وصلني تساؤل من قارئ: لماذا "أصبحت" الحكومة تتعامل مع الازمات بسلبية شديدة وكأن الأمر لا يعنيها؟هل معقول أن تماطل بهذا الشكل مع أصحاب سيارات النقل وتتراجع أكثر من مرة عن الوفاء بالتزاماتها ؟ أردف قائلاً: إن الحكومة تتخبط للأسف في قراراتها مرة تقول آه. ومرة تقول لا.. مرة تعد فيفرح الناس. ومرة تجد وعودها وقد تبخرت فيزداد الناس ثورة وهياجاً.. فهل للأنباء التي تتردد عن قرب التغيير الوزاري صلة ؟ وإلي متي هذا الغموض المحفوف بالمخاطر ؟ *** وللقارئ العزيز وغيره أؤكد أن حكومتنا لم تتغير وليست غامضة أبداً لكي تقول "أصبحت".. للأسف هي سلبية علي طول الخط. صحيح أن هناك عدداً من الوزراء يؤدون واجبهم علي أكمل وجه إلا أن عملهم غالباً لا يمس الجمهور في رزقه واكل عيشه وحياته وقوت أسرته.. وبالتالي.. فإنهم لايسببون أزمات جماهيرية. لعلك يا سيدي تتذكر جيداً طريقة تعامل الحكومة مع أزمات كثيرة سابقة لم تتخذ فيها موقفاً صريحاً وواضحاً وحاسماً مثل رغيف العيش. ومافيا مستودعات الأنابيب. والأقماح الفاسدة ولحوم الساركوسيست. وتوفير الأقطان اللازمة لمصانع الغزل التي أوشكت علي إغلاق أبوابها وتشريد عمالها. واعتصام مئات العاملين علي رصيف مجلس الشعب.. وكلها أزمات حادة لولا أن تدخل الرئيس حسني مبارك شخصياً وأتخذ فيها مواقف حاسمة ما كانت لتجد طريقاً إلي الحل. *** الآن.. نجد أزمة سيارات النقل وقد تجاوزت الخطوط الحمراء وتسببت في كوارث ووصلت إلي حد الخطر فعلاً حيث يتم التعدي علي أي سيارة تخترق الإضراب ولم يتوقف الاعتداء عند حد ضرب هذه السيارات بالحجارة بل تعداه إلي إطلاق الرصاص علي السائقين وإحراق السيارات بحمولتها.. وهذا من وجهة نظري "إجرام" لا يجب السكوت عليه أبداً. لست مع الاستجابة لأي طلبات غير مشروعة يتقدم بها أصحاب سيارات النقل.. فلا يجب "لي ذراع" الحكومة والا تحول الأمر إلي فوضي. لكن في نفس الوقت لا يجب أن تكون الحكومة سلبية أو متخاذلة أو مترددة.. لا ينبغي أبداً أن تصدر توجيهات من وزير المالية لحل المشكلة لتهدئة الأمور.. وعندما تهدأ بالفعل يتم التراجع عنها سواء من الوزير أو من رئيس مصلحة الضرائب فيعود الغليان مرة أخري.. وبشكل أشد. الذي أعرفه وطالما قلته سابقاً خاصة خلال الاعتصامات علي رصيف مجلس الشعب.. انه يجب الجلوس مع أصحاب المشكلة - أي مشكلة - والاستجابة للطلبات القانونية والشرعية التي لهم حق فيها ورفض أي طلب غير قانوني والضرب علي يد أي متجاوز أو منفلت. لكن الأهم.. أن تكون هناك بدائل.. فمن الظلم للناس عامة ولأصحاب حرف أخري مثل البنائين وغيرهم أن توصد أبواب رزقهم ويقعوا بين مطرقة أصحاب السيارات المضربين وسندان سلبية الحكومة. *** يا حكومتنا "الذكية".. لابد من حل جذري.. سأوافق بالثلاثة علي عدم الاستجابة لمطالب أصحاب سيارات النقل لكن أين البديل الذي ينقل البضائع حتي تدور حركة الحياة طبيعية ؟ إذا كان الهدف هو تمويت القضية وتصديرها للحكومة الجديدة فإن حكومتنا تظلم الناس. وتظلم نفسها. وتظلم الحزب الذي تحكم تحت عباءته. ان الظلم.. ظلمات ياسادة.