في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت في ايطاليا وألمانيا بدعة القمصان الملونة.. وهي تشكيلات الهدف منها ظاهريا النهوض بالروح الرياضية في الشباب ولكن واقع أمرها كانت تأخذ طريقها لتأييد سياسة حزبية معينة. وفي سنة 1934 انشأ حزب مصر الفتاة فرقة القمصان الخضراء.. وأنشأ حزب الوفد فرقة القمصان الزرقاء وكان الهدف أيضا هو تقوية الروح الرياضية لدي الشباب ولكن الذي حدث هو ان فرقة القمصان الزرقاء زادت حجما وقوة ووصل عددهم إلي سبعة آلاف شخص من العمال وصغار الحرفيين والطلبة.. منهم ألفان في القاهرة وخمسة آلاف في الأقاليم وكان بعض أفراد هذه الجماعة يقتحمون مصالح الحكومة ويفرضون إرادتهم علي الرؤساء والموظفين!! ولكن هذا الوضع الخاص بهذه الجماعة أصبح يثير القلق لأن الحكومة الوفدية احتضنتها واعتمدت عليها في كثير من الأمور كما كانت تهتم بهم في حالة حدوث أي صدام مع القصر! ولم يكن الملك فاروق قد اعتلي عرش مصر في ذلك الوقت وكان هناك مجلس الوصاية علي العرش الذي أبدي اعتراضا شديدا علي أنشطة جماعة القمصان الزرقاء وأيدته في ذلك السلطات البريطانية وطالب الاثنان بالحد من سيطرتها.. وأعلن حزب الوفد ان الهدف من هذه الجماعة هو تقوية الشباب والبعد عن السياسة!! وقال السفير البريطاني: إذا كان الأمر كذلك فلماذا يحمل بعض شباب الجامعة الخناجر والأسلحة البيضاء؟؟ ولكن الوفد أكد ان هذا ممنوع منعا باتا..!! وذهب السفير البريطاني إلي النحاس باشا ونصحه بأن يتخذ إجراءات سريعة للحد من نشاط تلك الحركة فإن وجودها يثير القلق في نفوس الكثيرين خصوصا الأجانب ثم ان مصر مقبلة علي الغاء الامتيازات الأجنبية والتخلص من المحاكمة المختلطة ثم ان انتشارها قد يؤدي إلي محاولات من جانب دولة ثالثة للتدخل لحماية رعاياها في مصر..!! والابقاء علي القمصان الزرقاء قد يعتبر عملا من أعمال التحيز والتميز خصوصا ان الحكومة الوفدية قررت حل جماعة القمصان الخضراء.. وفي 8 مارس سنة 1938 صدر مرسوم بحظر الجمعيات التي يكون لها صورة التشكيلات!! وانتهي عصر القمصان الملونة التي أخذت أهدافا ظاهرية هي تقوية الروح الرياضية لدي الشباب..!! ومضت سنوات لمعت خلالها الأحزاب في مصر وضم كل حزب أعدادا كبيرة من المواطنين.. واختفي حملة القمصان أيا كان لونها.. وعندما قامت ثورة 23 يوليو وتم الغاء الأحزاب لجأ المواطنون إلي تشجيع الأندية الرياضية فأصبح لكل ناد من الأندية.. اعداد كبيرة من المشجعين المتعصبين بقوة لأنديتهم ولكرة القدم.. وخلال السنوات القليلة الماضية انتشرت بدعة أخري في مصر عرفت باسم "الالتراس".. وهي تعني روابط مشجعي الأندية المختلفة وأصبحت ظاهرة ومصدر ضغط علي الأجهزة الفنية للأندية ومجالس إداراتها.. وظهرت اتهامات بأن بعضها شارك في وقوع اشتباكات في الملاعب!! وكما ظهرت القمصان الملونة أول ما ظهرت في أوروبا وكعادتنا في مصر في تقليد الأجنبي.. ظهرت القمصان الخضراء والزرقاء.. فإن الالتراس ظهر أول ما ظهر كان في البرازيل وانتقلت الفكرة إلي أوروبا حيث كان هؤلاء المشجعون ينزلون إلي أرض الملاعب للتعبير عن الفرحة بالفوز.. ولكن بدأ المواطنون يشعرون بالقلق ازاء هذا الالتراس والخشية أن يتحول من التشجيع الرياضي وتنمية الروح الرياضية للشباب إلي أشياء أخري كما حدث في القمصان الزرقاء.