تشهد محكمة جنايات القاهرة بجلسة غد الأربعاء الفصل قبل الأخير في محاكمة القرن بالاستماع إلي تعقيب المتهمين ودفاعهم علي ما أوردته النيابة والمدعون مدنيا من تعقيب علي مرافعاتهم حيث وصفت النيابة مرافعاتهم بأن حصيلتها حق منكر وعدل مهدر وظلم يذكر وتحريف للكلم عن مواضعه وكتمان للحق وفي بعض الأحيان خروج عن آداب المرافعة يستوجب المساءلة.. وقد جاءت مرافعة النيابة بمثابة الألغام التي نسفت دفاع المتهمين. قال المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة أمام المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيوني وهاني برهام بحضور المحامين العموم مصطفي سليمان ومصطفي خاطر ووائل حسين وعاشور فرج وأمانة سر سعيد عبدالستار وعبدالحميد بيومي وماهر حسانين ان دفاع المتهمين عكس في بعضه عدم فهم للقانون وتزييف للحقائق وجهل البعض منهم بأصول التحقيق الجنائي. أضاف ان البعض من المغرضين وجدوها فرصة للإثارة وتحقيق مآرب خاصة ولو علي حساب الحقيقة والعدالة وتعجبت النيابة من ان يكون أحد هؤلاء أحد المدعين بالحقوق المدنية حيث وصف تحقيقات النيابة بأنها "باهتة" رغم ان هذا القول ليس في مصلحة موكله إن كان يبغي فعلا مصلحة موكله وثبت ان لديه مآرب خاصة لسبق إدانته من تزوير ونصب وتسبب برده للمحكمة في تعطيل الفصل في الدعوي لأكثر من 3 أشهر. استطرد المستشار "سليمان" ان الدفاع عن المتهمين أراد الحصول علي براءة غير مستحقة بعد درء المسئولية عن موكليهم وهذا الأمل غير وارد وسيذهب أدراج الرياح بعد ان استندوا في دفاعهم إلي قصور التحقيقات لعدم تحقيق النيابة في وقائع الاعتداء علي رجال الشرطة وأكدت النيابة انها ستتقدم بما يفيد التصرف في معظمها. قالت النيابة انها أجرت التحقيقات في ظروف عصيبة وغير مسبوقة ولن تتكرر ولولاها لأفلت المتهمون من العقاب واستعرضت النيابة ما ذكره دفاع المتهمين من ان النيابة لم تتوصل إلي الفاعلين الأصليين في القضية مؤكدة انها سلكت جميع الطرق واتخذت جميع الإجراءات القانونية للتوصل للفاعلين الأصليين وأعلنت في جميع وسائل الإعلام وعلي الفيس بوك ان كل من لديه معلومات عن أي من الفاعلين الأصليين يقدمها للنيابة العامة. وأضاف ان أحدا لم يرشدها عن الفاعلين الأصليين علي الرغم من ان هذه الأمور ليست من سلطة أو اختصاصات النيابة العامة وإنما تقع مسئولية سلطات الاستدلال المتمثلة في جهاز الشرطة. القتل علي الهواء أضاف المستشار "سليمان" ان كافة من تقدموا إلي النيابة منذ فتح التحقيقات لم يرشدوا عن مرتكبي تلك الجرائم وإنما قدموا معلوماتهم من واقع مشاهدتهم وتجاربهم بميدان التحرير وغيره من الميادين مشيرا إلي ان أحداث قتل المتظاهرين حدثت علي مرأي ومسمع من الجميع ونقلتها معظم القنوات الفضائية علي الهواء وأظهر بعضها وجود ضباط الشرطة الذين أطلقوا النيران تجاه المتظاهرين وبالرغم من ذلك لم تكشف وزارة الداخلية عن هوية هؤلاء الضباط. أكد انه لولا وجود تسجيل مصور للضابط محمود الشناوي الشهير بقناص "العيون" في أحداث شارع محمد محمود وهو يستهدف المتظاهرين والكشف عن سكنه واسمه وأرقام هواتفه لما توصل أحد إليه موضحا انه علي الرغم من ان هوية مطلقي النيران تظل مجهولة إلا ان التحقيقات ستظل قائمة لمدة 10 سنوات كاملة بوصفها جناية لا تنقضي بالتصادم إلا لمرور هذه المدة التي ربما تشهد استيقاظ بعض الضمائر والكشف عمن قاموا بتلك الأفعال. وتساءل المستشار "سليمان" إذا كان ما ذكره دفاع المتهمين صحيحا بشأن الشرطة من انها خرجت لتأمين المظاهرات وانها كانت مؤيدة للثورة وطلباتها مما هو سر العداء المستحكم بين رجال الشرطة والشعب في ظل السياسة التي انتهجها العادلي ومساعدوه. وقالت النيابة إن ما طرحه دفاع المتهمين من إلقاء مسئولية قتل المتظاهرين السلميين علي العناصر الأجنبية تارة والجامعة الأمريكية تارة أخري وإسرائيل مرة ثالثة يحمل تناقضا واضحا مشيرا إلي ان الدفاع قدم هذه السيناريوهات دون رابط ولم تتوصل النيابة مطلقا إلي صحة أي من هذه السيناريوهات. قول مرسل أشار المستشار سليمان إلي ان ما أثاره الدفاع عن مشاركة عناصر من حزب الله وحماس في قتل المتظاهرين قول مرسل لا يستند إلي حقائق مؤكدا ان حزب الله وحماس كان كل هدفهم استثمار هذه الظروف لتهريب اتباعهم من السجون فقط. أكد ان فريد الديب محامي المخلوع ونجليه أورد دفاعا متناقضا محيرا فمرة يقول ان مبارك مازال رئيسا للجمهورية لأنه لم يتقدم باستقالة كتابية من منصبه وتارة أخري يقول إن موكله بعد تخليه عن منصب رئيس الجمهورية عاد إلي منصبه السابق برتبة فريق بالقوات المسلحة استنادا إلي قانون أصدره الرئيس السابق الراحل أنور السادات عام 1979 لتكريم الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة المشاركين في حرب أكتوبر 1973 مما أصابنا بالحيرة وهل مازال مبارك رئيسا للجمهورية أم فريق طيار. أوضح ان الدفع باستمرار بقاء مبارك رئيسا للجمهورية بموجب دستور 1971 يخالف الثوابت الدستورية والقانونية من انه في حالة الثورات الشعبية يصبح الشعب هو مصدر السلطات ومن يقم بإسقاط الدستور علي نحو ما جري في أعقاب ثورة يناير مشددا علي ان مبارك أجبر علي ترك الحكم فتم خلعه ثم ارتضي الشعب بتولي القوات المسلحة إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية بموجب الإعلان الدستوري بعد تعطيل العمل بدستور 1971 والذي في حالة صحة استمرار العمل به فإنه لم يحدد طريقة معيبة لمساءلة رئيس الجمهورية عن الجرائم الجنائية تاركا أمرها للمحاكمة العادلة. وقال المستشار سليمان ان هناك العديد من الاحكام التي أكدت ان دفع المتهمين ببطلان أمر الإحالة لتوقيعه من المحامي العام الأول وأيدته محكمة النقض مشيرا إلي ان الدفع ببطلان التحقيقات مع المتهمين استنادا إلي ما اعتبره دفاع المتهمين بصدور أمر ضمني الإباحة لإقامة الدعوي الجنائية ضد بعض ضباط الشرطة اللذين استدعوا وتم استجوابهم ولم تدخلهم متهمين لأن النيابة كانت تستدعي ضابط الشرطة للوقوف علي حقيقة الأمور واستكمال التحقيقات فيها. أشار المستشار سليمان إلي ان عرض الدفاع لواقعة تبرئة بعض الضباط بقسم السيدة زينب علي اعتبار ان هؤلاء الضباط هم من بين الفاعلين الأصليين للجرائم وقد جرت تبرئتهم مما يستوجب معه تبرئة الشريك في الجريمة مبارك والعادلي ومساعديه. أكدت النيابة ان وقائع هذه القضية تختلف تماما عن وقائع القضية التي يحاكم المتهمون فيها عن قتل المتظاهرين بالميادين والساحات العامة. أضافت النيابة ان دفاع المتهم الخامس العادلي احتج بأن موكله كان يشغل منصبا وزاريا وقد حدد القانون شروطا محددة لمحاكمة وهذا الأمر غير صحيح لأن العادلي أقيل من منصبه في 31 يناير 2011 وبالتالي يخضع لكافة القواعد العادية للمحاكمة الجنائية. أشارت النيابة إلي عدم صحة ما ذكره الدفاع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدي ضباط الشرطة في استخدام القوة مشيرا إلي ان حق الدفاع الشرعي أقره القانون بضوابط محددة من بينها مناسب القوة وهو الأمر في حال التصدي للمتظاهرين سلميا إلي جانب انه لم يتوافر بالأوراق ما يفيد ان المتظاهرين كانوا يعتدون علي رجال الشرطة. وأكد المستشار سليمان ان من الشهداء والمصابين لم يكونوا من المتجمهرين المجرمين وإنما كانوا متظاهرين سلميين وبالتالي لا ينطبق عليهم قانون التجمهر وهو ما دفع النيابة لإخلاء سبيلهم وعددهم 166 متظاهرا موضحا انه لا يمكن تذرع الضباط بأنهم أطلقوا النيران علي المتظاهرين إعمالا لقانون التجمهر. وقال المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة ان الرئيس السابق مبارك شارك بنشاط ينطوي علي التحريض والاتفاق علي قتل المتظاهرين وانه يظل مسئولا بحكم الدستور والقانون لأنه علم وشاهد عبر وسائل الإعلام وقائع قتل المتظاهرين ولم يحرك ساكنا علي نحو تتوافر معه المشاركة السلبية موضحا ان النص القانوني أكد ان المساعدة السلبية تكون في بعض الأحيان أجدي من النشاط الإيجابي لفعل القتل وان مبارك بحكم الدستور والقانون مسئول عن حماية شعبه لكنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة لوقف أعمال العنف التي وقعت ضد المتظاهرين. آلي وخرطوش أكد المستشار سليمان عدم صحة ما ذكره الدفاع من ان التسليح الوارد لقوات الأمن المركزي اختلف يوم 28 يناير عن يوم 25 يناير موضحا ان أقوال جميع الشهود أجمعت ان القوات ظلت متمركزة في مواقعها منذ يوم 25 وحتي 28 يناير وبالتالي يكون علي غير سند من الواقع باختلاف التسليح مشيرا إلي انه ثابت بدفاتر السلاح تسليح القوات بأسلحة آلية وخرطوش داخل القاهرة والمحافظات. وقالت النيابة ان كافة الاسطوانات المدمجة التي قدمتها النيابة لوقائع قتل المتظاهرين صحيحة ولم يثبت وجود أي تعديلات عليها مشيرا إلي ان ما أورده عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق واللواءان منصور العيسوي ومحمود وجدي وزيرا الداخلية السابقان بشأن وجود طرف ثالث شارك في الأحداث هو مجرد ملاحظات شخصية وليس من قبيل العلم اليقيني مشيرة إلي ان ما أثير عن وجود عناصر أجنبية كان في ميدان التحرير فقط ولكن ماذا عن بقية المحافظات التي جرت بها وقائع مماثلة. أكد المستشار سليمان ان النيابة العامة عندما تطرقت في مرافعتها إلي مشروع توريث الحكم من مبارك لنجله جمال لم تخرج عن أصول المرافعة وان الفقه القانوني أباح للنيابة عندما تقوم بالمرافعة ان تبدأ بمقدمة لشرح ظروف القضية وملابساتها مشيرة إلي ان التعرض لمشروع التوريث كان للإشارة إلي ان ما جري من وقائع وأحداث كان سببا مباشرا لهذا المشروع والذي تسبب في ترهل النظام السياسي وهو ما سبق وحذر منه أيضا المستشار يحيي الرفاعي في مؤتمر العدالة في حضور مبارك نفسه. أضافت النيابة ان التطرق لوقائع تتعلق بالاستيلاء علي سبائك ذهبية وحسابات مصرفية لمكتبة الإسكندرية كان للتدليل علي تهمة استغلال النفوذ ووجود سوابق ودلائل عليها ولم يكن القصد التجريح. أشارت النيابة إلي ان صفقة بيع الغاز المصري لإسرائيل وإسنادها لحسين سالم كان بأمر من مبارك حسب ما قرره عمر سليمان بنفسه في التحقيقات وهو الأمر الذي أسفر عن إهدار جسيم في المال العام وتربيح حسين سالم أموالا طائلة دون وجه حق علاوة علي تمكينه من الحصول علي الأراضي المتميزة في شرم الشيخ نظير عطايا لآل مبارك ومجموعة من الفيلات. نفي ممثل النيابة وجود أي تواطؤ أو تباطؤ في عمل النيابة أو القضاء وشرح بداية نظر القضية في شهر مايو 2011 وتعرضها للتوقف حوالي 3 أشهر مؤكدا انها سارت بسرعة غير عادية وبجلسات يومية لهيئة المحكمة مشيرا إلي انه في الفترة الأخيرة شهدت الساحة تطاولا سافرا في حق القضاء وغاب عن الجميع المبدأ القانوني القائل بعدم جواز التعقيب علي أحكام القضاء بالرفض أو القبول إلا بطرق الطعن القانونية أو في مجال البحث العلمي. حذرت النيابة من استغلال المناخ الثوري من أصحاب الانتهازية الثورية قائلا: لقد تحلينا بالصبر وضبط النفس والحكمة لأن رسالتنا تستوجب ذلك ولكن لكل إنسان طاقة مؤكدا ان النيابة أدت رسالتها وواجبها بإخلاص لله والمجتمع وتحملت كل ما قيل من تطاول وتجاوز يستوجب المساءلة. أكدت النيابة انه من الآن وصاعدا فإن كل من لا يلتزم بأحكام القانون فليتبوأ مقعده من قفص الاتهام بالطريق القانوني. وأكد المستشار مصطفي خاطر ان النيابة قامت بواجبها علي أكمل وجه في واقعة الصحفي الشهير أحمد محمود من خلال تحقيقات بلغت 120 صفحة ومنها معاينات واستعلامات من الشرطة وتم فيها كل إجراءات التحقيق ومع ذلك عجزت عن الوصول لمرتكب هذا الفعل رغم تقديم صورة الجاني لوزارة الداخلية التي رددت بأن الصورة المرسلة للجاني غير واضحة وبعد استيفاء التحقيقات من كافة الوجوه لم يتوصل إلي الفاعل فأصدرنا أمرا بالإباحة لإقامة الدعوي لعدم معرفة الفاعل. أضاف ممثل النيابة ان النيابة عاينت مبني وزارة الداخلية وقت أحداث الثورة ولم يتبين وجود محاولة اقتحام بالمخالفة لما ذكر الدفاع مشيرا إلي ان هيئة الأمن القومي تابعة للمخابرات العامة ومهمتها أيضا جمع المعلومات. وبخصوص ابتعاد النيابة كل من المتهمين العاشر أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق والحادي عشر عمر الفرماوي من تهمة قتل المتظاهرين أكدت النيابة ان المديريتين لم تحدث فيهما وقائع قتل للمتظاهرين السلميين ولو حدث ذلك لتم تقديمهما للمحاكمة بنفس الاتهامات الموجهة لباقي المتهمين وطالبت بتوقيع أقصي العقوبة علي المتهمين. المدعون مدنيا وتحدث المحامي سامح عاشور نيابة عن المدعين بالحق المدني الذين تقدم 24 منهم بمذكرات مكتوبة للمحكمة فأكد ان القضية ليست مثل أي قضية وإنما قضية ثورة مؤكدا ان ما حدث في واقعة الشهيد الصحفي أحمد محمود يؤكد ان هناك مؤامرة علي هذه القضية بدأت بمسح لواء شرطة مكالمات المتهمين وقت الثورة كانت تمثل دليلا قاطعا علي ارتكاب المتهمين للجناية الموجهة إليهم. قال إن النيابة نجت من فخ الدخول والبحث عن الفاعل الأصلي التي أرادت لها الشرطة الدخول فيه بالخداع والتضليل. وقال إن تمسك الدفاع بسبب الإباحة يعتبر اعترافا بالجريمة وان تحدث الدفاع عن المادة 85 من الدستور عن ان مبارك مازال رئيسا للجمهورية هو استخفاف بالكل لأن مبارك سقط وخلع ولا يجوز استمرار هذا الخداع والجدل العقيم لدفاع المتهم. بعد ذلك سمحت المحكمة لدفاع المدعين مدنيا بتسليم مذكرات التعقيب قررت استمرار حبس مبارك ونجليه والعادلي مساعديه الأربعة والتنبيه علي المراسي والفرماوي بالحضور لجلسة الغد لإسدال الستار علي المشهد قبل الأخير من محاكمة القرن.