عندما نشاهد أفلام الخمسينيات بل الأربعينيات نجد الحديث عن نفس المشاكل التي نعيشها اليوم من الزحام وارتفاع الأسعار والفساد وحب الذات والظلم وضياع الحقوق والمحسوبية والوساطة.. إلخ من مشاكل نعيشها كل يوم طبعاً مع اختلاف المقاييس الفصل الذي فيه "15" تلميذاً به اليوم "60" و"70" وهكذا. لكن المهم عناوين المشاكل ذاتها. تحاول الدولة والناس حلها دون جدوي. مشاكل الصحة بالذات القطاع الذي أعرفه تماماً هي نفس المشاكل بلا تغير.. عدم انضباط الأداء. ارتفاع سعر الخدمة. الصيانة. إلخ... لن أدخل في تفاصيل المشاكل التي تم عرضها علي لجان وتمت مناقشتها عشرات المرات ووضع لها أوراق وأبحاث ودراسات وتم التعامل معها نظرياً في مؤتمرات وندوات ولقاءات طبية عديدة وأصبحت معروفة ومدونة ولكن ما هو الحل؟ وهنا السؤال الحيوي. كل مسئول يحاول أن يجتهد في البحث عن مخرج وحل للمشاكل المدونة ولا نحتاج خبيراً أو جهبزاً لأنها مدونة وموجودة ومؤرشفة. وهكذا ندور في حلقة مفرغة. الإعلام يشكر ويمدح حيناً ثم يهاجم وينتقد حيناً آخر والناس ما بين مؤيد ومهاجم لأن المشاكل ما زالت موجودة والحل من خلال شيئين لا ثالث لهما: أولاً: تمويل مادي مفتوح ثم حساب رادع لما تم صرفه وفي هذا حديث طويل عن آلية ذلك. ثانياً: الضمير والأخلاق من خلال التزام الأطباء وفريق العمل الطبي وإحساسهم بالمسئولية عن المرضي الضعفاء وهذا لا يأتي بقرار أو تعسف أو نقل إلخ... من أساليب الجزاءات الإدارية لأن صاحب الضمير الميت. ميت في أي مكان يذهب إليه إنما نحن في نقل المشكلة إلي مكان آخر. نعم التمويل المادي والضمير هما الحلان الوحيدان لأزمتنا اعتقد في كل مناحي الأمور لكني أتحدث عن الصحة. لا صيانة بلا تمويل لا ثواب أو عقاب بلا تمويل. لا خدمة بلا تمويل. لا جودة بلا تمويل. لا مكافحة عدوي بلا تمويل وغير ذلك كله.. تمويل جيد ثم نحاسب صح لكن بدون تمويل أو البحث عن تمويل بديل مثل التبرعات. التمويل الذاتي.. كل هذه أساليب وغيرها محاولات جادة تحسب لصاحبها ومنفذها لكن ليس حل الصحة في العالم تمويلا كبيرا من جانب والضمير لصرف هذا التمويل والحفاظ عليه وصرفه في موقعه وإحساسك بالمريض والعمل بضمير يقظ وهذا يحتاج توعية عن المدرسة ثم الكلية يدرس فيها الأخلاق والضمير بجدية وتعامل مجتمعي لزرع الضمير والحب والإحساس بالناس لأنها محاور الطبيب الأساسية. أيها السادة بارك الله جهدكم فيما تفعلون ومعكم الله لكن صدقوني لا حل إلا بالتمويل والضمير لكل مشاكلنا المزمنة والله الموفق.