الحديث عن المنظومة الصحية في مصر. لا يخلو من الجروح والندبات وسوء التقييم وسوء الإدارة وانعدام الذمة وغياب الضمير. ويبدو ان هذه المنظومة تدار بالفهلوة التي أصبحت السمة السائدة في كل مناحي الحياة في مصر. وإذا كانت "الفهلوة" قد تنفع في بعض التعاملات البسيطة إلا انها تصبح كارثية في التعامل مع الصحة والأرواح. حديثنا كان عن التأمين الصحي وسوء المعاملة وأنماط التعذيب التي تمارس بشكل منهجي ومنظم علي المستفيدين من التأمين. ابتداءً من تعاملات الموظفين حتي مناظرة الأطباء للمرضي.. وإذا كان الكل يشكو. سواء كانوا أطباء أو مرضي. فإن الوضع يحتاج إعادة نظر كاملة في هذه المنظومة. يشكو مديرو عيادات التأمين الصحي من نقص في الأطباء مما يجعلهم يستعينون بأطباء من خارج مؤسسة التأمين.. هؤلاء الأطباء يمرون في اليوم الواحد علي أكثر من عيادة ومستوصف ومستشفي. وقال لي أحد مديري هذه العيادات إن ساعة الطبيب تحسب له بتسعة جنيهات فقط. موضحاً أن السبّاك لو دخل شقة ما لأداء عمل بسيط مثل تغيير "جلدة حنفية" لن تقل أتعابه عن ثلاثين جنيها. مقارنة غير لائقة إلا انها خرجت من فم مدير احدي العيادات الخاصة بالتأمين الصحي ان أجلس معه بعض الوقت. ضرب العديد من الأمثلة عن الإهمال الجسيم وسوء تقدير أهمية الطبيب وانعكاس ذلك علي أداء مهمته. إلا ان حديثه كشف من حيث لا يدري الفكر الذي تدار به مثل هذه العيادات. نصحني بألا أستمع إلي شكاوي المترددين علي العيادة. فأغلبهم كاذبون. وان المرأة التي قابلتها عند دخول المبني تدعو علي الأطباء والعاملين بالصيدلية لأنهم حسب زعمها قد سرقوا علاجها ولم يصرفوا لها بعض الأدوية» فإنها كاذبة. فهي قد صرفت العلاج منذ ثلاثة أيام وجاءت لتشكو في ذلك اليوم بأن بعض الحقن ناقصة. قال مدير المستشفي أو العيادة تلك بأن من يغادر شباك الصراف في البنك لا يحق له بعد ذلك أن يدّعي أن هناك عجزاً فيما صرف له من نقدية. الغريب ان هذا المدير يتحدث بثقة شديدة ويعتقد أن مثل هذا الحديث قد يقنعني رغم علمي المسبق بأن هناك بعض الحقن غالية الثمن التي يقوم بعض العاملين في بعض الصيدليات التابعة للهيئة باقتناصها من المرضي الذين يصرف لهم علاج شهري منتظم. نقص الموارد والعجز في إعداد الأطباء لن يصلح بحال من الأحوال المنظومة الصحية العليلة في مصر. هذه الهيئات بالفعل في أشد الحاجة إلي إعادة هيكلة. "وللحديث بقية".