الشعب قبل ثورة يناير كان يعيب علي الحزب الوطني أنه يستخدم سياسة مبدأ "التكويش" فكان مهيمنا علي الحياة السياسية المصرية والويل لمن كان يعترض أو ينبس ببنت شفة فأبواب أمن الدولة مفتوحة علي مصراعيها في استقبال المعارضين وكان في مقدمتهم بعض جماعة الإخوان الذين دارت الأيام وشغلوا نفس المناصب التي كان يحتلها فلول الحزب الوطني لكن مع الفارق فقبل الثورة كان لا يستطيع أحد أن يعترض أما بعد الثورة فيستطيع الشعب أن يعلن عن رأيه بحرية وشجاعة في أي أمر يراه غير طبيعي رغم أن أحدا لن يستجيب له. من هنا فإن حزب الحرية والعدالة -في رأيي- وقع في نفس الخطأ الذي كان يرفضه بشدة أيام النظام السابق وأصبح يسير علي نفس الدرب من منطلق أن الشرع "يحلل أربعا" الشعب والشوري والتأسيسية والرئاسة رغم أن الأخيرة تعهد مرارا وتكرار ألا يمس شعرة منها ولن يلتفت إليها وإذا بنا نفاجأ بترشيحه المهندس خيرت الشاطر لينافس علي كرسي الرئاسة ولتكتمل سياسة "التكويش" حتي يستطيع مواجهة المجلس العسكري الذي رفض الاستجابة لهم وأصر علي الإبقاء علي حكومة الجنزوري مما أدي إلي اشتعال الحرب الكلامية بينهما وكانت نتيجة العناد التقدم بورقة "الشاطر" الرئاسية لتكون القشة التي تقصم ظهر البعير. نحن نعترف أن الإخوان منظمون والكل يعرف ذلك عنهم ومن المؤكد أن ترشيح الشاطر لم يأت من فراغ بل جاء بعد دراسة متأنية ولكن كل ما نخشاه أن يخيب ظنهم هذه المرة وتحدث أشياء لم تكن في الحسبان خاصة أن الجماعة لم تراع رفض الشعب لسياسة الهيمنة علي مقاليد الأمور في البلاد.. فلم يحدث في أي بلد في العالم المتقدم أن استحوذ حزب أو جماعة علي كل القطاعات. بالطبع لا نستطيع أن نحكم حاليا علي ما قامت به الجماعة من تقدم أحد مرشحيها لرئاسة الجمهورية فقد يكون الأمر مقبولا عند البعض ومرفوضا عند الآخر وهذا شيء طبيعي لكن يثور سؤال مهم هل ما قام به الإخوان في مصلحة البلد الذي يغلي حاليا فوق صفيح ساخن ولا يتحمل أية مناورات سياسية أو أي أخطاء من أي جهة مسئولة؟ يجب أن يعلم الجميع أن الشعب الآن أصبح لديه حس سياسي وبالتالي نتمني ألا ينخدع الإخوان والعسكر أيضا بأنهم سوف يكون لهم الغلبة ويتحكمون في مصائر الناس والبلد بشكل عام.. وإذا كان الشعب قد منح ثقته للإخوان في الانتخابات البرلمانية فيجب أن يحافظوا علي هذه الثقة فالفرصة لن تتكرر إلا إذا أثبتت الجماعة أنها علي قدر المسئولية أما إذا فشلت ساعتها فسوف نقول لهم "ما يقع إلا الشاطر".