أثار الارتفاع النسبي للدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في تعاملات أسواق الصرافة منذ ثورة يناير مخاوف البعض حول مدي قدرة الجنيه علي الصمود أمام العملة الأجنبية وهو ما دعا بعض الخبراء ورجال الأعمال والمصدرين إلي المطالبة مجددا بتخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار واليورو لتشجيع الصادرات وزيادة تنافسيتها وتحقيق قيمة مضافة للصادرات المصرية في الأسواق الخارجية. بينما يري فريق آخر ان هذه المطالب تخدم المصدرين وهي مطالب لا تقوم علي أساس واضح في ظل عدم مرونة الصادرات المصرية وتناقص القدرة التنافسية لها أمام المنتج الأجنبي الأكثر جودة مما يفقد خاصية تخفيض العملة الوطنية أهم أغراضها وهي زيادة الصادرات فيما يؤدي التخفيض إلي ارتفاع الأسعار. قالت بسنت فهمي رئيس مجلس إدارة شركة المشورة للخدمات المصرفية ومستشارة التمويل لعدد من البنوك انها تري من جانبها ان تخفيض سعر الجنيه المصري أمام الدولار هو الأنسب للسوق في الفترة الحالية في ظل تراجع حجم الاحتياطي إلي درجات كبيرة موضحة ان تخفيض سعر الجنيه سيزيد بالضرورة من عائدات الصادرات وبالتالي عودة الاحتياطي للزيادة مرة أخري. أشارت فهمي في الوقت نفسه إلي ان تراجع أسعار الجنيه لا يعني بالضرورة انتعاش الصادرات كنتيجة طبيعية لانخفاض سعر صرف العملة المصرية موضحة ان انتعاش الصادرات مرتبط في الأساس كذلك بالجودة وليس بالسعر فقط. بينما طالب محمد النجار عضو الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية البنك المركزي بضرورة التدخل لوقف انخفاض سعر الجنيه من خلال ضخ العملة الأمريكية في السوق وذلك حتي لا تتزايد تكلفة الواردات وبالتالي أسعار السلع مما يؤدي إلي زيادة الأعباء المعيشية علي المواطن المصري. في الوقت الذي طالب فيه عدد من خبراء الاقتصاد والبنوك بأهمية التراجع عن فكرة تخفيض قيمة الجنيه لما ينتج عن ذلك من زيادة المضاربات والسوق السوداء بالنسبة للعملات الأجنبية فضلا عن عدم الإسهام في جذب استثمارات أجنبية خاصة أذون وسندات الخزانة يري البعض ان أفضل الحلول تكمن في رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم. قال فؤاد شاكر رئيس اتحاد البنوك العربية ان مطالب عدد من رجال الأعمال بتخفيض قيمة الجنيه من الصعب تحقيقها مشيرا إلي ان الاقتصاد المصري لا يحتمل مثل هذه الاقتراحات خاصة في ظل تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي بأكثر من النصف. ونوه شاكر إلي ان تخفيض الجنيه سيؤدي إلي زيادة مديونية الحكومة بالعملة الأجنبية والمحلية بالإضافة لخفض الدعم الذي يصل إلي الفقراء بجانب تهافت المواطنين علي اقتناء العملات الأجنبية مما يشكل ضغطا علي رصيد العملات المصرية بالبنك المركزي وعزوف الاستثمارات الأجنبية عن مصر. أوضح شاكر انه لكي يتم تشجيع الصادرات لابد ان يلتزم المسئولون عن الاقتصاد بخارطة الطريق التي تسير عليها الدول الأخري لاستعادة معدلات الاقتصاد إلي ما كانت عليه من قبل. قال إن اعتقاد رجال الأعمال بأن خفض الجنيه سيساعد علي زيادة الصادرات وانتعاش الاقتصاد المصري إلا ان الواقع يؤكد ان ذلك لن يتحقق خاصة في ظل الانفلات الأمني وتراجع الإنتاج المحلي مما يزيد من معدلات التضخم إذا تم في الوقت الحالي تخفيض قيمة الجنيه. اقترح رفع سعر الفائدة بدلا من خفض قيمة الجنيه المصري لافتا إلي ان رفع الفائدة لا يقبله رجال الأعمال نظرا لأنه يزيد من التكلفة عليهم. قال عبدالمطلب عبدالحميد رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات إن هناك عددا من الدراسات حول آثار تخفيض قيمة الجنيه علي الاقتصاد المصري أفادت بأن خفض قيمة الجنيه المصري أي رفع سعر الصرف لا يؤدي إلي زيادة الصادرات لافتا إلي ان هناك عوامل حاكمة للصادرات علي رأسها ان مرونة الصادرات ضعيفة نظرا لارتباطها بالإنتاج فضلا عن وجود خلل في الاقتصاد المصري. أضاف عبدالحميد ان نظرة رجال الأعمال إلي خفض قيمة الجنيه تعد نظرة ذاتية وليست كلية منوها إلي انه لكي ينهض الاقتصاد المصري من جديد لابد من زيادة الإنتاج وعودة منظومة العمل من جديد وتحسين الصادرات من حيث الجودة والتكلفة والإنتاجية وفتح أسواق جديدة وحل مشكلات المصدرين وتحويل الصادرات من أولية إلي تحويلية صناعية علي ان تكون قيمتها المضافة أعلي. من جانبه قال محمد قاسم رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة ان هناك زيادة مرتقبة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه مع تراجع الاحتياطي الأجنبي وتدني التصنيف الائتماني متوقعا رد فعل ايجابي علي الصادرات المصرية بالخارج في حالة زيادة سعر الدولار أمام الجنيه في ظل الوضع الحالي. وكان الاحتياطي النقدي الأجنبي لدي البنك المركزي قد تراجع إلي 15 مليار دولار بنهاية مارس الماضي مقابل 36 مليار دولار في يناير 2011 وهو ما زاد من مطالب بعض الخبراء والمصدرين بالكف عن دعم الجنيه وتخفيض قيمته لزيادة الصادرات ورفع معدلات الاحتياطي مرة أخري.