رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    تحرك جديد في أسعار الذهب.. والأسواق تترقب بيانات التضخم الأمريكية    دعم اوروبي 10 ملايين يورو لنفاذ مياه الشرب إلى المناطق المحرومة في إفريقيا وآسيا    «المصري للفكر والدراسات»: مصر أكدت رفضها تصفية القضية الفلسطينية من مضمونها    بين أوكرانيا وإسرائيل وغيرهم.. الكونجرس يتبنى حزمة مساعدات دسمة    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مواعيد مباريات الجولة 20 من الدوري المصري.. عودة القطبين    ضبط 65 كيلو مخدرات بقيمة 4 ملايين جنيه بمحافظتين    بعد مقتل ربة منزل على يد زوجها فى ملوى فى لحظة غضب ..نصائح هامة يقدمها طبيب نفسى    نقابة الموسيقيين تنعى مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    بكلمات مؤثرة.. ريهام عبدالغفور توجه رسالة لوالدها الراحل في حفل تكريمه    في الذكرى ال42 لتحريرها.. مينا عطا يطرح فيديو كليب «سيناء»    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    إزالة إشغالات وحالات بناء مخالفة في دمياط الجديدة    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميد الأثريين د‏.‏ عبد الرحمن الأنصاري‏:‏
البحر الأحمر مفتاح تاريخ العرب
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2010

‏ربما كان السبب في إجراء هذا الحوار وفي هذا التوقيت‏..‏ ليس فقط شخصية المتحدث وهو الدكتور عبد الرحمن الطيب الانصاري عميد الأثريين في الجزيرة العربية والمسئول عن مشروع الكتاب المرجع في تاريخ الامة العربية والذي صدر حديثا في سبعة مجلدات تحت رعاية جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اليكسو‏,‏ وهو عمل تاريخي اعتبره د‏.‏ عبدالرحمن الانصاري مشروع عمره وكان يمكن أن نتوقف معه عند حدود الاحتفال بصدوره خاصة بعد اجتماع مائتين وخمسين مؤرخا من كل أنحاء العالم العربي تحملوا وحدهم مشقة البحث وما يفرض عليهم من نقد وتمحيص وأراء تحكم في النهاية علي هذا العمل بالفشل أو النجاح‏.‏ وأما السبب الاخر وراء إجراء هذا الحوار وفي هذا التوقيت فلا يبتعد كثيرا عن الفكرة نفسها التي حملها المرجع وهي أن العرب قد نجحوا في الاتفاق علي كتابة تاريخ صحيح وموحد للعرب والعروبة‏.‏ وإنه جهد يشعرون اليوم أنهم قدموا من خلاله صورة ثابتة تسترجعها الاجيال القادمة بعد أن نجح الاباء في الوصول إلي كلمة سواء في كتابة تاريخهم الذي يحتمل الكثير من نقاط الاتفاق والاختلاف‏.‏ فمنذ فترة والأصوات تتعالي مطالبة بإعادة كتابة التاريخ العربي وهناك تيار واضح في الثقافة المصرية يتبناه الآن مؤرخون وكتاب معنيون بفكرة إعادة قراءة الأحداث من جديد بهدف وضع الامور في نصابها الصحيح‏.‏
ولدي هؤلاء منطقهم فمن لايقرأ التاريخ لايعرف شيئا عن هويته الحقيقية‏.‏ والمشكلة وحسب رؤيتهم أن الكثير من الأحداث والتفسيرات قد قبلت كما هي دون بحث أو مناقشة حتي إنها اصبحت من المسلمات‏.‏ فقد أسسنا لقصص وحكايات ولدت في الاصل بناء علي معلومات خاطئة وصلت إلينا لم نتحر صحتها‏.‏ فخرجنا من دائرة القراءة الصحيحة لتاريخنا وتركنا لغيرنا مساحة ليرسم لنا صورا زائفة‏.‏ وهو ما دفع بالعديد من المستشرقين والكتاب الغربيين للهجوم علي تاريخنا العربي من نفس مدخل البناء علي مسلمات لم نتحر دقتها‏.‏ ربما أعتبرت هذه مقدمة طويلة ولكنها بدايات للتعارف علي هذا الحوار مع هذا العالم الكبير الذي جاء إلي مصر أخيرا فطرح أمامنا تساؤلات أكثر من كونها إجابات‏.‏
‏‏ د‏.‏ الانصاري من المعروف أن مشروع الكتاب المرجع لتاريخ الأمة العربية قد بدأ منذ أكثر من عشرين عاما ولكنه توقف ثم عادت فكرة إصداره من خلال سبعة مجلدات من جديد‏..‏ فإلي أين وصلتم؟
‏}‏ انتهينا بالفعل من هذا العمل وكنت قد اقترحت علي منظمة الاليسكوعقد مؤتمر يجتمع فيه كل العلماء الذين شاركوا في هذا المرجع‏.‏ وفي الوقت نفسه ندعوإليه أيضا مشاهير المؤرخين ليقولوا كلمتهم وليروا إذا ما كانت هناك تعديلات تضاف لنخرج في النهاية بنسخ منقحة يتفق ويرضي عنها جمهور المؤرخين‏.‏ كما أن هذا المؤتمر سيقوم بلا شك بدور تعريفي بهذه الموسوعة ولهذا أتمني أن يعقد في اقرب فرصة‏.‏
‏‏ وما هي الموضوعات والفترات الزمنية التي تناولتها المجلدات السبع كعناوين رئيسية لتاريخ العرب؟
‏}‏ الجزء الأول حرصنا علي أن يتناول تاريخ الوطن العربي قبل الإسلام منذ الألف الرابع قبل الميلاد أي عصور ما قبل الإسلام وهذه الفترة غنية بالحضارات العربية‏.‏ وأما الجزء الثاني فيتناول فترة البعثة النبوية وانتشار الإسلام وعلاقة المسلمين بغير المسلمين‏.‏ ويناقش الجزء الثالث قيام الدولة الاموية ثم الدولة العباسية في الجزء الرابع ثم فترة الانحطاط في الجزء الخامس والنهضة العربية في الجزء السادس ثم اخيرا الإنجازات الحضارية في الجزء السابع‏.‏
‏‏ وما المقصود تحديدا بفترة النهضة العربية؟
‏}‏ هي الفترة التي شهدت تعليم المرأة ودخول الطباعة ومعالم النهضة في كل دولة عربية علي حدة‏.‏
‏‏ وكيف كان يسير العمل في هذه المجلدات السبعة؟
‏}‏ كل جزء كونا له لجنة‏.‏ وهذه اللجنة هي من يضع المنهج حسب الاختصاص‏.‏ وفي النهاية يبقي علي جميع المؤرخين أن يلتزموا بشروط معينة وهي الحيادية وعدم الانفعال والابتعاد عن النقاط التي تفرق من حيث العصبية القبلية أوالعرقية أوالطائفية‏.‏ ودائما كنت أحثهم كمقرر للجنة العلمية علي أن يكتبوا باسلوب هادئ متزن بقدر الامكان‏.‏
‏‏ دائما كنت تسأل عن أصعب الاجزاء التي يمكن أن تسبب جدلا في هذا الكتاب وكان من المتصور ان يكون الجزء الخاص بالفتنة الكبري‏.‏ والان وبعد أن انتهيتم من العمل نسألك بشكل عملي؟
‏{‏ نحن نبحث عن التوازن وكنا نتحدث عن كل شخصية في ذلك الزمن بشئ يضمن القبول والموافقة عليه بين المصريين والسعوديين والمغاربة والشوام والعراقيين‏.‏ وبالنسبة للجزء الخاص بالبعثة المحمدية فقد حرصنا علي إيضاح علاقة المسلمين بغير المسلمين‏.‏ فعندما جاء الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة لم يقلل من قيمة أية قوة موجودة كالأوس والخزرج وأوضحنا أيضا المعاهدات بين الرسول واليهود ومعاهدة نجران والردة وزمن حكم عمر بن الخطاب ثم الفتنة الكبري بشكل موضوعي‏.‏ إلا انك قد لا تتصورين ان الجزء الخاص بالعصر الحديث كان من أصعب الاجزاء‏.‏ وكان في تصوري أنه من الاجدر الحديث عن منجزات الجامعة العربية ولكن الزملاء وجدوا أن هناك موضوعات أخري حضارية‏.‏
فركزنا علي المنجزات الحضارية لأن الانسان العربي متخم بالسياسة‏,‏ كما أنه يشعر بأن ما قدمه لا يمكنه التفاخر به‏,‏ ولهذا ركزنا علي المنجزات الحضارية‏,‏ لكي يشعر انه قدم شيئا ذا قيمة وأنه شارك في مسيرة الحضارة الإنسانية‏.‏
‏‏ بعض الناس لا يعرف الكثير عن فكرة الانجاز الحضاري العربي‏.‏ وأنتم عدتم بالزمن إلي حضارات قديمة كالفرعونية والآشورية والفينيقية والكلدانية وقلتم للناس هذا تاريخكم‏.‏ فما أكثر ما توقفتم عنده من حقائق اعتبرت قراءة جديدة؟
‏{‏ هناك بعض الحقائق منها أن الابجدية بدأت في سيناء ثم انتقلت إلي سوريا ومنها إلي فينيقيا وبعدها بزمن إلي الجزيرة العربية‏.‏ كما أن هناك الكثير من الحضارات للكلدانيين والآشوريين والبابليين والسومريين‏.‏ وهناك أيضا اللخميون وهؤلاء علي سبيل المثال لديهم قبيلة تسمي التنوخيين أي الذين ينيخوا الابل ولهم كتابات في شرق الجزيرة العربية وشواهد قبور ينسب فيها الانسان إلي أمه وليس أبيه‏.‏ وهذه ظاهرة لم نعهدها من قبل في الجزيرة العربية‏.‏ وهي نظام الامومة‏.‏
‏‏ العصور القديمة قبل نزول الوحي لماذا اخترتم هذه كبداية لأول الكلام ؟
‏{‏ الحقيقة انني كنت في تونس عندما تحدثت إلي الدكتور عبد العزيز الدوري الذي كان مسئولا عن هذا المشروع من قبل بوصفه رئيسا للجنة وطلبت منه أن نضيف مساحة للحديث عن العرب قبل الاسلام‏.‏ وقلت له وقتها أنه ليس من المنطقي الا يوجد شئ أوبصمات للحضارة في منطقة الجزيرة العربية وبلاد الرافدين والشام في تلك الفترة‏.‏
واقتنعوا بعد قدر من الجدل بأهمية هذا الجزء وأعتبره من الاشياء التي أضافت بعدا تاريخيا للعالم العربي‏.‏ فهناك العصر الحجري القديم والوسيط والحديث والممالك العربية المتأخرة‏.‏
فالمشكلة اننا نتحرك بعيدا عن هذه الفترة ونركز فقط علي التاريخ الاسلامي والتاريخ الحديث‏.‏ وللأسف هناك شئ من الاغراب في عملية تكون الاساطير‏.‏ فأختلطت الأسطورة بالحقيقة التاريخية‏,‏ ولذلك حاولت بقدر الامكان أن أخفف من المغالاة في تشكيل التاريخ بناء علي الاساطير التي أدخلها اليهود‏.‏
مملكة سبأ
‏‏ مثل ماذا؟
‏{‏ مثل قصة الملكة بلقيس ملكة سبأ‏.‏ فهناك محاولة لربط سيدنا سليمان عليه السلام بجنوب الجزيرة العربية‏.‏ وهناك من يقول إنه كانت توجد هناك ملكة اسمها بلقيس‏.‏ وهذه الملكة جاءت إلي سليمان عليه السلام حتي إنه قيل أن أحد ملوك الحبشة من نسل هذه الملكة‏.‏
وهذه أسطورة والهدف منها إيجاد رابط بين جنوب الجزيرة العربية وفلسطين‏.‏
ومما قيل أيضا أن هناك أسطولا بحريا كان يملكه سليمان عليه السلام وانه كان يقطع البحر الأحمر من الشمال إلي الجنوب‏.‏ وهذا كلام مختلق‏.‏
وهناك آلاف النصوص التي تتحدث عن تاريخ اليمن‏.‏ ومع ذلك لم يذكر هذا ابدا‏.‏ ومن يجد شيئا من هذا فليأت بحجته‏.‏
هذا في حين أن النصوص الاشورية جاءت لتؤكد وجود خمس ملكات في الشمال كن بالفعل يقمن بشئون الحكم بالإضافة إلي الكهانة‏.‏ وهوما يعني القيام بدور الملكة والكهانة في الوقت ذاته‏.‏
ولهذا نجد الهدهد وكما جاء في القرآن الكريم مكث غير بعيد‏.‏ وهذا معناه أن الوضع الجغرافي لهؤلاء الملكات في الشمال يجعل المسافة قريبة مكانيا‏.‏ فسبأ في الاساس كانت في الشمال في منطقة الجوف والتيماء دون تعسف مني‏.‏ وقد قال هذا من قبل د‏.‏ جواد علي المؤرخ العراقي الشهير ود‏.‏بيومي مهران العالم المصري المتميز‏.‏ ولذلك فانا اتبعت هذا المنهج ووجدت الدلائل التي تؤيد هذا الاتجاه‏.‏ ثم بعد ذلك لم يتحدث القرآن الكريم عن اسم هذه الملكة‏.‏ وهناك كثير من المؤرخين الذين لايزالون يتبعون هذه الاسطورة وخاصة في القنوات الفضائية‏.‏ ولا أريد أن أسمي أحدا منهم‏.‏
‏‏ وما هوالسبب في التمسك بهذه المرحلة والتحقق منها بل واعتبارها مهمة خاصة بك؟
‏{‏ عندما أنهيت دراستي للدكتوراة في بريطانيا عام‏1966‏ وكانت عن النقوش اللحيانية في شمال الجزيرة العربية تطبيقا علي منطقة العلا جنوب مدائن صالح ومقارنة بأسماء الإعلام من الألف الثاني قبل الميلاد حتي العصر الجاهلي وجدت الكثير من الحقائق‏.‏ وعندما عدت كنت حريصا علي أن أواجه الكثيرين بالحجة‏.‏ فكثير من الناس لا يحبذون الحديث عن الجاهلية‏.‏ ذلك لان الاسلام هوكل شئ وهذه حقيقة ولكن الاسلام بني علي حضارات متنوعة‏.‏ والرسول صلي الله عليه وسلم يقول انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق‏.‏ فهناك أخلاق جاء الاسلام لاتمامها وكثير من الحقائق والاخلاقيات أقرها الاسلام‏.‏ ولم ينف الاسلام الا كل ما يتعارض مع عقيدة التوحيد‏.‏ ولا أظن بأي حال أن المستوي الرفيع للقرآن الكريم كان يخاطب قوما يجهلون أشياء كثيرة‏.‏ فدلالة الآيات القرآنية تعني وجود مستوي رفيعا من الحضارة يعرفها العرب‏.‏ ومن هنا جابهت الكثير من المشاق‏,‏ وحاولت قدر الامكان أن آخذ الامور بالحسني وقد فتح الطريق أمامي في عهد الملك فيصل رحمه الله‏.‏ وبدأت تنقيباتي في منطقة الفاووالربع الخالي التي تبعد سبعمائة كيلومتر جنوب غرب مدينة الرياض في الطريق إلي نجران‏.‏ وأنشأت أول قسم للأثار بجامعة الملك سعود وساهم فيه الكثير من العرب ومنهم د‏.‏ جمال مختار العالم المصري القدير الذي شغل منصب رئيس هيئة الاثار المصرية‏.‏ وبعد أن تقاعدت وجدت أن واجبي يقتضي إطلاع المجتمع علي الكثير من الاشياء‏.‏ وبدأت في الكتابة عن العلا ومدائن صالح ووجدت وحسب تقديري أن الثموديين وهم قوم صالح عاشوا في ما لايقل عن الالف الثالث قبل الميلاد‏.‏ ففي سورة غافر نجد أن من يقول أقبلوا هذه الدعوة حتي لا يحدث لكم مثل ما حدث لعاد وثمود‏.‏ وهذا يعني ان البعد الزمني من وضع موسي وفرعون لا يقل عن الألف الثاني قبل الميلاد‏.‏
‏‏ أجد أنك توقفت أيضا عند عدة مدن داخل نطاق الجزيرة العربية مثل مدينة تيماء لتتحدث عنها فلماذا وقع عليها الاختيار؟
‏{‏ لأن حضارة تيماء هي المخزن أوالمكنز الثاني في الجزيرة العربية‏.‏ أما المكنز الأول فهوعدن باليمن‏.‏ والمكنز هوالمكان الذي تكنز فيه البضائع التي تأتي من شرق إفريقيا ومن غرب الهند‏,‏ ثم تشحن إلي الشمال عن طريق القوافل‏.‏
والمكنز الثاني كما قلت هوتيماء ويدل عليه الخرطوش الفرعوني الذي وجدناه هناك ويعود إلي الألف الثاني قبل الميلاد‏.‏ وهذا يدل علي وجود صلة قوية بين مصر وشمال غرب الجزيرة العربية‏.‏ وهذا الخرطوش يعود إلي فترة رمسيس الثالث ومعني هذا أن هناك طريقا كان يشمل منطقة شمال غرب الجزيرة العربية وسيناء‏.‏
ثقافة البحر الأحمر
‏‏ منذ سنوات كنت تحاضر في مكتبة الاسكندرية حول ثقافة البحر الأحمر‏..‏فهل توجد لهذه المنطقة ثقافة خاصة بها وحدها؟
‏}‏ للأسف لا يوجد اهتمام بهذا ولذلك فأنا أدعوإلي إنشاء مركز للدراسات الحضارية لمنطقة البحر الأحمر من الشمال إلي الجنوب‏.‏
ذلك لأن البحر الأحمر مر بالكثير من الحضارات القديمة التي تبدأ من الحضارة الفرعونية وقد بلغت أوج مجدها في زمن الملكة حتشبسوت ثم البطالمة والرومان والفترة الاسلامية بعمقها ثم الحروب الصليبية والبرتغاليين‏.‏ وفي الوقت الحالي نجد إسرائيل في الشمال في إيلات والصومال وارتيريا في الجنوب‏,‏ وبينهما سواحل مصر والسودان والسعودية واليمن‏.‏ فحضارة البحر الاحمر لا تقل أهمية عن حضارة البحر المتوسط والخليج ولهذين المكانين مراكز أبحاث كثيرة ولم يحدث هذا في حالة البحر الاحمر‏.‏
‏‏ ذكرت إسرائيل في الشمال ؟
‏}‏ المقصود عمل دراسات حول هذه المنطقة لنفهم ما يحدث وما يمكن أن يحدث وما يمكن أن تفعله إسرائيل‏.‏
‏‏ وبالنسبة للبطالمة ألم يكونوا أكثر ارتباطا بحوض البحر المتوسط؟
‏}‏ بالنسبة للبطالمة فقد بنوا موانئ علي البحر الاحمر وحاولوا السيطرة علي هذه المنطقة في صراعهم مع العرب الانباط‏.‏
‏‏ بالمناسبة‏..‏ يتكرر الحديث في هذه الأيام حول الانباط الذين خرجوا فجأة من كتب التاريخ في حين أننا لم نعرف عنهم الكثير من قبل ؟
‏}‏ العرب الانباط هم إحدي القبائل العربية التي تسكن جنوب الأردن وعاصمتهم البتراء وكانوا علي خلاف دائم وصراع اقتصادي بينهم وبين السلوقيين في بلاد الشام والبطالمة في مصر في سبيل السيطرة علي الطرق التجارية‏.‏ وطرق التجارة كانت تمتد من جنوب الجزيرة العربية حتي الشمال‏.‏ تيماء ومدائن صالح والجوف أودومة الجندل‏.‏
ولعلها كانت القبيلة العربية اللصيقة بالحضارة المصرية في الالف الاول قبل الميلاد‏.‏ وكانت الحجر مدائن صالح هي العاصمة الثانية للانباط‏.‏ وكان علية القوم يقيمون بالحجر لانها في منطقة واسعة كثيرة المياه صالحة للزراعة‏.‏
وما هوموجود من نقوش لا صلة له بثمود‏.‏ فكثيرا ما يحاول المؤرخون الربط بين ثمود والحجر وأذكر انه عندما صدرت الفتوي في المملكة العربية السعودية بأنه علي سكان منطقة مدائن صالح أن يهجروها لأنها منازل قوم ثمود‏,‏ فقابلت الشيخ محمد الحركان وزير العدل حينذاك‏.‏ وقلت له هل قرأت النقوش الموجودة علي المقابر‏.‏ فقال لي مستغربا‏..‏ وهل هناك من يستطيع قراءتها؟ قلت له نعم‏.‏ أنا أستطيع ولا صلة بينها وبين ثمود‏.‏ ولكن المنية عاجلته قبل أن يتحول الامر إلي غير ذلك‏.‏ سؤالي الأخير عن اقتراحاتكم كعالم في هذا المجال بالنسبة لدراسة النقوش والكتابات في منطقة البحر الاحمر؟
‏}‏ كنت أتمني ان يلحقوا بدار الكتب والوثائق المصرية قسما لدراسة النقوش والكتابات في منطقة شرق البحر الاحمر وجنوب مصر والصعيد‏.‏ لأن هذه المنطقة شهدت حركة الانباط واقترحت أيضا تكوين فريق من أقسام اللغة العربية والاجتماع ودار الوثائق ليقوموا بتصويرها وقراءتها‏.‏ فهذه كنز من الكنوز لا ينبغي إهماله‏.‏ ومازلت أطالب بهذا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.