قالت المحكمة إنه قد استقر في وجدانها وثبت يقيناً في عقيدتها أن ما ارتكبه المتهمان المذكوران الأول محمد حسني السيد مبارك والثاني حبيب إبراهيم العادلي من أفعال بامتناعهما عمداً عن اتيان أفعال ايجابية في توقيتات واجبة تقتضيها الحماية القانونية باصدار قرارات وأوامر وتعليمات وتوجيهات تحتمها عليهما وظيفة كل منهما للحفاظ علي الوطن ورعاية المواطنين وحماية أرواحهم والزود عن الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة المملوكة للدولة ولأفراد الشعب طبقاً للدستور والقانون رغم علمهما يقيناً بمجريات الأحداث.. فإن المحكمة مستقرة الضمير والوجدان تنزل ذلك الذي تقدم وفقاً للصورة الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها وضميرها. تحت وصف جرائم الامتناع والمسئولية الجنائية عن الامتناع باعتبار هذا الوصف هو ما يتفق والصحيح القانوني المنطبق علي واقعات التداعي. أكدت المحكمة أن الاحجام هو موقف سلبي بالقياس الي فعل ايجابي معين ومن هذا الفعل يستمد الامتناع كيانه ثم خصائصه وهذا الفعل يحدده القانون صراحة أو ضمنا وبالنظر الي ظروف معينة بالمشروع تعتبر هذه الظروف مصدراً لتوقعه أن يقدم شخص علي فعل ايجابي معين تقتضيه الحماية الواجبة للحق فإذا لم يأتها الفعل بالذات فهو ممتنع في نظر القانون. قالت المحكمة إن الفقه الإسلامي قد جري علي التفرقة بين القادر علي منع الجريمة ومن لا يقدر علي منعها. فأما من يقدر علي منع الجريمة أو انجاء المجني عليه من الهلكة فهو مسئول جنائياً عن سكوته ويعتبر مشاركاً في الجريمة ومعيناً للجناة. وأما من لا يقدر علي منع الجريمة أو انجاء المجني عليه من الهلكة فلا مسئولية عليه اذا سكت. ولا يعتبر معيناً علي الجريمة حيث لم يكن في امكانه أن يفعل شيئاً والله لا يكلف نفساً إلا وسعها. أكدت المحكمة أن هذا الامتناع والاحجام أعقبه نتيجة اجرامية مقصود حدوثها بالنيل من المتظاهرين السلميين قتلاً أو اصابة ردعاً لهم وزجراً ومن ثم فقد تحقق في حقهما العناصر الثلاث القائم عليها جريمة الامتناع وما يستتبعها من مسئولية جنائية. قالت المحكمة إن المتهم الأول وهو المسئول الأول بصفته رئيساً للجمهورية أدي اليمين القانونية الدستورية أمام الشعب بحماية الوطن والمواطنين. لم يكلف خاطره ويبادر بالظهور فوراً لحظة اندلاع التظاهرات يوم 25 يناير 2011 وقد علم بحدوثها قبل ذلك بأيام عدة ليتخذ من المبادرات والقرارات ما يهديء من روع الشباب الثائر المطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم. أكدت المحكمة أن مبارك ترك المتظاهرين عامداً لتنهش العناصر الاجرامية المتواجدة بينهم أجسادهم. فقتلت من قتل وأصابت من أصيب فحقق بذلك ما أراد له من نتيجة اجرامية. كما امتنع المتهم الثاني "حبيب العادلي" بصفته المسئول دستورياً وقانونياً عن حماية الأمن الداخلي للبلاد كوزير للداخلية وقد علم يقيناً عن طريق أجهزته بالوزارة قبل يوم اندلاع التظاهرات أن يتخذ ما يراه مناسباً ولازماً في استطاعته يوم 25 وحتي 28 يناير 2011 من قرارات واحتياطيات للحفاظ علي أرواح المتظاهرين السلميين بميدان التحرير بالقاهرة فتركهم عمداً نهباً لافتراس العناصر الاجرامية لهم ليحقق مآربه. قاصداً النتيجة الاجرامية بقتل البعض منهم واصابة البعض الآخر. أكدت المحكمة أنه قد استقر في يقينها عن جزم ويقين بما لا مراء فيه ولا شك وبما لا يخالجه ثمة عوار أو تذبذب. يقيناً ثابتاً قوياً لا ينال منه قول أو قائلة إن المتهمين الأول محمد حسني السيد مبارك رئيس الجمهورية السابق والثاني حبيب إبراهيم حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ثبت في حقهما ما أسند اليهما من اتهام بالقتل العمد والشروع فيه واصابة بعض المتظاهرين السلميين علي النحو الوارد آنفاً. ذكرت المحكمة أنها تثبتت من أن مبارك والعادلي قد اشتركا مع مجهولين بطريق المساعدة في الشروع في قتل المجني عليه محمد عبدالحي حسين عمداً وآخرين من المتظاهرين السلميين بميدان التحرير بمدينة القاهرة والمدون أسماؤهم بالتحقيقات بأن امتنعا واحجما عن اصدار القرارات واتخاذ التدابير اللازمة التي تحتمها عليهما وظيفتيهما سالفي البيان وفي التوقيتات الواجبة لاتخاذها حفاظاً علي مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية أرواحهم طبقاً للدستور والقانون وعلي النحو آنف الذكر لمنع ووقف الاعتداء علي المتظاهرين السلميين المذكورين مع علمهما بتلك الاعتداءات. قاصدين من ذلك ازهاق أرواحهم لحمل الباقين علي التفرق واثنائهم عن مطالبهم. مما أدي الي استمرار اطلاق المجهولين للأعيرة النارية والخرطوش صوب المتظاهرين قاصدين من ذلك ازهاق أرواحهم فأحدثوا بالمجني عليه سالف الذكر والآخرين من المجني عليهم المذكورين الاصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة. وقد خابت اثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركة المجني عليهم بالعلاج. وقد وقعت هذه الجرائم بناء علي تلك المساعدة علي النحو المبين بالتحقيقات. أضافت المحكمة أن المتهم الخامس حبيب إبراهيم حبيب العادلي امتنع عمداً بصفته وزيرا للداخلية في التوقيتات المناسبة عن اتخاذ التدابير الاحترازية التي توجبها عليه وظيفته طبقاً للقوانين واللوائح والقرارات لحماية الوطن من الداخل والأرواح والممتلكات العامة والخاصة طبقاً للدستور والقوانين مع علمه تماماً بما وقع من أحداث. أشارت المحكمة الي أن المتهم الأول محمد حسني مبارك أقر بالتحقيقات بأنه علم بأحداث التظاهرات التي اندلع يوم 25 يناير 2011 والتداعيات التي أحاطت بها وما كان من سقوط قتلي ومصابين من بين المتظاهرين يوم 28 يناير 2011 وذلك العلم من خلال ما وصل اليه من معلومات احاطه بها وزير الداخلية المتهم الثاني وشهادة الشهود. ذكرت المحكمة أن اللواء عمر محمد سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق شهد أمامها بأنه وحال تقلده منصب رئيس جهاز المخابرات العامة رصد الجهاز أن مظاهرات سوف تحدث يوم 25 يناير 2011. فقام بعرض ذلك الأمر علي رئيس الجمهورية السابق المتهم الأول فأشار بعقد اجتماع لبحث هذا الموقف وتم اجتماع يوم 20/1/2011 برئاسة رئيس مجلس الوزراء حضره والوزراء المعنيين لدراسة كيفية التعامل مع هذا الحدث وأنه من المعتاد أن من يترأس الاجتماع يخطر رئيس الجمهورية بما أسفر عنه. كما شهد المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام ورئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة أمام المحكمة بأنه تم بينه وبين المتهم الأول رئيس الجمهورية السابق عدة لقاءات لتدارس موقف التظاهرات وما نجم عنها من تداعيات وأنه اتصل بعلمه ما وقع يوم 28 يناير من سقوط قتلي ومصابين في صفوف المتظاهرين بميدان التحرير بالقاهرة. ورجح أن تكون عناصر خارجه عن القانون قد تدخلت في الأحداث.