صلالة.. إحدي مدن ولاية ظفار.. تبعد عن العاصمة العمانية مسقط ألف كيلو متر تجاه الجنوب وعن الحدود اليمنية حوالي 140 كيلو متراً فقط. وهي مدينة جميلة بحق.. تنتشر بها الخضرة في كل مكان من شاطئ المحيط حتي قمم الجبال. هذه أول مرة أزور فيها صلالة.. وبالفعل انجذبت إليها.. وزاد إعجابي بها عندما علمت أنها تتحول إلي خلية نحل في شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر حيث يقصدها آلاف السياح معظمهم من العرب بدلاً من ذهابهم إلي لندن وباريس وغيرهما من مدن أوروبا.. ليستمتعوا بجوها الجميل ومياهها الصافية خاصة أن الحرارة في هذه الشهور بالذات التي تعد شهور الخريف لا تتعدي 20 درجة مئوية. *** بالأمس.. انعقد مجلس عمان الذي يضم مجلسي الدولة والشوري في صلالة.. ولم يكن ذلك مفاجأة لي.. فقد آثر السلطان قابوس بن سعيد أن يفتتح مجلس عمان منها لسببين: * الأول: أنه من صلالة.. أو بمعني أصح من ولاية ظفار التي تتبعها صلالة انطلقت النهضة العمانية قبل 40 عاماً. * الثاني: محاولات بعض الخارجين علي النظام في اليمن خلق قلاقل والسعي للجوء إلي ظفار باعتبارها أقرب الأماكن إليهم.. وبالتالي كان لابد من توجيه تحذير شديد اللهجة إليهم.. وهذه هي قمة التحدي. *** إن السلطان قابوس منذ تولي مقاليد الحكم عام 1970 خط لنفسه ولبلاده خطاً لا يحيد عنه: * أن ينهض بالسلطنة وطناً ومواطنين معاً.. ومن له معرفة جيدة بعمان يدرك ذلك جيداً.. حيث تغير وجه الحياة هناك تغييراً جذرياً وتحققت انجازات في شتي المجالات هي أشبه بالمعجزات. أن يمد جسور التعاون مع كافة الدول والشعوب في إطار من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الغير وعدم تدخل الغير في شئون عمان. من هنا.. تفرغ هو وحكومته لبناء المواطن العماني وتسهيل سبل الحياة الكريمة له والنهوض بشتي المجالات من تعليم وصحة وثقافة وتوظيف واستثمار وتجارة وصناعة وسياحة ورياضة ومرافق وغيرها. أيضاً.. وقف علي الحياد من كافة المشاكل التي تعرضت لها المنطقة.. يساهم في الحل إذا طلب منه ذلك لكن لا يفرض نفسه علي أحد.. مع الحفاظ علي الثوابت الدينية والعربية والإقليمية والدولية. ومن هنا أيضاً.. لم يكن غريباً علي السلطان قابوس أن يكون هو الزعيم العربي الوحيد الذي رفض أوامر وتهديدات صدام حسين في قمة بغداد بقطع العلاقات الدبلوماسية العربية مع مصر.. وظلت علاقات عمان ومصر الرسمية والشعبية والتجارية وفي كل المجالات مستمرة كما هي رغم القطيعة العربية في ذلك الوقت.. وهذا موقف لا يمكن أبداً أن أنساه أو ينساه مثلي أي مصري. *** نعم.. كان لابد أن ينعقد مجلس عمان في صلالة بولاية ظفار. ولابد أيضاً أن تقام احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الأربعين هناك. منها انطلقت النهضة العمانية.. ومنها يعلن التحدي لكل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار عمان. والله المستعان.