انتهي الربع الاول من رمضان.. شهر الصوم والشهر الذي له منزلة خاصة عند المصريين بصفة خاصة وعند المسلمين بشكل عام.. إنه شهر العبادة وشهر الصدقة وشهر الاحسان وهو ايضا عند المصريين شهر الطعام وشهر موائد الرحمن وشهر السهر وشهر المسلسلات وشهر العزومات.. هو في النهاية شهر مبارك وكل سنة يأتي ويذهب ومن الناس من يدرك قدره وكيف يستثمره ليفوز بالحسنات ومن الناس من ينتظر ليلة القدر فيه ليدعو بما يشاء سواء للدنيا او للآخرة والسؤال عن الناس والحكومة في رمضان يتعلق بكيف تؤدي الحكومة وكيف يؤدي الناس عملهم في رمضان.. ان رمضان ايها السادة ليس فقط شهر العبادة ولكنه ايضا شهر العمل.. لقد حاربنا وانتصرنا في رمضان.. ولكن هل هذا هو الآن..؟ السؤال كيف نعمل شعبا وحكومة في رمضان..؟ ونترك الاجابة لك أيها القارئ العزيز وايها المسئول العزيز أيضا. أما عن الناس والحكومة فقد أرسل الي بعض القراء - وهذا قد ادهشني كثيرا.. مقالا لي نشر بجريدة "العالم اليوم" يوم الاثنين 28/7/2003 وطلبوا مني بإلحاح ان اعيد نشره وان اسأل او أتساءل هل تغيرت الاحوال ام ان هذا المقال يعبر عن احوالنا الان؟.. ونزولا عن رغبات هؤلاء المتابعين من قراء العالم اليوم الذين يدهشونني بأكثر مما يمكن ان تقوي الكلمات علي التعبير- نزولا علي رغباتهم - اعيد نشر هذا المقال.. ربما تكون "الحكومة" في مصر من اقدم واوائل الحكومات علي مر التاريخ او بمعني ادق ربما تكون مصر من اقدم واوائل البلدان التي عرفت نظام "الحكومة" ان صح انه نظام.. وبلغة هذا العصر فإن "للسلطة التنفيذية" تاريخا طويلا عندنا.. والناس في مصر يحملون تاريخا تجاوز السبعة آلاف عام وبلغة أهل البلد فإن الناس "اصلا" والحكومة ايضا لهما اصول ضاربة في القدم. وعلاقة الناس بالحكومة عندنا علاقة تستحق التأمل فالحكومة لها دائما هيبة واحترام لدي الناس.. الحكومة رمز القوة في نفوس الناس.. الحكومة تعرف كل شيء وليس هناك من هو أقوي منها. والحكومة تقول دوما ان الناس ومشكلاتهم هم شغلها الشاغل.. فمن اجلهم كانت ولتحسين حياتهم وجدت.. وعلي هذا النحو فليست هناك علاقة افضل من ذلك علي الاقل نظريا.. فلماذا اذا نجد الناس دائمة الشكوي من الحكومة.. ونجد الحكومة تشكو ايضا من الناس..؟ أولا: بالنسبة للناس: فإن الحكومة ليست في نظر الناس هي الوزارة والوزراء ولكنها كل الاجهزة الحكومية التي تتعامل معهم ويتعاملون معها في كل شئون حياتهم من عسكري المرور في الشارع الي الضابط في القسم او المديرية ومن المدرس في المدرسة الحكومية الي وزير التعليم ومن الممرضة في المستشفي الحكومي الي وزير الصحة وهكذا.. بما في ذلك مجالس القري والمدن.. ومأمور المركز والقسم ومأمور الضرائب والجمارك.. ومفتش التأمينات.. الحكومة باختصار ليست هي الوزارة والوزراء ولكنها كل الاجهزة وكل موظفي الحكومة في اية مصلحة حكومية.. والناس لديها في هذا الامر وبهذا المفهوم العديد من الشكاوي بل والآهات والصرخات إن شئت.. 1- فأمور حياتها مع الاجهزة الحكومية لا يتم قضاؤها بيسر وسهولة.. ويعبر الناس عن ذلك احيانا باستخدام عبارات ذات دلالة "يوم الحكومة بسنة" ويعبر المثقفون عن ذلك بالروتين والبيروقراطية وغيرها من المعاني حتي اصبحت كلمة روتين تستحضر في الذهن معها بشكل متلازم الحكومة. 2- والناس تري ان الحكومة تعد في احيان كثيرة بما لا تفي به فتصريحات الوزراء وبعض المسئولين لا يجد الناس لها معادلا في حياتهم.. يسمعون مثلا ان الحكومة قد انشأت العديد والعديد من المدارس والمستشفيات ولكنهم يعانون في تعليم اولادهم وعلاج مرضاهم.. وهنا تصبح لغة الحكومة غير مفهومة بالنسبة للناس.. الحكومة تقول اشياء وارقاما والناس لا يشغلها ذلك وانما يشغلها ما هو عليه الحال في حياتهم. 3- والناس تري ان قضاء امورها ومصالحها يكلفها الكثير ممما ليس مطلوبا كرسوم وفوق ما هو مطلوب بكثير ولا تجد امامها سبيلا افضل من ذلك فاذا هي اشتكت تعطلت امورها وربما كان قضاؤها مستحيلا.. رؤساء المصالح الحكومية قابعون في مكاتبهم والموظفون يعاملون الناس بقسوة وعدم مبالاة.. والخروج من ذلك كله شبه مستحيل.. في الوقت الذي يري فيه الناس ان اي شخص مهم او مسئول صغير او عضو مجلس نيابي يستطيع ان ينجز مصالحه ويقضي اموره وهو يتناول كوبا من الشاي في مكتب رئيس المصلحة.. فاصبحت الاجهزة الحكومية اما انها تتحرك بالخوف من المسئول او بدفع الاموال وتفتيح المخ.. وهذا يجعل الناس غير راضين.. فالحكومة تأخذ حقها منهم بألف طريقة وطريقة وتملك من السلطة والقانون ما يمكنها من ذلك وهم لا يأخذون حقوقهم من أي جهاز حكومي الا بالواسطة او السلطة او تفتيح المخ.