لسان الوزراء ..قصور وفيلات تكشف الثراء الفاحش داخل رموز النظام السابق

لسان الوزراء .. حرم أهالي الإسماعيلية من شواطئها ومن كان يقترب كان يطلق عليه الرصاص
الثراء الفاحش والفساد والسطوة عنوان لهذا اللسان الصناعي الممتد بطول أكثر من 4 كيلو مترات داخل مياه البحيرات المرة بمحافظة الإسماعيلية .
شبه جزيرة صناعية تم ردم أراضيها التي استقطعت من مياه البحيرات المرة ومن مزارع المانجو المثمرة ليقام عليها منتجع سياحي خاص لا يقطنه سوى العشرات من كبار رجال الدولة في النظام السابق وعدد من الأثرياء..منتجع خاص أحيط بسور من الخرسانة يفصله عن شواطئ العامة التي امتدت على الجانب الغربي للبحيرات المرة بمنطقة أبو سلطان. بمدينة فايد بمحافظة الإسماعيلية ، فريق من الأمن الخاص يعمل ليلا ونهارا لحراسة جنبات اللسان .
100 ألف و800 متر »24 فداناً بالتمام والكمال« تطل مباشرة علي البحيرات المرة بمنطقة فايد، جنوب الإسماعيلية ، قامت ببيعها محافظة الإسماعيلية بالأمر المباشر للوزراء وكبار رجال النظام بأسعار تراوحت ما بين 10 جنيهات و31 جنيها للمتر الواحد، بينما كان سعر المتر حوالي 500 جنيه وقتها إضافة إلي ملايين الجنيهات الأخرى التي أنفقتها الأجهزة الحكومية لإقامة بنية أساسية متكاملة بالمنطقة.
مئات الآلف من الأطنان من مواد البناء وحديد التسليح استخدمت لردم مساحة تزيد عن كيلو متر من مياه البحيرات المرة لإقامة 37 قصرا وفيلا داخل هذا المنتجع أقيمت كلا منها على طراز خاص وعلى مساحات مختلفة زينت جنابتها أشجار المانجو برائحتها المميزة وأقيمت على حدائقها الممتدة لشط البحيرة حمامات السباحة .
لم يقتصر التجاوز على استقطاع أراضي وردم البحيرة بل امتد لإنشاء شبكة كهرباء خاصة باللسان تدعم الفيلات والقصور بالطاقة الكهربائية التي تحتاجها لإضاءة ملاعب التنس والسلة في الوقت الذي يقطع فيه التيار الكهربي عن بعض القرى والأماكن المجاورة في الصيف للتخفيف من عبء الأحمال على الشبكات .
وتجاوزت المخالفات بوجود شبكة مياه خاصة بالمنطقة لتمد الفيلات بالمياه العذبة التي تستخدم في ملء حمامات السباحة ذات الأشكال الهندسية المصممة على أعلى مستوى وري حدائق المانجو والنجيلة في الوقت الذي يئن فيه أهالي أبو سلطان من نقص كميات مياه الشرب التي تضخ للمنطقة في فصل الصيف على مدار السنوات الماضية .
المخالفات امتدت لشبكة الصرف الصحي الخاصة باللسان والتي تلقي بمخلفاتها العضوية داخل مياه البحيرات المرة التي كانت تمتلك ثروة هائلة من الثروة السمكية تم القضاء عليها .
فيما فتحت البحيرة شواطئها ليرتع عليها أصحاب القصور بمراكبهم الشراعية الخاصة والموتسكيلات البحرية "الجيت سكي"و حرمت الشواطئ على الصيادين للمرور من أمامها .
صمم الموقع على شكل لسان تحيط به مياه البحيرات المرة من ثلاثة جهات ، وأقيمت القصور والفيلات على الجانب الأيمن داخل اللسان لتطل بوجهتها على جانب البحيرات المرة المواجه لقناة السويس أما الجانب الأيسر للسان فقد استحوذ عليه بإقامة حديقة خاصة لكل فيلا مفروشة بسجادة ضخمة من النجيلة الخضراء المزينة بالزهور مختلفة الألوان والأشكال اعتلتها أشجار المانجو المثمرة المد لاه بثمارها و التي يشرف على تهذيبها وريها عدد من العمال والفنيين الزراعيين وفي جانب كل حديقة أقيمت مضيفه ويفصلها عن الفيلا طريق عمومي ممهد بعرض نحو خمسة أمتار تقريبا لمرور السيارات داخله.
وتنوعت واجهات القصور ما بين الزجاجية والرخامية بألوان متعددة واعتلى بعضها القباب الدائرية الشكل فيما تنوعت البعض بالشكل الهرمي.
زكريا عزمي وصفوت الشريف وعاطف عبيد أشهر الأسماء التي اعتاد عمال المنتجع على مشاهدتهم داخل اللسان.ويوم الخميس من كل أسبوع كان الموعد الرسمي لقدوم هذه الأسماء بسياراتهم الفارهة ذات الزجاج الأسود المدعمة بالحراسات الخاصة لقضاء ليلة الجمعة والانصراف عصر اليوم التالي.
وقال تقرير لمحافظة الإسماعيلية أن من بين المنتفعين أمين محمد نمر الذي وضع يده علي 399 متراً مربعاً وقطعة أخري مساحتها 4 قراريط وأخري ثلاثة قراريط وأخري علي طرح البحر بمساحة 411 متراً مربعاً وتم تحديد سعر متر الأرض ب35 جنيهاً.فيما قام زكريا عزمي وزوجته بهية عبد المنعم سليمان بوضع يدهم علي 400 متر مربع بسعر 40 جنيهاً للمتر وحوالي 9 قراريط بسعر ألف جنيه للقيراط.
والبيعة رقم 152/87 و691/92 باسم محمد سلطان أبو علي بمساحة 397.48 متر مربع بسعر 35 جنيهاً للمتر و10 قراريط بسعر ألف جنيه للفدان وتم تحديد السعر بجلسة 30/8/92.
والبيعات ارقام 87 و416 و687و1225 باسم رءوف عبد الحليم دغيدي بمساحة 400 متر مربع ب35 جنيهاً و6 قراريط بسعر ألف جنيه للقيراط الواحد.
وكانت البيعات أرقام "47 و404 و688" من نصيب الدكتور عاطف عبيد ونجد محمد خميس ووليد عاطف عبيد بمساحة 403 أمتار بسعر 35 جنيهاً للمتر و9 قراريط بسعر ألف جنيه.
والبيعة رقم 46/86 كانت من نصيب محمد محمود عبد الوهاب بمساحة 403.16 متر مربع وتم تحديد 35 جنيهاً سعراً للمتر بجلسة 19/5/86.
وكانت زوجة الدكتور كمال الجنزوري "رأفت أبو الدهبي فرغلي" كريمتهما سوزان ومني الجنزوري صاحبات البيعات أرقام 48/86 و387 و96/92 بمساحة 403.55 متر مربع بسعر 35 جنيهاً للمتر و4 قراريط بسعر ألف جنيه للقيراط.
والدكتور محمد إبراهيم سليمان وزوجته مني صلاح الدين المنيري صاحبا البيعة رقم 769/93 بسعر 35 جنيهاً للمتر و13 قيراطاً بسعر ألف جنيه للقيراط الواحد.
والبيعة رقم "828" باسم ماهر أباظة وزير الكهرباء الأسبق بمساحة 400 متر ب35 جنيهاً.
وكشف التقرير أيضاً أن الدكتور محمد راغب دويدار وزير الصحة الأسبق ونجليه خالد وحازم أصحاب البيعتين "389 و739" بمساحة 9 قراريط بسعر ألف جنيه للقيراط الواحد.
وضمت القائمة أسماء سيدات كثيرات هن سمية محمد فهمي وزينب محمد شوقي وزينب محمد الفولي وإجلال إبراهيم مبروك وسمية محمد فهمي.
والبيعة رقم "168" كانت من نصيب اللواء زكي مصطفي بدر وزير الداخلية الأسبق بمساحة 400 متر مربع بسعر 35 جنيهاً للمتر و6 قراريط بسعر ألف جنيه للقيراط.
لم تقام القصور بين يوم وليلة بل سبقها تمثيلية تبيح الاستيلاء على المال العام فمع مطلع الثمانينيات تطلعت أنظار الكثير من رجال النظام إلي تلك المنطقة خاصة وان أسعار الأرض حسب الطلب، وكانت المشكلة الوحيدة هي غياب المرافق والبنية الأساسية عن المنطقة .لكن المنطقة محط أنظار الكبار فكان إنشاء شبكة مرافق خاصة للمنطقة والتي بدأ الفساد يتوغل في أركانها وأقيمت الخرسانات على اللسان الصناعي لتشيد اكبر وأفخم قصور شهدتها المحافظة ..
وطبقا لتقرير صادر من محافظة الإسماعيلية أكد انه صدر قرار المحافظ رقم "1222" لسنة 1980 ببداية التعامل علي منطقة لسان ملاحة أبوسلطان المسماة "بلسان الوزراء" بوضع هذه المنطقة من أهداف المحافظة للتنمية السياحية.
وتم إنشاء جهاز تخطيط وتنمية البحيرات المرة علي أن يتولي الجهاز وضع الخطط الكفيلة بتنمية منطقة البحيرات المرة علي النحو الذي يحقق ما تهدف إليه المحافظة من النهوض بالسياحة وغيرها من المشروعات التي تعود بالنفع العام وذلك في ضوء التخطيط العام للمحافظة ليتم تسليم الأراضي للجهاز في 12/10/1982 لاتخاذ اللازم بشأنها.
وبتاريخ 29/12/86 صدر قرار وزير الزراعة رقم "1235" وتضمن تخصيص منطقة اللسان المقام عليها "17" موقعاً وقام بتخصيصها وبيعها.وقد فوض مدير عام الزراعة بالإسماعيلية بالتوقيع نيابة عنه للبيع.
هذه المنطقة الخلابة المنظر والهادئة الجو كانت مطمع لكبار رجال الدولة ليتم الاستيلاء عليها بوضع اليد والبيع بالأمر المباشر من مسئولي المحافظة في هذا الوقت والذين وجدوا أن إهداء هذه القطعة المميزة من أراضي المحافظة لعلية القوم قد تكون جوازا للمرور لمناصب أعلى ولنيل الرضا .
المحامي بالإسماعيلية جودة حسان وأمين لجنة الحريات بحزب التجمع تقدم ببلاغ للتحقيق في وقائع إهدار للمال العام التي قام بها محافظ الإسماعيلية الأسبق الدكتور عبد المنعم عمارة من تخصيص قطع أراضي متميزة على ساحل البحيرات المرة لوزراء وفنانين وكبار رجال الدولة في النظام السابق بأسعار بخسة بواقع أكثر من 100 ألف متر مربع فيما أطلق عليه منطقة " لسان الوزراء "كشفت حجم الفساد الذي استشرى في المحافظة على يد النظام السابق .
وقال جودة حسان مقدم البلاغ الذي دعمه بالمستندات الرسمية في بلاغه للنيابة أن عملية نهب منظم مارسها أركان النظام البائد بالاشتراك مع محافظي الإسماعيلية السابقين تسببت في إهدار مليارات من الجنيهات بتخصيص قطع أراضي مميزة في منطقة أطلق عليها "لسان الوزراء " نظرا للكم الهائل من الوزراء الذي يمتلك أراضي وقصور بالمنطقة الواقعة بابو سلطان بواقع 31 جنيه لسعر المتر الواحد الذي كان يبلغ ثمنه في ذلك الوقت لنحو 500 جنيه وتم التخصيص بالأمر المباشر بالمخالفة للقانون وبسعر بخس مما يشكل إهدارا للمال العام والاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء على المال العام .
وأكد البلاغ أن ما تم حصره بلغ 65 قطعة ارض تتراوح مساحة كل قطعة ما بين 1000 متر إلى 1200 متر للقطعة الواحدة على ساحل البحيرات المرة.
وقال البلاغ أن قائمة المنتفعين طويلة تصدرها الدكتور عاطف عبيد رئيس وزراء مصر الأسبق ومحمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق وصفوت الشريف واحمد فتحي سرور وعلي لطفي وإسماعيل سلام وأبناء حسن علام وراغب دويدار وماهر أباظة ومحمد عبد الوهاب وسلطان أبو علي وفؤاد سلطان .وهناك فنانين منهم حسين فهمي ومحمود ياسين وميرفت أمين وتم تسجيل بعض الأراضي بأسماء زوجات وأبناء لكبار رجال الدولة السابقين .
وقال جودة انه تقدم ببلاغ للمحامي العام الأول لنيابة استئناف الإسماعيلية القاضي مجدي الديب برقم 32 لسنة 2011 عرايض المحامي العام الأول وتم التأشير عليه بالإحالة لنيابة الأموال العامة العليا بالقاهرة والتي بدأت التحقيق في الواقعة .
وقدم حسان عشرات المستندات والتي كشفت تورط عبد المنعم عمارة محافظ الإسماعيلية الأسبق في منح زوجة وابنتي الدكتور كمال الجنزوري وزير التخطيط في أواخر ثمانينيات القرن الماضي قبل أن يتولى الأخير منصب رئيس مجلس الوزراء، ثم يحال إلى التقاعد، قطعة أرض في لسان الوزراء بفايد مساحتها 422 مترا، بالأمر المباشر بقيمة قدرها 3 آلاف و 893 جنيه سدد منها مقدمًا 973 جنيها و45 قرشا والباقي على 5 سنوات بدأت من 1/9/1990 وانتهت في 1/9/1994.
ويقول محمد أيوب احد سكان منطقة فايد بالإسماعيلية أن منطقة لسان الوزراء كانت بمثابة المحرمات التي يصعب على الأهالي المرور من أمامها أو بجوار أسوارها بالإضافة لحظر السباحة أمام شواطئها ويقول أن يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع كانت المنطقة تعج بالحرس الخاص ويمنع مرور السيارات والمارة من الطريق إلا بعد التعرف على أوراق المارة .
ويقول محمد جمعة احد أهالي المنطقة أن منطقة لسان الوزراء كانت وابلا على أهالي المنطقة الفقراء فلقد عانى أهالي منطقة أبو سلطان لسنوات عديدة من نقص كميات الشرب التي كانت تضخ للمنطقة خاصة في فصل الصيف الحارق وعادة ما كانت تقطع المياه بشكل يومي وتأتي في أوقات متقطعة .و
ويضيف كان ذلك يحدث في الوقت الذي تمتد شبكة مياه شرب نقية إلى داخل اللسان لتغذية الحدائق وملء حمامات السباحة بالمياه العذبة التي يحرم منها العامة .
وكان كل من يقترب من اللسان يطلق عليه الرصاص.
ويقول احمد حسن مزارع بأحد حدائق المانجو المجاورة للسان انه كان دائما يرى حركة غير عادية على بوابة اللسان في نهاية الأسبوع وأثناء العطلات الرسمية وكان هذا دليلا على وجود احد من الكبار في الداخل.
ويقول لم نكن نعرف من هو بالداخل تحديدا لكن في اغلب الأوقات كان زكريا عزمي هو أكثر المترددين على المكان وقد شاهدته يوما وهو يؤدي صلاة الجمعة في المسجد المجاور للسان وكان حوله عدد كبير من الحرس الخاص به .
ويواصل ان الاستفادة الوحيدة للأهالي من هذا اللسان أنهم كانوا ينتظرون خروج عزمي من المسجد عقب صلاة الجمعة ويقومون بعرض مشاكل خاصة لهم تحتاج لتأشيرات وزارية وكان يستجيب لهم حتى أن البعض استغل الوضع وكانوا يتقدمون بطلبات للتوظيف في شركات الكهرباء وغيرها وكان ذلك سبب في تعيين العشرات من الشباب في أماكن كثيرة. .