أعربت المنظمة المصرية عن حقوق الإنسان عن تقديرها البالغ لمدى المهام الجسام الملقاة على عاتق المجلس الأعلى للقوات المسلحة في هذه اللحظة الفارقة التي يمر بها وطننا الحبيب ، مجددة ثقتها في رجال الجيش المصري العظيم وقدرته على اجتيازها، والاستجابة الفورية للمطالب المشروعة الانتفاضة الشعبية ، والتي دفع المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى في جميع أرجاء الوطن حياتهم ثمناً للحرية والديمقراطية وتحقيقاً لتلك المطالب . وإذ تشدد المنظمة المصرية أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يدع أرواح هؤلاء الشهداء تذهب سدى دون التحقيق ومحاسبة المتهمين والمسئولين عن تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب المصري بأكمله ، بخلاف محاسبة الوزراء والمسئولين -أياً كان موقعهم -وجميع المفسدين الذين نهبوا أموال الشعب وأهدروا المال العام لسنوات طوال ، مع الأخذ في الاعتبار ما توصلت إليه اللجان الحقوقية الوطنية لتقصي الحقائق ومكافحة الفساد من معلومات ونتائج أساسية في هذا الصدد ، فإنها تؤكد على ضرورة إسراع القوات المسلحة في القيام باتخاذ عدة خطوات وإجراءات على كافة المستويات السياسية والقانونية والدستورية ، وذلك بغية الحفاظ على مكتسبات الثورة الشعبية، وحماية لأمن وسلامة هذا الوطن ومواطنيه ، وهذا ما أكده الجيش المصري منذ بداية الثورة في 25 يناير وحتى الآن ، وعليه فإن المنظمة توصي بالآتي : أولاً : رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1981 بموجب قانون الطوارئ رقم 162لسنة 1958؛ نظرًا لآثارها الضارة والخطيرة على منظومة حقوق الإنسان في مصر وعرقلة سبل التطور الديمقراطي السلمي في المجتمع، والإفراج الفوري عن جميع المتعقلين الذين اعتقلوا في الانتفاضة الشعبية منذ بدايتها في 25 يناير وحتى الآن، وكذلك عن جميع المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم بشكل متكرر بالمخالفة لأحكام القضاء بالإفراج عنهم أو تبرئتهم من التهم المنسوبة إليهم احترامًا لأحكام القانون والدستور ولقدسية أحكام القضاء. ثانياً : تشكيل حكومة ائتلاف وطني مؤلفة من شخصيات عامة ومستقلة مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والحيدة والاستقلالية ، وتكون هذه الحكومة انتقالية حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة . ثالثاً: إلغاء الدستور الحالي وتعديلاته المختلفة، وتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد لدولة مدنية ديمقراطية يحترم ويعزز حقوق الإنسان، ويقيم دولة سيادة القانون على النحو الذي يعيد التوازن بين السلطات الثلاث عبر الأخذ بالنظام البرلماني في الحكم،مع ضرورة أن يصاحب إعداد هذا الدستور إدخال تعديلات على القوانين المنظمة للحياة السياسية في مصر، ومن أمثلتها قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 وتعديلاته الأخيرة ، وإلغاء القوانين المقيدة للحقوق والحريات، بمعنى آخر ضرورة سن منظومة تشريعية جديدة تتوافق مع نصوص الدستور الجديد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومن بين مستلزمات هذه المنظومة ضرورة : - إطلاق حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات على أن تنشأ بموجب الإخطار ، مما يتوجب إلغاء قانون الأحزاب السياسية رقم 40لسنة 1977وتعديلاته وقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84لسنة 2002. -التأكيد على أحقية كل نقابة مهنية في وضع القانون الكفيل بتنظيم نشاطها وذلك وفقاً لأحكام الدستور الجديد والمعايير الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، وتفعيلاً لحكم المحكمة الدستورية العليا بإلغاء القانون 100لسنة 1993المعروف بقانون"ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية" وتعديلاته لعام 1995. -التأكيد على حق العمال في تشكيل التنظيم النقابي سواء حقهم في انتخاب ممثليهم في حرية، و الاستقلال في تنظيم إداراتهم وأوجه نشاط النقابة وصياغة برامجها أو حقها في تكوين اتحادات أو الانضمام إليه ، مما يتوجب إلغاء قانون النقابات العمالية رقم 35لسنة 1976نظراً لما يفرضه من قيود تشريعية عديدة على الحرية النقابية. -سن قانون جديد لتنظيم الحق في التظاهر والتجمع السلمي وفقاً للمعايير الدستورية والدولية المتعارف عليها، مما يستلزم إلغاء العمل بقانون التجمهر رقم 10لسنة 1914والقانون 14لسنة 1923. رابعاً: حل مجلسي الشعب والشورى ، والدعوة لإجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة على أن تجرى تلك الانتخابات بنظام القائمة النسبية وتحت إشراف قضائي كامل ، مع رقابة وطنية ودولية من قبل مؤسسات المجتمع المدني، بما يضمن تمكين تلك المنظمات من المراقبة داخل وخارج اللجان الانتخابية . خامساً : تشكيل لجنة وطنية مستقلة تتولى التحقيق في أسباب تدهور حالة السجون في مصر، والانتهاكات الجسيمة التي حدثت داخل تلك السجون أثناء الانتفاضة الشعبية ، مع إعلان نتائج هذا التحقيق والوسائل التي اتبعت في إجرائه للرأي العام، على أن تخول السلطات اللازمة للوصول إلى المعلومات والبيانات التي تحتاجها وإلى كل الأشخاص الذين ترغب في الاستماع لهم. سادساً: وضع حد نهائي لممارسات التعذيب وسوء المعاملة في أقسام ومراكز الشرطة، وضرورة تصديق الحكومة المصرية على الإعلانين المشار إليهما في المادتين 21، و22من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب واللذان يمكن بمقتضاهما للجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة أن تبت في الشكاوى المقدمة من دول وأشخاص تتعلق بانتهاك مصر لالتزامها المنصوص عليها في الاتفاقية. سابعاً : إطلاق حرية إصدار الصحف وملكية وسائل الإعلام، وإتاحة فرصة متكافئة للأحزاب والقوى السياسية وكافة الاتجاهات والتيارات الديمقراطية في طرح آرائها وأفكارها في كل أجهزة الإعلام المملوكة للشعب لحين تعديل قانون الإذاعة والتلفزيون وتحقيق استقلالها عن السلطة التنفيذية، وإنهاء الفلسفة العقابية في تشريعات الصحافة والإعلام، واستبدالها بفلسفة تشجع جميع صور التعبير الحر، وتحفز الامتياز والإبداع في مجال الصحافة والإعلام، مع التأكيد أحقية كل مواطن في الحصول على المعلومات وحرية تداولها وفقا للمعايير المتعارف عليها في الدول الديمقراطية . ثامناً : سرعة الاستجابة لمطالب الشعب المصري بمختلف فئاته فيما يخص مطالبهم المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في رفع الحد الأدنى للأجور، ووقف الارتفاع المتوالي للأسعار ، ومحاربة البطالة، وخلق فرص عمل جديدة للخريجين في القطاعين العام والخاص، وحماية أموال التأمينات الاجتماعية، وامتدادها لتشمل كافة العاملين في القطاعات المختلفة، وتمكين محدودي الدخل والفقراء من التمتع بالحق في سكن ملائم تتوافر فيه الخصوصية والأمان ومعايير المسكن الصحي، والحق في الحصول على رعاية صحية جيدة وملائمة للجميع .