أكتب هذا المقال والدماء تنزف في ميدان العباسية وفي محيط وزارة الدفاع.. ولا أدري ما الذي ستسفر عنه المعارك الدائرة بين المتظاهرين وقوات الأمن.. وهل سيقع المزيد من القتلي والجرحي؟! ما الذي يجري في مصر؟! ولماذا؟! المتظاهرون طالبوا أمس برحيل المجلس العسكري فوراً والآن.. والمجلس يقينا لن ينصاع إلي هذا الطلب لأنه يدرك بتخليه عن السلطة في تلك الأيام بالذات سوف تقوم في مصر حرب أهلية مدمرة.. وهذا ما تمناه ويتمناه رجال النظام السابق الذي أسقطته الثورة. يقيني أن الرئيس السابق وأنصاره الموجودون في السجون الآن يتابعون المشهد المأساوي في العباسية ومحيط وزارة الدفاع بشغف شديد ولسان حالهم يقول: اشتدي أزمة تنفرج!! فلعله يكون في انفكاك الدولة وانفراط عقدها خلاص لهم مما هم فيه الآن. قال المتظاهرون في البداية: سلمية.. سلمية.. ولكن لأن أحدا لا يستطيع السيطرة علي هذه الجموع التي حركتها تيارات ليست فوق مستوي الشبهات وقعت خسائر جمة في المنشآت وتمت عمليات سرقة ونهب وربما تحمل الساعات القادمة المزيد من الخسائر المادية راجين ألا تمتد إلي وقوع قتلي وجرحي جدد.. فيكفي ما خسرته مصر من شبابها حتي الآن بلا طائل. يقيني أن القوي المحركة لهذا الاندفاع الجماهيري المحموم لن تفتر ولن تهدأ وسوف تظل تنفخ في النيران لتزيدها اشتعالاً كلما اقترب موعد التصويت علي الانتخابات الرئاسية. ولا أشك أن يكون وراء هذا الحريق جماعات أو قوي تري أن الفرصة غير سانحة أو غير مواتية لنجاح مرشحها في هذه الانتخابات فتقدم علي هذه الأعمال غير المسئولة لتدمير المعبد فوق رءوس الجميع. ماذا يعني ظهور جماعات من الملثمين تقوم بإزالة الأسلاك الشائكة والحواجز التي أقامتها المنطقة العسكرية المركزية في شارع الخليفة المأمون بهدف الوصول إلي وزارة الدفاع؟ هل يريد المتظاهرون اقتحام الوزارة واحتلالها. كما حاولوا من قبل اقتحام وزارة الداخلية واحتلالها؟! لقد حاولت الشرطة العسكرية التفاوض معهم لمنع إزالة الأسلاك إلا أنهم رفضوا!! فهل يتصور هؤلاء أن الجيش سوف يتركهم لينفذوا أغراضهم ويسقطوا هيبة مصر باحتلال الوزارة؟! هؤلاء في رأيي يريدون أن يفتعلوا اشتباكاً مع قوات الجيش ليندفع وراءهم المتظاهرون في عملية اكتساح واسعة ثم ينسحبون هم من المعركة تاركين الشعب والجيش في صدام أرادوه وخططوا له لينفرط عقد الدولة تماماً. لقد كان من الطبيعي أن تنبري قوات الجيش للدفاع عن حماها لتشتبك مع المتظاهرين ويسقط عدد من المصابين.. وظهرت في المعركة طلقات الخرطوش مع الحجارة وخراطيم المياه. ولا ندري ماذا بعد ذلك لو أصر المتظاهرون علي تنفيذ خطتهم باقتحام الوزارة. الغريب أن الجماعة الإسلامية التي سبق أن ساهمت في هذا الحشد الجماهيري بدأت تنفض يدها وتعلن رفضها للاشتباكات الدائرة في العباسية ومحيط وزارة الدفاع. والشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أعلن تبرؤه مما يجري في هذه الأحداث. وقوي أخري تريد تطهير يديها من الدماء التي تسيل!! من إذن دفع هذه الجموع للتظاهر وترك ميدان التحرير والتوجه للعباسية ووزارة الدفاع للاحتكاك بأفراد الجيش؟! لقد ذكرت الأنباء أن منصة الإخوان المسلمين بميدان التحرير دعت إلي مسيرة لوزارة الدفاع للانضمام للمتظاهرين والمعتصمين وتقديم الدعم لهم.. فماذا يريد الإخوان المسلمون من مصر؟! وماذا يدبرون لمصر؟! هل يريدونها خراباً يبابا؟! وهل هذا هو منطقهم وفكرهم الإسلامي؟! وهل هذا هو الحل الذي يرتضيه الإسلام؟! صفوت حجازي أيضا الذي لا أعرف إن كان سلفياً أو إخوانياً يعلن أن هذه آخر جمعة نقدم فيها مطالب.. بعد كده اعتصام في التحرير!! ماذا تريد يا أخ صفوت؟! لقد كشفت تصريحاتك يا أخ صفوت عما سبق وتوقعته أن هناك قوي وجماعات وراء هذه الأعمال التخريبية خوفاً من عدم نجاح مرشحها في الانتخابات.. إن هتافاتك يا أخ صفوت هتافات لا معني لها عندما تقول: "يا مشير قول لعنان.. لسه الثورة في الميدان.. الجدع جدع والجبان جبان.. واحنا يا جدع رجالة الميدان". يؤسفني يا أخ صفوت أن تنزل لهذا المستوي في التعبير وأنت كما ينادونك "الدكتور". أقول للمحرضين: اهجعوا.. والزموا الحكمة.. فالشعب هو الذي سيختار حاكمه وقوله هو القول الفصل الذي سوف نحترمه جميعاً.. وكفانا دماء وخراباً.