سألتني طالبة جامعية قالت: لماذا دعا نبي الله نوح عليه السلام علي قومه.. فقال: "رب لا تذر علي الأرض من الكافرين ديارا" ألم يكن من الأفضل لنوح -وهو نبي من أولي العزم من الرسل- أن يصبر علي قومه لا أن يدعو عليهم؟ وقلت لها: إن نوحًا -عليه السلام- مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلي عبادة الله الواحد الأحد. الفرد الصمد. ولكنهم ردوا عليه أبشع رد ولم يدخلوا في دين الله. لدرجة أن الواحد منهم كان يوصي أولاده قبل الموت ألا يسمعوا إلي كلام نوح.. ثم إن نوحًا -عليه السلام- لم يدع علي قومه إلا بعد أن آيسه الله -عز وجل- منهم. أي أنه فقد الأمل في إصلاحهم. ولو أنه كان لديه أمل في هداية واحد منهم فقط لما دعا عليهم. يقول -تعالي- في سورة هود: "وأوحي إلي نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. فلا تبتئس بما كانوا يفعلون. واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون". فالحق -عز وجل- أكد له أنه لن يؤمن أي واحد من قومه فكان من الطبيعي أن يدعو عليهم. خاصة ان الله -عز وجل- يقول عن نوح: "وما آمن معه إلا قليل".. ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم للإيمان. ومع ذلك لم يؤمن معه إلا عدد قليل. فكان طبيعيا أن يطهر الله -عز وجل- الأرض من هؤلاء. وأن يأتي بقوم آخرين يعرفون الله ويقولون: "لا إله إلا الله". كما أن نوحًا عليه السلام لم يدع علي الكافرين من قومه فقط. ولكنه دعا للمؤمنين الموحدين. يقول -تعالي- علي لسان نوح -عليه السلام-: "رب اغفر لي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا". أي ان نوحاً كان يهمه أن يدخل الناس في دين الله ولذلك دعا بالغفران لمن دخل بيته مؤمنا بالله متوكلا عليه. وهذا يؤكد أن وظيفة الأنبياء هي التوحيد. فكل الأنبياء جاءوا برسالة واحدة وهي عبادة الله الواحد الأحد. يقول -تعالي-: "اعبدوا الله ما لكم من إله غيره". كما أن الحق -عز وجل- قال لرسوله صلوات الله وسلامه عليه: "فاعلم أنه لا إله إلا الله" أي أن هذا الكون خلق من أجل "لا إله إلا الله". كما نتعلم من قصة نوح -عليه السلام- ضرورة الصبر علي متاعب الدنيا. فنوح لم ييأس أبدًا من رحمة الله بل إنه كان يدعو قومه ليلا ونهارا. ومع ذلك وجدناهم يضعون أصابعهم في آذانهم. ورفضوا الانصياع لأمر الله. لكن نوحًا تذرع بالصبر وتجمل بالحلم حتي أتاه النصر من الله. يقول تعالي: "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر. وفجرنا الأرض عيونا. فالتقي الماء علي أمر قد قدر. وحملناه علي ذات ألواح ودسر. تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر". هذا وبالله التوفيق.