تعيش المنطقة العربية هذه الأيام مفصلا تاريخيا وجغرافيا متغيرا بين المد والجذر بسبب هبوب رياح المصالح القادمة من وراء البحار والمحيطات المتخفية في ثياب الديمقراطية ومحاربة الإرهاب بينما هي في حقيقتها تحمل مخططات شيطانية لضرب الحاضر والمستقبل وقد فضحها الاحتلال الأمريكي لكل من العراق وافغانستان ومظاهر اللعب القبيح في الساحات السودانية والصومالية والقرن الافريقي ومنابع حوض النيل واليمن ولبنان إضافة إلي النشاط المشبوه للسفارات والاستخبارات الأجنبية والإسرائيلية لاشاعة روح الاحباط في باقي الجسد العربي والشرق أوسطي واختراق الأمن القومي. اللافت للنظر ان كل تلك السيناريوهات لا تستند إلي أية شرعية دولية أو مبررات قانونية بقدر ما تقوم علي القوة والهيمنة الغاشمة لضرب استقرار الشعوب سياسيا واقتصاديا وعسكريا والغريب ان البعض أكل الطعم وسارع إلي السير في الركاب وضخ المزيد من الاستثمارات في خزائن المعتدين تحت مظلة شراء السلاح رغم علمم ان هذا السلاح لن يستخدم في كبح جماح الجنوح الاسرائيلي الذي يفاخر جهارا نهارا بالقوة التي لا تقهر.. ولذلك فإن المشكلة تكمن في تغييب العقل الأمر الذي يستوجب اعادة النظر في الاستراتيجية الأمنية العربية من الألف إلي الياء خاصة بعد أن أصبحت المنطقة مهددة بالاختراق علامة علي تفعيل اتفاقية البرنامج المشترك المحبوسة في ادارة الجامعة العربية منذ خمسينيات القرن الماضي بعد أن تعدت التحرشات كل الخطوط الحمراء. وليعلم الكل ان ضخ أموالهم في خزائن الغرب يعود مرة أخري ليصب في الخزينة الإسرائيلية ومن أجل ذلك فإن كل دول المنطقة العربية من الخليج إلي المحيط مطالبة أكثر من أي وقت مضي بضرورة النظر بجدية إلي ما تبثه "ويكيلكس" من وثائق واعتبارها ناقوس خطر جاء في الوقت المناسب ليلفت الانظار إلي ما سيتعرض له العالم من اخطار جسام. كلمة أخيرة: من هذا المنطلق نناشد عقلاء العرب ان يبادروا بنبذ الخلافات الهامشية وتجميع الصفوف واعادة ترتيب البيت ومواجهة ذلك المد الامبراطوري الذي لا يقل في خطورته عما تعرضت له منطقة الشرق الأوسط في منتصف القرن الثالث الميلادي من جانب الصليبيين بل وأشد خطورة بعد ارتفاع سقف المخططات الهكسوسكسونية وخاصة في هذا العصر الذي أطلق عليه علماء الفيزياء والكيمياء عصر حروب الأدمغة وكسر اقفال خزائن الأسرار السرية وقطع شعرة معاوية وعصر ايقاظ الحالمين وشد الأذن ولفت الانظار نحو بانوراما الاخطار والتغيير الديموجرافي الذي بات يلف جسد المعمورة.