انطلقت الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية اليوم ولا شك ان الرضا بنتيجة وكلمة الصندوق هو أساس الديمقراطية التي ارتضيناها أسلوبا ومنهجا وتم خوض الانتخابات من هذا المنطلق وبالتالي من غير المنطقي أن يردد البعض أو يهدد بثورة ثانية أو يحذرالبعض الآخر من تردي الأمن في حالة ظهور النتيجة بشكل معين لا يرضي هذا الاتجاه أو ذاك. تحدثنا مع الخبراء عن هذه النغمة المرعبة التي بدأ التسويق لها في الشارع الانتخابي وبين المواطنين فأكدوا ان اثارة الرأي ضد النتيجة مخالفة صارخة وديكتاتورية مرفوضة. أوضحوا ان الحملات الانتخابية يجب ان تتميز بالذكاء من أجل صالح واستقرار الوطن ولابد أن يقبل الخاسر بالنتيجة طالما انه قبل بقواعد اللعبة وخاض المعركة. اشاروا إلي أن اللعب علي أوتار الخوف ضعف ويجب الابتعاد عنه مشددين علي ان هذا الاسلوب يتنافي تماما مع الأساليب الديمقراطية التي اعتدنا عليها في دول العالم المتمدين. * د.مغاوري شحاتة أمين عام حزب مصر القومي قال نحن نعيش مرحلة خطيرة لا نستطيع فيها ان نفرق بين الديمقراطية والفوضي وهذا يعود إلي نقص الثقافة السياسية والأمية والانحياز الأعمي للمرشح الذي نناصره دون ان نعترف ان لكل شخص مزايا وعيوبا بل نري فيمن نؤيده كل المزايا ونلصق فيمن يخالفنا الرأي كل العيوب. اضاف ان ما رأيناه من ارهاب وترهيب من جانب المرشحين للرئاسة يتنافي مع أبسط قواعد الحملات الانتخابية في العالم فهي في الغالب تتحدث عن المستقبل وكيفية سد العيوب والثغرات التي حدثت في الفترة السابقة وتقديم برنامج متكامل عن كيفية تحقيق التطور الصناعي والاقتصادي علي سبيل المثال وتأثير ذلك علي رفاهية المواطن والشعب ككل والعلاقات الدولية مع مختلف دول العالم وهذا ما شاهدناه واضحا في حملتي الرئاسة الفرنسية منذ اسابيع قليلة والأمريكية حاليا. أما لدينا فالتنافس يعتمد علي اشياء أخري.. صحيح انه من حق كل مرشح ان يؤكد انه الأفضل والأحسن وان اختياره هو عين الصواب ولكن ليس من حقه ان يهدد ويتوعد ونري احد المرشحين يقول ان الانتخابات ستكون مزورة إذا لم يكتب له النجاح فالطبيعي والسياق المنطقي للانتخابات ان تكون نزيهة قياسا علي انتخابات مجلسي الشعب والشوري والمرحلة الأولي من الانتخابات الرئاسية. كذلك لا نتقبل من المرشح الآخر ان يقول ان الانفلات الأمني سيكون في انتظارنا وانه سيزداد شراسة إذا لم يوفق فقد كنا بصراحة ننتظر من الثورة اشياء افضل تخفف من المشاكل التي عانينا منها لسنوات طويلة. أكد ان التجريح في الاشخاص ليس من سمات الديمقراطية في شيء فلا يعقل ان يصل إلي النواحي الشخصية والخاصة ونتمني ان نري المرشح وهو يتحدث عن برامج مستقبلية لا عن الماضي وان تكون اللغة رفيعة خاصة اننا نتحدث عن مرشح لرئاسة الجمهورية يجب ان يتميز بطهارة القول وعفة اللسان. * اللواء فؤاد نبيل الخبير الاستراتيجي يرصد الظاهرة بقوله في الديمقراطيات العريقة مثل أمريكا وفرنسا وانجلترا تكون مرحلة الانتخابات بعيدة عن الانضباط فالجميع يخرج عن القواعد ولا يلتزم بالشروط الموضوعية التي تضمن حوارا هادئا وغالبا ما يتم اطلاق اتهامات باطلة. قال ان المرحلة الحالية يحاول كل طرف ان ينال من الطرف الآخر بطريقة شرعية وغير شرعية ويرتكب العديد من المخالفات ولا يلتزم بالتقاليد والاعراف رغم ان لكل شيء حدودا وقيودا ليس فقط في الاتهامات المتبادلة والعنيفة بين الطرفين ولكن حتي في مستوي الانفاق فرغم تحديد مبلغ 10 ملايين جنيه كحد اقصي للانفاق فإن مستوي الانفاق الذي شاهدناه عبر الايام الماضية وحتي الآن يؤكد ان المبالغ التي تم انفاقها تزيد علي ذلك بكثير وتصل إلي مئات الملايين من الجنيهات. أوضح اننا نعيش الآن سيولة في التصريحات وكثيرا ما تتناثر الطلقات من هنا أو هناك متوقعا بعد اعلان النتيجة الا يرضي انصار الطرف الخاسر بها وقد يقوم بتصرفات غير منضبطة ولكن نتمني الا تصل إلي مرحلة التجريم وان تظل في اطار الصحيح في الخروج مثلا في مظاهرات سلمية واحتجاجات هادئة مثلما حدث من انصار حمدين صباحي ود.عبدالمنعم ابوالفتوح عندما ظلا يومين يعبران عن رفضهما للنتيجة في صورة مظاهرات. طالب في نفس الوقت بالرد الحازم علي أي افعال مؤثمة يأتي بها الطرف الخاسر حتي لا تنفلت الأمور ويحدث ما لا يحمد عقباه فأي فعل متهور يشبه الطلقة التي لا يمكن ايقافها عندما تخرج وكذلك الفعل المتهور يحدث الفعل السييء لحظة فعله مشيرا إلي أن السبب فيما وصلنا إليه من مشاكل الآن يعود إلي التساهل من البداية في علاج الاخطاء البسيطة وعدم التصدي لها بحزم مبكرا. * د.سعيد عبدالعظيم رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي يري ان كل مرشح الآن يحاول استخدام جميع الاسلحة المباحة وغير المباحة لارهاب الطرف الآخر متصورا ان هذا هو الطريق الأفضل للحصول علي أكبر عدد من الاصوات فواحد يهدد بورقة انعدام الأمن وآخر ينذر بثورة جديدة وفي النهاية فالمواطن لا يستفيد من ذلك بل هو ضائع بين الطرفين. أوضح ان هناك ما يعرف بالضمير الجمعي فكل طرف يريد ان يصل بيقين الناخبين إلي الإيمان بأنه في حالة فشله وعدم نجاحه سيكون الأمر مظلما وسنصحو علي كارثة كبري ندفع فيها الكثير وهذا بالتأكيد لا يتماشي مع الديمقراطية وفي نفس الوقت يؤكد اننا مازلنا في بداية الممارسة الديمقراطية التي لكي تنضج وتتضح بصورة افضل تحتاج إلي الكثير من الوقت والأهم توافر الثقافة التي تحض علي هذه النوعية من الممارسة. أكد ان كل طرف يلعب علي العامل النفس سواء بين الافراد المؤيدين له والموالين وايضا للذين يقفون في المعسكر المناهض فهو يحاول ان يظهر أمام الموالين له انه قوي ومسيطر علي الأمور ويمتلك تحريكها وبالتالي يستمرون في الولاء له واختياره خاصة الموالين الذين يخالف ان يغيروا آرائهم في اللحظات الاخيرة وايضا اتباع المعسكر الآخر يحاول ان يرسل لهم رسالة بأن البقاء في المعسكر الآخر لن يضمن لهم التمتع بجني الثمار التي سوف تتساقط عليهم في حالة نجاحه الخلاصة انهم لعبوا علي عنصر الخوف وهذا في رأيي ضعف. * د.محمد سعودي استاذ العلوم السياسية يؤكد اننا ننسي في غمرة التنافس الشديد علي الصوت الانتخابي ان الصندوق يجب ان يكون الفيصل في حسم أي منافسة طالما ارتضينا بقواعد اللعبة من البداية ورأينا فيما اتخذناه من خطوات ضمانة لنزاهة الانتخابات. اضاف للأسف هناك بعض المرشحين الذين لا يعترفون بقواعد السياسة ولا يتقبلون فكرة الهزيمة بأي حال من الأحوال متناسين ان أمامهم فرصة لاعادة الكرة من جديد ومحاولة التقدم لنيل ثقة الناخب في المرات القادمة خاصة وان منصب رئيس الجمهورية لم يعد لدينا ابدي لا خروج منه الا بالوفاة. أوضح لابد ان يرسخ في عقول الناس ومنهم المرشحين بالتأكيد ان قواعد الممارسة الديمقراطية تختلف بشكل كلي عن النظم الشمولية والدكتاتورية فالمرشح يتقدم بخطته ومنهجه في العمل المستقبلي ويحاول بالطرق العقلانية اقناع الناخب باختياره وفي سبيل ذلك مسموح ببعض الخروج عن القواعد المتعارف عليها ولكن ليس مسموحا انتهاك الديمقراطية بالتهديد والوعيد للمواطنين بأن عدم اختياره سيكون وبالا عليهم وسيؤدي بهم إلي مشاكل لا حصر لها. يضيف لا نستطيع ان ننكر انه في الحملات الانتخابية في الخارج بعض الخروج عن القواعد وهذا مسموح به في ظل الثقافة السائدة هناك حيث يعرف الناخب جيدا ان التصريحات النارية تبقي في اطارها الصحيح وأنها لا تخرج عن كونها تصريحات في فترة الدعاية.. أما المشكلة لدينا فمع انخفاض المستوي الثقافي والسياسي والتعليمي فمثل هذه الحملات تؤثر في الناخب بشكل سييء وتجعله يصل إلي مرحلة الخوف لدرجة ان البعض يتمني ان تعود الأمور إلي ما كانت عليه قبل الثورة رغم المشاكل التي عاني منها. * كمال أبوعيطة وكيل لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب يحدد المشكلة من وجهة نظره في اننا وصلنا إلي الانتخابات قبل ان نضع النقاط فوق الحروف بمعني اننا لم ننته من وضع الدستور حتي يعرف الرئيس القادم ما عليه من واجبات وما له من حقوق حتي يتصرف علي هذا الاساس ولا يطلق العنان للتصريحات وايضا لم ننته من النظر في دستورية قانون العزل السياسي من عدمه حيث كان شكل المعركة الانتخابية سيختلف تماما عما هو حادث الآن وكانت النتيجة ستكون أكثر تقبلا من الجميع. أوضح انه بجانب الخروج عن القواعد من المرشحين فالناخب ايضا في حيرة شديدة في عملية الاختيار حتي لحظة انطلاق الجولة الثانية فهو لا يتصور ان يعود الحزب الوطني إلي الحكم بأي صورة من الصور حتي بعد التطوير والتجميل والتحسين وفي نفس الوقت يرفض ان يسيطر الإسلام السياسي علي الغالبية العظمي من سلطات الدولة ولا يعرف من يختار ولذلك ليس أمامه الا ان يختار أقل الضررين من وجهة نظره أو ان يبطل صوته وبالتأكيد هذا ليس في صالح الديمقراطية التي قامت الثورة في الاساس من أجل تحقيقها بجانب المطالب الأخري.