خلال عامين فقط ارتفع معدل الفقر بواقع 6.3% ليصبح ربع المصريين فقراء "2.25%" بانتهاء العام المالي 2010 2011 وذلك وفقاًً للبيانات الرسمية التي جاءت في بحث الدخل والانفاق والاستهلاك والذي اعلنه الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء. ومن بين فقراء مصر الذي يقدر عددهم بما يزيد علي 20 مليونا هناك نحو 8.3 مليون بنسبة 8.4% يعيشون في فقر مدقع وفي ظل مثل هذا النوع من الفقر الشديد لا يستطيع المرء ان يحصل علي الغذاء فقط اي تكلفة البقاء علي قيد الحياة ورغم ان معدل الفقر المدقع قد انخفض من 1.6% عام 2008 2009 إلي 8.4% إلا أن عدد المصريين الذين يعيشون في فقر مدقع قد زاد عددهم بنسبة 65% خلال السنوات العشر الآخيرة رغم معدلات النمو العالية التي تحققت خلال هذه الفترة. وفيما يستأثر ريف الوجه القبلي بأعلي نسبة من الفقر وتبلغ نحو 51% في 2010 2011 مقابل 44% قبل عامين تنخفض هذه النسبة في ريف الوجه البحري إلي 17% وبينما يصل معدل الفقر في حضر الوجه القبلي 5.29% يتقلص عدد فقراء حضر الوجه البحري إلي 3.10% وإن كانت النسبة قد ارتفعت بمعدل 3% وبحسب الدخل والانفاق فان خط الفقر لعموم مصر يقدر بنحو 3076 جنيهاً للاسرة اي ما يعادل 3.256 جنيه شهريا فيما ينخفض قيمة خط الفقر المدقع الي 2061 جنيها في العام اي 8.171 جنيها شهريا والمفارقة التي كشف عنها البحث ان الحد الادني لدخل الاسرة المكونة من خمسة افراد يقدر بنحو 1270 جنيها حتي تستطيع الوفاء باحتياجاتها الاساسية وفقا لخط الفقر القومي في حين ان الحد الادني للاجور الذي حددته حكومة ما بعد الثورة برئاسة الدكتور عصام شرف بلغ 700جنيه وهو ما يقل عن قيمة خط الفقر المدقع الذي يبلغ نحو 859 جنيها شهرياً للاسرة التي يبلغ عدد افرادها 5 افراد وهو العدد الذي ذكره البحث.. كما يقل عن قيمة خط الفقر المقدر ب .1270 بحث الدخل والانفاق والاستهلاك والذي يعتبره اللواء ابو بكر الجندي رئيس جهاز التعبئة والاحصاء ثاني اهم بحث يتم اجراؤه في مصر بعد بحث التعداد يفتح ملف الفقر والفقراء في مصر في اطار مطلب الحرية والعدالة الاجتماعية الذي كان احد اهم مطالب ثورة 25 يناير والذي كان شعارها عيش حرية عدالة اجتماعية. فقراء جدد تعتبر الدكتورة هبة الليثي رئيس قسم الاحصاء في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ان بحث دخل الاسرة يعد اهم المؤشرات التي تعتمد عليها سياسات مكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية مشيرة الي ان الفقر يعد عقبة اساسية للتنمية وتحقيق معدلات نمو عالية كما انه يولد بيئة خصبة لتزايد معدلات الانحراف وتطالب الحكومة بضرورة الاستفادة من البحث ونتائجه في وضع سياسات عاجلة لمكافحة الفقر وترجع الدكتورة هبة الليثي تراجع معدلات الفقر المدقع خلال العامين الاخريين الي ادراك النظام السابق متأخرا لمخاطر قضية الفقر فتدخل ببعض السياسات التي استهدفت الفقراء مثل زيادة اعداد المستفيدين من بطاقات التموين والمستفيدين من معاش الضمان الاجتماعي وذلك في اعقاب الارتفاع الكبير في الاسعار العالمية الا ان ذلك لم يمنع من سقوط فقراء جدد في براثن الفقر وعلي حافته لترتفع نسبتهم الي نحو 25% من سكان مصر وتشير الليثي الي ضرورة اجراء دراسات متعمقة حول مؤشرات الفقر من واقع بحث دخل الأسرة وطالبت بضرورة وضع برامج جادة لتوجيه الدعم لمستحقيه من جانب الحكومات الحالية و المقبلة والتي ستتمتع بشعبية عريضة تمكنها من اكتساب ثقة الناس. النسبة أعلي بكثير ويشكك الدكتور فرج عبدالفتاح استاذ الاقتصاد وعضو اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع في ارقام الفقر التي جاءت ببحث دخل الاسرة مشيرا الي ان عدد الفقراء اعلي بكثير من المعلن من جهاز التعبئة والاحصاء وقال ان المعدل الحقيقي يقترب من 50% بحسب تقديرات دولية ويبدو ذلك منطقيا مع ارتفاع الاسعار الكبير وزيادة معدل التضخم لافتا الي ان الشهور القليلة الماضية انضمت اعداد كبيرة من المصريين الي شريحة الفقراء رغم حصولهم علي ذات الاجور بل قد تكون هذه الاجور قد ارتفعت لاننا يجب ان نفرق بين الاجر الاسمي الذي يتمثل فيما يحصل عليه الفرد من اجر نقدي وبين الاجر الحقيقي المتمثل فيما يمكن ان يشتريه الفرد من سلع وخدمات بهذا الاجر. يؤكد عبدالفتاح علي ضرورة ان يكون ملف الفقر والعدالة الاجتماعية في مقدمة الملفات التي تبحثها الحكومة الحالية والقادمة لانه حتي الان لم يتحقق شيء او ربما حدث تقدم طفيف في هذا الملف رغم مرور عام علي الثورة حتي الحد الادني للاجور لا يحقق حد الكفاف والعيش الكريم للمصريين واشار عبدالفتاح الي ان الحكومة يمكنها القيام باصلاح حقيقي في مرتبات العاملين بالحكومة ومن خلال موارد حقيقية من خلال الصناديق الخاصة التي تضم مليارات الجنيهات واذا تحسنت احوال موظفي الحكومة فسوف ينعكس ذلك علي زيادة الانفاق وبالتالي تنشيط الاستهلاك مما ينعكس ايجابا علي القطاع الخاص الذي يستطيع وقتها اصلاح احوال العاملين فيه بدوره. سندات الثورة يؤكد الدكتور سلطان ابو علي وزير الاقتصاد الاسبق علي ضرورة الاسراع في تناول ملف الفقر وعدم العدالة الاجتماعية باعتباره من اهم ملفات الثورة مشيرا الي اهمية اتخاذ اجراءات مالية ونقدية وفي مجال الاستثمار والانفاق لتحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الموارد الكفيلة بتحقيقها وطالب بضرورة تطبيق الحد الاقصي للاجور والغاء دعم الطاقة للصناعات الكثيفة الاستخدام خاصة انها تبيع بالاسعار العالمية وقد صدر قرار بذلك ويبقي التنفيذ. ولزيادة موارد الخزانة العامة يقترح "ابو علي" ان تقوم الحكومة بطرح سندات بقيمة 200 مليار جنيه بدون فوائد "سندات الثروة" وتكتتب فيه الشركات والهيئات علي ان تستخدم الحصيلة في سداد جانب من المديونية المحلية مما يخفف عبء خدمة الدين في موازنة الدولة الي جانب فرض ضريبة تصاعدية تصل الي 30% واكد "ابو علي" ان مثل هذه الضريبة لن تؤثر سلبا علي الاستثمار او الانتاج طالما ان الناس تثق ان العائد سينفق علي الصالح العام مشيرا الي امكانية طرح ضريبة علي الثروة التي تزيد علي 10 ملايين جنيه لمرة واحدة وطالب وزير الاستثمار الاسبق بضرورة اعادة النظر في اولويات الموازنة العامة للدولة لصالح التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. حقيقة مفزعة الدكتور جودة عبدالخالق وزير التموين والتجارة الداخلية يري ان هناك ثورة صامتة في البيانات تقع علي ارض مصر ورصدها في الماضي كان له محاذيره السياسية والاقتصادية والبيئية في اشارة الي بحث دخل وانفاق الاسرة واعتبر ان ربع سكان مصر فقراء بمعيار خط الفقر القومي تعد حقيقة مفزعة وتلقي مسئولية كبيرة علي الحكومة بصفة عامة ووزارة التموين والتجارة الداخلية بصفة خاصة والتي تستهدف توفير الامن الغذائي للوطن والمواطنين واشار عبدالخالق الي برامج تعكف عليها وزارته لمراجعة نظام البطاقات التموينية ونظام دعم الخبز بما لا يمس سعره الاجتماعي وكذلك الحال بالنسبة لاسطوانات البوتاجاز الذي يتم اهدار نحو 14 مليار جنيه من خلال النظام الحالي ويمثل هذا المبلغ الفارق بين تكلفة الاسطوانة وهي 55 جنيها وبين سعر بيعها الرسمي وهو 250 قرشاً والذي لا تصل به للمواطن. وبحسب عبدالخالق فان هذه الاجراءات تهدف الي توجيه الدعم للفقراء. تفاوت كبير وبحسب مؤشرات بحث الدخل والانفاق والاستهلاك والذي اعلنه جهاز التعبئة والاحصاء فان متوسط الانفاق الكلي السنوي للاسرة بلغ نحو 22 ألفا و245 جنيهاً لاجمالي الجمهورية ويرتفع في الحضر الي 26 الفا و663 جنيها مقابل 18 الفا و636 للريف ويكشف البحث عن تفاوت كبير في الاستهلاك بين المصريين فبينما يقدر استهلاك الشريحة الدنيا التي تضم اقل 20% من السكان انفاقا بنحو 5.9% تصل نسبة الشريحة الأعلي 39.3% بزيادة نحو اربعة اضعاف. وتتوزع نسب الانفاق السنوي للاسرة علي الطعام بواقع 9.39% وعلي المسكن ب 18% والخدمات والرعاية الصحية 1.9% اما اقل انفاق مكان من نصيب الثقافة والترفيه ولم يتجاوز 5.2% وتمثل اللحوم اكبر نسبة من استهلاك قسم الطعام والشراب بمعدل 9.28% بمتوسط استهلاك سنوي 2747 جنيها في الحضر مقابل 2422 جنيها في الريف ومن المؤشرات المهمة التي كشف عنها البحث ان الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية تستهلك نحو 42% من قيمة انفاق الاسرة المصرية علي التعليم. وبالنسبة للموقف من الدعم اشار البحث الي ان 4.65% من الاسر المصرية لديها بطاقة تموينية وان كان اسر الريف اكثر حظاً حيث بلغ نصيبهم 9.72% مقابل 3.56% للحضر ويتمتع ريف الوجه البحري باكبر تغطية "8.73%" يلية ريف الوجه القبلي "3.71%". ووفقا لبحث دخل الاسرة فان نسبة الفقراء تزيد مع زيادة عدد افراد الاسرة ف 64% من الافراد الذين يعيشون في اسر بها 10 افراد فقراء كما ان ثلث العاملين في منشأت غير رسمية من الفقراء بينما يصل عدد الفقراء بين العاملين في القطاع الحكومي الي 13% مقابل 11% قبل عامين.