رغم الانقسام بين الائتلافات والأحزاب والقوي السياسية والحركات الثورية حول الدعوة للعصيان المدني إلا أن مصالح الوطن في مختلف المجالات لم تكن في الاعتبار وسط موجة الاضراب العام. بسطاء أبناء شعبنا لهيب الأسعار أثقل كاهلهم يبحثون عن بصيص أمل لعلهم يجدون احتياجاتهم دون معاناة. أنابيب البوتاجاز لاتزال تعاني أزمة. السولار في ضائقة. الخطوات بطيئة في دعم هذه الخدمات وناهيك عن طوابير رغيف العيش. الساحة تموج باختلافات الرأي والرؤي البعض يتشبث بالعصيان بينما يري آخرون أنه يتسبب في أضرار جسيمة تلحق باقتصادنا وتزيده معاناة. وفي خضم هذا الحوار الدائم لم يبزغ أي ضوء يشير إلي نزع فتيل الأزمات التي تحدث نتيجة هذه التجمعات والتظاهر التي تحدث في مختلف المدن بعواصم المحافظات. كما أن جرائم البلطجية وغيرهم من اللصوص تزداد ضراوة. فإلي متي تظل هذه القوي مشغولة بالحشد ليوم العصيان في يوم يوافق سقوط الرئيس السابق الذي خلعه الشعب وبالتالي يقف المواطن حائراً ولسان حاله يرد إلي متي سوف تستمر معاناتي مع الأسعار. ومتي ينتهي وقف الحال. كما يقول أحد الباعة عندما طالبته بالتفاؤل والأكثر غرابة أنه جهر بصوته بدرجة أثارت انتباه جيرانه من الباعة فانضموا إليه وقالوا في صوت واحد كفاية وقفات واحتجاجات. وللأسف لم أستطع أن أجيب علي تساؤلاتهم التي أمطروني بها مما أصابني بالحيرة التي أصابت اللسان بالشلل! ومع أن بعض العقلاء يقف بأسلوب هاديء وسط الجموع الداعية للعصيان في محاولة يائسة للاقناع بالعدول عن هذا الاتجاه ولكن بلا فائدة لأن البعض يعتقد أن الوقت قد حان لكي تتم الاستجابة لمبادرات تسليم المجلس العسكري لسلطة مدنية والتعجيل بانتخابات الرئاسة واجرائها في نفس يوم الاستفتاء علي الدستور في 30 مايو بحيث يتم تخصيص صندوق لانتخاب رئيس الجمهورية وآخر للاقتراع علي الدستور تحت اشراف القضاء ويعتقد هؤلاء أن الاضراب العام في اليوم الموافق لسقوط مبارك هو الذي سوف يكون وسيلة الضغط لتحقيق هذه المطالب متجاهلاً حالة الكساد والازمات التي أصابت الاقتصاد بالشلل وجعلت الحكومة تبحث عن موارد ربما بالاقتراض أو باجراءات قد تؤدي إلي وقت أطول من أجل تخفيض معاناة البسطاء من أبناء شعبنا وهم الغالبية العظمي! ووسط هذا التشبث بالرأي تتوه مطالبة العقلاء والحكماء فالمرحلة التي تعيشها مصر لا تتحمل وقف عجلة الانتاج ويجب أن تتضافر الجهود لدفع كافة المصالح والهيئات والمؤسسات لرفع كفاءة العمل واتخاذ الاجراءات اللازمة لكي تتحرك عجلة الانتاج بصورة أكثر كفاءة وللأسف لم تلتفت بعض القوي الثورية لذلك وتصر علي دعم العصيان المدني باعتباره الأسلوب الأمثل لتحقيق أهداف الثورة التي لم تنته بعد. وتتعالي النبرة أكثر حينما تجري المطالبة بزيارة السجون للتأكد من تطبيق لائحة السجون علي رموز النظام السابق المحبوسين داخلها. كل في شغل فاكهون وفي نفس الوقت تتبخر آمال المواطن البسيط في غد أكثر اشراقاً ويبقي الحال علي ما هو عليه. ونظل ندور في حلبة الرأي والرأي الآخر رغم أن الأمر قد حسم وتحدد يوم 10 مارس القادم موعداً لتلقي طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية ونداء الواجب يتطلب الاتفاق علي كلمة سواء ووضع مصلحة الغالبية العظمي من أبناء شعبنا في الاعتبار وفوق كل النزعات والرغبات مهما تكن قوة الحجة وليكن الانتاج في بؤرة اهتمام الائتلافات والحركات الثورية التي قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية. أعتقد أن الاضراب العام واستمرار حالة العصيان يعطل المهام التي بدأتها حكومة الانقاذ الوطني التي تحركت بفاعلية في مختلف الاتجاهات وتمثلت في تدبير 500 مليون جنيه للتدريب ورفع كفاءة 30 ألف عامل بالمصانع بالإضافة إلي البدء في تنفيذ مبادرة اشتراك 15بنكاً مع اتحاد البنوك في إيجاد حلول لمشاكل تعثر 310 مصانع علاوة علي تركيز الحكومة علي قطاعات اخري مثل اعفاء شركات قطاع السياحة من الضرائب المستحقة عليه منذ ابريل الماضي. وتتنوع اهتمامات الحكومة برئاسة الدكتور كمال الجنزوري من أجل النهوض بمختلف المرافق ودفع الاقتصاد خطوات يجني المواطن البسيط ثمارها في الأوقات المناسبة في تزامن مع البرامج المحددة لهذا الغرض. وفي هذا الاطار تطرح وزارة الزراعة 200 ألف فدان للاستصلاح منها 113 ألف فدان لتعويض الفلاحين الذين أضيروا من تطبيق القانون الخاص بالعلاقة بين المالك والمستأجر مع الالتزام بضوابط تتضمن أن يكون لكل فرد 5 فدادين فقط من أجل تحقيق العدالة. ليس هذا فحسب وانما هناك اجراءات اخري من أجل توفير اللحوم البيضاء من الدواجن وذلك بالاقدام علي اسقاط فوائد الديون المتراكمة علي أصحاب 12 ألف مزرعة دواجن مع جدولة ديون مزارع الانتاج الحيواني بالإضافة إلي مشروع البتلو والقروض من أجل تشجيع الفلاحين علي تربية الماشية لتوفير اللحوم الحمراء من الانتاج المحلي. الصورة العامة تؤكد أن حركة العمل في الجهاز الحكومي تسير في خطوات فاعلة والواجب الوطني يتطلب أن نؤازر هذه الخطوات وليكن يوم الحادي عشر من فبراير وقفة نستلهم فيها صالح الوطن. وليتنا ندرك أن ما جري حول محيط وزارة الداخلية قد شغل الكثير من تفكير أعضاء البرلمان والاهالي وأصحاب المحلات الذين أضيروا من هذه المظاهرات وتبادل القاء الحجارة بين المتظاهرين من الشباب ورجال الأمن. ورغم ضبط النفس ومبادرات التهدئة فإن الحواجز الأسمنتية لا تزال شاهدة علي أن النار تحت الرماد. يا سادة الوطن في أشد الحاجة لتجاوز هذه المرحلة الانتقالية بصورة أكثر كفاءة وهدوءا في علاج قضايانا ومشاكلنا ولندرك أن هناك قوي خارجية وداخلية تتربص بنا وعلينا مهمة تتطلب التصدي للتحديات واتخاذ الاجراءات التي تشير إلي أن هموم الوطن في بؤرة اهتمام الائتلافات والأحزاب والقوي الثورية بمختلف توجهاتها وليتنا ندرك أننا جميعاً في مركب واحد وجميعنا في منتهي الحرص لكي يعبر الوطن هذه الظروف ونحن صف واحد. وليكن هذا اليوم يوم الوحدة الوطنية والهدف الواحد. نستلهم اصرار شعبنا في مثل هذا اليوم علي اسقاط رأس النظام في وقفة واحدة جمعت كل أطياف الشعب. المواطن البسيط يتطلع إلي كل القوي والاحزاب في تحقيق طموحاته وآماله في مستقبل يفتح آفاق مستوي حياة أفضل وفرص عمل لشبابنا. ولا مانع من تحقيق الرغبة في استلهام ذكريات هذا اليوم مع وضع مصالح الوطن في مقدمة الأولويات وليكن قول الله تعالي "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" نصب أعيننا ونسأل الله أن يهدينا لما فيه صالح الوطن والمواطن.