التعديل الوزاري الذي تم الإعلان عنه. والذي شمل وزراء التعليم العالي والقوي العاملة والثقافة ومجلسي الشعب والشوري .. هل يصبح البلسم الشافي لأعضاء البرلمان الممثلين لحزب الحرية والعدالة؟! هل هذا التعديل هو الذي يرضي غرور هؤلاء الأعضاء وهو الذي سيخمد نيران ثورتهم وغضبهم علي حكومة الدكتور كمال الجنزوري التي رفضوا بيانها أمام المجلس وطالبوا بإقالتها واستقالتها؟! يؤسفني أن أقول إن موقف هؤلاء الأعضاء الذين ملأوا الدنيا صراخاً وشغلوا الرأي العام باظهار عداء لا مبرر له لهذه الحكومة ثم ارضائهم باخراج أربعة وزراء ليحل محلهم أربعة آخرون .. هذا الموقف ينطبق عليه المثل السائر : تمخض الجبل فولد فأراً!! إنه موقف يجعلنا نعيد النظر كثيراً ونراجع تقييمنا لجماعة الاخوان كجماعة سياسية ظننا علي مدي سنوات طويلة من عمرنا أنها صاحبة فكر عميق ومبادئ راسخة "وتكتيك" سياسي يتسم بالذكاء لينفذ بكل سهولة ويسر إلي عقولنا ووجداننا .. لكن للأسف الشديد وجدناها تتخبط وأصابها نوع من عدم الاتزان عندما واتتها الفرصة ووجدت نفسها صاحبة أغلبية كبيرة في البرلمان. الدليل علي عدم الاتزان الذي أصيبت به الجماعة أنها أطلقت وعوداً وعهوداً ولم تف بها رغم ما نص عليه القرآن الكريم "إن العهد كان مسئولاً" .. وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "وإذا وعد أخلف" وهم يعرفون نص هذا الحديث بلا شك .. والوعد الذي أخلفوه أو خالفوه هو تعهدهم بعدم ترشيح من يمثلهم في الانتخابات الرئاسية للفترة القادمة .. ولا عذر لهم في التبريرات التي ساقوها في هذا الصدد. لا أريد أن استرسل في التناقضات التي وقعت فيها الجماعة ما بين تأييد حكومة الدكتور الجنزوري والتحمس لها أولاً ثم الانفلاب عليها والمطالبة باقالتها وتبرير ذلك بأنها فشلت مع أنها تجتهد وجاهدت وشقت طريقها في طريق مزروع بالألغام. ويأتي بعد ذلك موقفهم من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور ثم عدولهم عنها بعد حكم محكمة القضاء الإداري .. ثم من اللجنة العليا للانتخابات والهرولة لوضع قانون العزل السياسي إلي آخر هذه التصرفات. ما ذنب الوزراء الأربعة المحترمين الذين خرجوا من الوزارة لمجرد ارضائكم ورفع غضبكم عن حكومة لم يتبق من عمرها سوي عدة أسابيع لتتسلموا بعدها هذا الهم الثقيل والعبء الذي تنوء بحمله الجبال في هذه الظروف؟! إن كل واحد من هؤلاء الرجال الأربعة كان ولا يزال له قدره واحترامه في قلوب المصريين وعقولهم .. ولم يبخل أي واحد منهم بجهده في سبيل النهوض بأعباء وزارته خلال الفترة العصيبة التي عملوا فيها. إن إبعاد هؤلاء الرجال عن المنصب الوزاري ليس خسارة لهم بقدر ما هو خسارة لمصر .. وعليهم أن يحتسبوا جهدهم واخلاصهم عند الله. وأدعو جماعة الاخوان بكل اخلاص أن تعيد النظر في سياساتها والتروي قبل الإقدام علي خطوات جديدة قد تفقد معها الكثير من رصيد تعاطف الشعب معها علي مدي 80 عاماً.