في الحرب يموت الجنود. ولكن اللواءات يعلقون النياشين. هذا هو حال ثورة 25 يناير.. ماتت الزهور الشابة وفقئت عيون أجمل شباب مصر وحصد الإخوان والسلفيون ثمار الثورة واستلموا مصر ومفاتيحها وكل بواباتها وبدأوا يحصدون الغنائم ولا عزاء لأمهات الورد المصري الذي ووري الثري في نعيم الخلد بإذن الله. ولا يزال مبارك الذي جني علي مصر شباباً ورجالاً وشياباً. حياً ينعم بالعلاج والأموال التي سطا عليها هو وعصابته علي مدار 30 عاماً.. هكذا هي الحياة في مصر.. الورد يموت والحشائش تنعم بالدفء والضوء. وتحيا إلي ماشاء الله. الأخطر في هذه الفترة أن الجماعات السياسية التي ظهرت علي الساحة بعد الثورة جميعها لم يكن لها دور في إنجاح الثورة أو الضغط علي المخلوع كي ينخلع. بل العكس. نادي بعضهم وخاصة من يسمون أنفسهم بالسلفيين بعدم الخروج علي الحاكم. واعتبار الانقلاب علي شخص مثل حسني مبارك نوعاً من الخروج علي الشريعة الإسلامية. وهذه قمة الملهاة. أو المأساة في حكم مصر. أن الثوار الذين مات منهم عشرات المئات بدلاً من أن يتولوا زمام الأمور في البلاد. تم إقصاؤهم وإبعادهم بشكل عمدي وعنيف من خلال التخوين والتشكيك. والإهانات والادعاء بما ليس فيهم. في الوقت الذي يحاول إخواننا السلفيون فرض وجهة نظرهم بالقوة وبالتجمع واستعراض العضلات بأعداد غفيرة ملأت جنبات ميدان التحرير لمجرد أن هناك احتمالا لاستبعاد حازم أبوإسماعيل من الانتخابات لأن والدته حملت الجواز الأمريكي. وإذا كان الثوار قد أقصوا والإخوان تسلموا حكم مصر من "ساسها لراسها" والسلفيون يهددون بتجمعاتهم. والمثقفين لا يملكون إلا الصراخ أو علي أقل تقدير. التحريض.. وأنصار بقية المرشحين سوف يغضبون ويتجمهرون. وسوف تكون النهاية الصدام المروع بين جماهير الشعب المصري.. فهل قامت الثورة لذلك. وهل هذه هي نتائج الثورة التي خلعت أخطر ديكتاتور شهدته المنطقة في الألف سنة الماضية؟!! هل النتيجة التي ينتظرها الشعب المصري حربا أهلية بين الشعب المصري وتقسيمه إلي فئات. كل فئة لها مرشح تقف خلفه وتناصره وتصبح معادية للفئة الأخري. هل هذا ما تنتظرة مصر؟!.. صراعا محموما علي السلطة وصراعا محموما علي تقاسم التورتة. دون النظر لمصلحة مصر الأساسية والخروج بها من حالة الفوضي إلي حالة الدولة المنتجة التي تسعي نحو التقدم وإدراك ما فاتها خلال السنوات الثلاثين السوداء التي مضت.. أعتقد أن السباق إلي السلطة والعرش لا يجب أن ينسي الجميع أن الفضل في ذلك يرجع إلي الشهداء الذين ماتوا في سبيل التحرر من الطاغية وليس لأن الإخوان والسلفيين عارضوا أو ثاروا ضد مبارك.. نريد أن نكرم الجنود وأن نوقف تقليد الأوسمة والنياشين للواءات.