تضاربت الآراء ما بين مؤيد ومعارض حول مدي امكانية عودة أو إلغاء مسابقة الدوري العام لكرة القدم هذا الموسم بعد مجزرة مباراة الموت ببورسعيد والتي هزت وجدان العالم بأسره من هول الكارثة التي عاشتها مصر في هذا اليوم الحزين "الأربعاء الدامي" وأنا شخصيا في دهشة وأسف شديدين علي الآراء المؤيدة لعودة الدوري بحجة انه مرتبط بعملية اقتصادية كبيرة وان إلغاء المسابقة سوف يعرض الأندية واتحاد اللعبة لخسائر مالية تصل إلي 500 مليون جنيه والسؤال الذي يطرح نفسه كما تساوي أرواح عشرات الشباب الذين فقدتهم مصر بجانب مئات المصابين في مباراة الموت والتي تمثل حلقة جديدة من حلقات حمامات الدم التي غرق فيها شعب مصر منذ تجرأ وقام بثورته السلمية المجيدة التي أذهلت العالم وصنفت بأنها الأعظم في تاريخ الإنسانية فالشعب المصري يتعرض لسلسلة من المؤامرات الدنيئة التي يقودها فلول النظام الساقط والفاسد.. الفاشل.. المخلوع والعملاء المدعومين من الخارج والبلطجية والإعلام الفاسد بإثارة الفتنة والدسائس والوقيعة وممارسة كل أعمال التخريب والتدمير للمنشآت العامة والخاصة واقتصاد الدولة سعيا لإضعاف مصر وإجهاض ثورتها ومنع شعبها من جني ثمار ثورته وبناء دولته الحديثة القوية اقتصاديا وعلميا واجتماعيا القائمة علي العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية والديمقراطية.. ولعل حالة الانفلات الأمني بعد تراجع أداء جهاز الشرطة إلي حد الانهيار في بعض الفترات كان بمثابة فرصة لكل المتآمرين لبث سمومهم وتحقيق أهدافهم لينشغل الجميع في تلك القضايا الفرعية ويعطل شعب مصر عن تحقيق أهداف الثورة ببناء دولته الجديدة حتي وصلت المأساة التي يعيشها الشعب المصري لذروتها بوقوع كارثة مباراة الموت ببورسعيد والتي يتحمل مسئوليتها رجال أمن بورسعيد بسبب تخاذلهم وفشلهم الذريع في تأمين المباراة والسيطرة وهذا الفشل الأمني كان سببا مباشرا منذ قيام الثورة في إشاعة الفوضي وعدم الاستقرار في البلاد وبالتالي كان طبيعيا ان يتعرض الاقتصاد المصري لضربة قاتلة تمثلت في هروب الاستثمارات الأجنبية وتراجع السياحة فنحن نعلم انه لا بناء ولا تنمية اقتصادية في غياب الأمن حتي وصلت خسائرنا في قطاع السياحة خلال العام المنقضي 7 مليارات جنيه. والمؤسف هنا ان يخرج علينا البعض يطالب بعودة الدوري لأننا سنخسر نصف مليار جنيه ونسي هؤلاء حالة الاحتقان الجماهيري والتعصب والتطرف في إثارة الشغب حتي وصلنا لمجزرة مباراة الموت.. المطلوب إلغاء الدوري لأن روح شاب واحد تساوي مليارات الجنيهات.. الشعب المصري في حاجة لالتقاط أنفاسه ولفترة هدوء بعيدا عن أي تجمعات وحشود بالآلاف في ملاعب الكرة في ظل انفلات أمني غير مسبوق في تاريخ مصر يمثل أرضا خصبة لاستغلالها سياسيا كما حدث في بورسعيد لإراقة المزيد من دماء المصريين الأبرياء.. الشعب المصري يحتاج لأن يتفرغ الجميع لاستكمال باقي إجراءات بناء الجمهورية الثانية بوضع الدستور وانتخاب رئيس جمهورية مدني وتسليم السلطة لحكم المدنيين.. إلغاء الدوري هذا الموسم والتفرغ للقصاص من مرتكبي ومخططي كارثة مباراة الموت من شأنه ان يخفف من مصاب أسر الشهداء.. فالله أنعم علي الإنسان بنعمة النسيان وهذا يتطلب إلغاء الدوري لإتاحة فترة زمنية أمام جماهير الكرة وأسر الضحايا نسيان مجزرة الأربعاء الدامي وحتي يمكن تحقيق المصالحة وبحث سبل القضاء علي ظاهرة التعصب والتخلص من حالة الاحتقان والتي تصل إلي حد التفكير في الثأر.. الشعب المصري يريد استراحة محارب من كرة القدم حتي يعيد النظر في تنظيمات الألتراس تلك الظاهرة الدخيلة علي مجتمعنا ووضع حلول ووسائل للتخلص منها.. أقول ذلك لأن هناك معلومات تتردد بعودة الدوري في النصف الثاني من مارس القادم.. وتلك كارثة أخري.. ومباراة القمة المزمع إقامتها يوم 11 مارس هي مباراة لجس النبض لنبدأ مهزلة استئناف مسابقة الموت في ظل وجود ملاعب تفتقر لأبسط قواعد التأمين أم ان الأندية قررت تخصيص عدة ملايين من ال 500 مليون لتعوض بها شهداء الدور الثاني من الدوري.