ا سير في شوارع الإسكندرية. يلفني الشعور بأنها الطابق الثالث من مدينة موغلة في القدم. إسكندرية الفرعونية. إسكندرية البطلمية. إسكندرية الحالية. العربية. ينسب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم قوله: "مدينتان من مدائن الجنة. هما من مدائن العدو. وإنهما ستفتحان علي أمتي. إحداهما من مدائن الروم يقال لها الإسكندرية. والأخري من مدائن الديلم يقال لها قزوين. فمن رابط في إحداهما ليلة واحدة. خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله قال: "صلي الله عليه وسلم""الإسكندرية وعسقلان عروستان. والإسكندرية أفضلهما. وإنها لتأتي يوم القيامة تزف بأهلها إلي بيت المقدس. فمن رابط بالإسكندرية أربعين يوما. كتب الله له براءة من النار. وأمن من العذاب. وخيار أهلها أفضل من خيار غيرها. وشرار أهلها أفضل من شرار أهلها. وهي مدينة ذي القرنين. مكتوبة في توراة موسي. وزبور داود. والإنجيل والفرقان. موصوفة في الكتب. يعرفها أهل العلم باسم الخضراء. واسمها في الزبور والتوراة المذهبة. وفي القرآن مدينة ذي القرنين. يبعث الله منها سبعين ألف شهيد. وجوههم علي صورة القمر ليلة البدر. يعطي كل واحد منهم نورا علي الصراط. ويشفع كل واحد منهم لسبعين ألفا. فطوبي لمن رابط فيها". وعن نافع بن عمر أنه استمع الي الرسول يقول: "أحب الرباط إلي الله عز وجل رباط الإسكندرية. لأنها تزف علي الخلائق يوم القيامة في صورة مدينة نورها يتلألأ. مكللة بالدر والياقوت. وذلك بفضل شهدائها". يصف ابن جبير الإسكندرية في زيارته لها في النصف الثاني من القرن السادس الهجري: "ما شهدنا بلدا أوسع مسلكا منه. ولا أعلي مبني. ولا أعتق". وهي في وصف ابن بطوطة الثغر المحروس. والقطر المأنوس. العجيبة الشأن. الأصيلة البنيان. وصفها الناس فأطنبوا. وصنفوا في عجائبها فأغربوا". وهي كما وصفها سليم الأول عقب زيارته الأولي لها "إقليم لا نظير له". ويصف ابن عبد المنعم الحميري منار الإسكندرية قبيل نهاية الألف الأولي من التاريخ الميلادي: "إن من دخله. ولم يعرف مسالكه. تاه فيه وضل. لأن طرفه تؤدي إلي أسفله. وإلي البحر . وقد قامت جماعة من المغاربة بالدخول إلي المنار وهم راكبين خيولهم ليروا ما فيه من العجائب والغرائب. فتاهوا في الممرات. وضلوا طريقهم. وفقد منهم عدد كبير". وقيل إن أهل الإسكندرية كانوا يوجهون مرآة المنار بطريقة معينة بحيث تعكس أشعة الشمس نحو سفن الأعداء. وهي علي بعد عشرات الكيلو مترات من المدينة. فتحرقها!.. وفي 1866 وضع محمود باشا الفلكي أول خريطة للإسكندرية القديمة. أسفل بنايات الإسكندرية الحديثة. حدد مواقع الاحياء والقنوات وأماكن الآثار الغارقة في الميناء الشرقي "المينا الشرقية". الإسكندرية القديمة معابدها وأحياؤها الملكية والوطنية تحت قاع البحر. جزء منها يمتد موقع قلعة قايتباي حتي موقع السلسلة بالشاطبي. أنت تسير في شوارع المدينة. لا تطأ مجرد شوارع وحواري وأزقة. لكنك تطأ التاريخ منذ عصور سحيقة. بلغ عدد سكان الإسكندرية في العام المائتين قبل الميلاد مليون نسمة. كانت ثاني مدينة في العالم بعد روما. وكان أهلها يتكلمون العديد من اللغات. وهي الآن واحدة من المدن الخمسين الكبري في العالم.