التي أصابت مسار الديمقراطية المصرية عبر العصور.
نقلا عن الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.