في سنة 1962 اصدر جمال عبدالناصر بصفته رئيسا للجمهورية قرارا بتشكيل مجلس للرئاسة وجعله السلطة العليا للبلاد ومسئولا عن رسم السياسة العامة للبلاد. ولا يصدر أي قرار جمهوري في مصر إلا بعد اصداره من المجلس وبأغلبية الآراء.. وضم المجلس اعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو عدا خالد محيي الدين واضافة الدكتور نور الدين طراف والمهندس أحمد عبده الشرباصي وعلي صبري وكمال رفعت. والواقع ان الجماهير استبشرت خيرا من هذا المجلس الذي يعني انتهاء الديكتاتورية وارساء مبدأ الديمقراطية في اتخاذ القرارات.. وفي البداية التزم الرئيس عبدالناصر بأن يعرض كل قرار علي مجلس الرئاسة قبل اصداره والموافقة عليه. ولكن.. لم يستمر هذا الوضع كثيرا فقط حدث ان عرض علي المجلس مشروع قرار لتحديد سلطة القائد العام للقوات المسلحة في تعيين قادة الأسلحة وعزلهم وجعل ذلك من اختصاص مجلس الرئاسة.. بصفته صاحب السلطة العليا للبلاد.. خصوصا ان المشير عبدالحكيم عامر رفض في عام 1956 بعد العدوان الثلاثي اقالة قائد القوات الجوية وهدد بالاستقالة قائلاً: إن الفريق صدقي قائد القوات الجوية ليس مسئولا وحده والمسئولية تقع عليه ايضا وكرر نفس العبارة بعد انفصال سوريا. المهم عقد مجلس الرئاسة جلسته لمناقشة هذا الأمر لم يحضر عبدالناصر هذه الجلسة وعارض المشير القرار ووافق عليه باقي الاعضاء ولكن المشير طلب تنفيذ القرار بعد ثلاثة اشهر لأن البلاد تورطت في حرب اليمن وكان الاعتقاد السائد ان هذه الحرب لن تستمر اكثر من ثلاثة اشهر ولكنها استمرت سنوات. ومضت الشهور الثلاثة.. ولم ينفذ القرار.. ولاحظ اعضاء المجلس ان عبدالناصر اصبح يضيق بالمناقشات في المجلس منذ شعر بأنه قيد عليه.. واصبح لا يدعو المجلس إلي الانعقاد إلا علي فترات متباعدة وكان لا يعرض عليه إلا توافه الأمور.. ووجد اعضاء المجلس أنفسهم قيادة جماعية شكلا فقط وكثيرا ما فوجئوا بقراءة القرارات التي تمس سياسة البلاد في الصحف.. واعتبر الاعضاء هذه الفترة بأنها كانت "حكما ظاهره الديمقراطية ولكن الحقيقة هي الديكتاتورية بعينها". استمر هذا المجلس الرئاسي عدة أشهر ثم انفض بعد ذلك.. وعندما قامت ثورة 25 يناير.. وتم خلع الرئيس السابق والغاء البرلمان بمجلسيه.. فكر بعض السياسيين ورؤساء الاحزاب في تشكيل مجلس للرئاسة يضم بعض الشخصيات ويحل هذا المجلس محل رئيس الجمهورية.. ويظل هذا المجلس حتي يتم اعداد الدستور وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولكن هذا الرأي لم يجد صدي.. وانتهي الأمر بتكليف مجلس الوزراء بالسلطة التنفيذية والبرلمان بعد انتخابه بتولي السلطة التشريعية وكلاهما يخضعان للمجلس العسكري.