90 عاماً .. تفصل بين تشكيل لجنة إعداد دستور 1923 ودستور .2012 فقد عاشت مصر نحو 8 سنوات بدون دستور منذ فرض بريطانيا الحماية عليها في سنة 1914 حتي إعلان 28 فبراير سنة 1922 والتي أعلنت فيه بريطانيا عن منح مصر استقلالا جزئياً .. من خلاله تُصدر دستوراً وتشكل مجلساً نيابياً منتخباً وفوق هذا وذاك يكون لمصر وزير خارجية حيث كان هذا المنصب ملغياً طوال هذه السنوات الثماني أي منذ فرض الحماية.. والغريب أن هذا الإعلان لم يلق قبولاً لدي الحزب الوطني وحزب الوفد .. فالحزب الوطني لا يعترف بمبدأ "خذ المتاح الآن ثم طالب بالباقي فيما بعد" وكان شعاره لا تفاوض إلا بعد الجلاء أما سعد زغلول رئيس الوفد فإنه رفض هذا الإعلان جملة وتفصيلاً في حين أنه شكل أول وزارة بعد صدور الدستور .. المهم قام عبدالخالق باشا ثروت رئيس الوزراء بناء علي تكليف من الملك فؤاد بتشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور .. قاطعها سعد زغلول والوفد وأيضاً الحزب الوطني وعلي هذا فقد تم اختيار لجنة سميت لجنة الثلاثين وكانت هذه اللجنة المختارة تضم نخبة ممتازة والذين يتمتعون برجاحة الفكر والمنطق.. وضمت مفكرين وأدباء وذوي الرأي والحكمة ورجال القانون والسياسة المعتدلين وغيرهم من الأعيان. كان الملك والحكومة في غاية السعادة لتحقيق هذه الخطوة فقد اعتبروا يوم 15مارس سنة 1922 اجازة .. وهو اليوم الذي أخطر فيه الملك الحكومة بإعلان الاستقلال والمناداه بالسلطان فؤاد ملكاً علي مصر ولكن الشعب كما ذكر عبدالرحمن الرافعي في كتابه في أعقاب الثورة المصرية لم يشارك الحكومة الابتهاج بهذا الإعلان. استمرت اللجنة في عملها منذ 4 ابريل 1922 وهو اليوم التالي للتشكيل إلي يوم 21 أكتوبر سنة 1922 أي أن أعداد الدستور استغرق أكثر من ستة أشهر .. وأصدرت اللجنة دستوراً شهد له الجميع بما فيهم الذين عارضوا وامتنعوا عن الانضمام إلي اللجنة بأنه من خير الدساتير وأعظمها وتضمن أفضل المباديء العصرية. رفع ثروت باشا مشروع الدستور إلي الملك لإصدار المرسوم الخاص به .. ولكن الملك كان له وجهة نظر واعتراضات. وكذلك اضطر عبدالخالق باشا ثروت إلي الاستقالة بعد أن اكتشف عدة عقبات تحول بينه وبين استكمال المسيرة.. تولي الوزارة بعده محمد توفيق نسيم باشا وحاول تعديل بعض المواد لتتناسب مع رغبة الملك وأيضاً رغبة البريطانيين .. وعلي سبيل المثال فقد أراد أن يحذف النص علي أن الآمة مصدر السلطات واعطاء حقوق كثيرة للملك ثم استقال نسيم باشا وجاء بعده يحيي باشا إبراهيم الذي ضغط علي الملك لإصدار المرسوم وتم التوقيع في 19 ابريل سنة 1923 بعد حذف النصين الخاصين بالسودان طبقاً لرغبة بريطانيا ومضت 90 سنة حدث خلالها انقلابات وتعديلات عليه وصدرت دساتير أخري غيره حدث فيها ما حدث من تلاعب وحذف بما يرضي الحكام وبعد ثورة 25يناير .. أصبح من المؤكد ضرورة إصدار دستور جديد وتقرر أ ن يقوم مجلسا الشعب والشوري باختيار لجنة المائة لوضع الدستور .. وأصبح اختيار هذه اللجنة مشكلة البرلمان من يريد أن يكون بين الأعضاء 60 عضواً من المجلس النيابي .. وأحزاب أخري تريد أن تضم اللجنة فئات وفئات .. ولكن المهم أن الشعب يريد أن تتضمن اللجنة كل أطياف الشعب حتي لا يكون هناك تميز لفئة غير فئة.. وليت قادة الفكر في البرلمان يتخذون اتجاهاً مشابهاً لاختيار لجنة الثلاثين لدستور 23 لأن الناس لا تريد دستوراً سهل التلاعب فيه ولا تريد "دستور ملاكي" والأمر المؤكد أن الوفد لم يكن عضواً في لجنة دستور .1923