تلوح في الأفق بوادر سحابة سوداء تغطي سماء مصر السياسية. وتكاد تنذر بخطر محدق يطول الجميع.. وأخشي أن تعيدنا هذه السحابة إلي غيوم سامة أسقمت عقولنا وأجسادنا قبل 25 يناير .2011 نغمة خلافات بين جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسي "الحرية والعدالة" ومعها حزب النور السلفي من جهة. وبين باقي القوي والتيارات السياسية من جهة أخري.. وتكاد هذه النغمة تتحول إلي عداء صريح إن لم تكن قد تحولت بالفعل.. والعداء يولد الضغينة التي قد تنفجر إلي مواجهة صدامية في الشارع!! الانتقادات التي كانت توجه إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لبطء حركته في نقل الحكم إلي سلطة مدنية. والمطالبة بانسحابه من الساحة السياسية والعودة إلي ثكناته تحولت إلي هجوم مباشر وصريح علي المجلس بصفة عامة ورئيسه المشير محمد حسين طنطاوي بصفة خاصة. ووصلت هذه النداءات والشعارات إلي المطالبة بمحاكمة المشير والربط بينه وبين الرئيس المخلوع حسني مبارك ونصب المشانق لهما.. مع هتافات بأن الشعب يريد إسقاط المشير. وأن العسكر والإخوان باعوا الميدان. وأعلنت 36 حركة احتجاجية وحزبا سياسيا رفضها لوضع دستور جديد في ظل وجود العسكر.. كما رفضت الخروج الآمن له وتقديم المسئولين عن قتل المتظاهرين من الجيش والشرطة أياً كانت مناصبهم إلي المحاكمة. إن الربط بين المجلس العسكري والإخوان في مواجهة باقي القوي السياسية يحمل في طياته نذر شؤم كبيرة.. فقد شنت وتشن هذه القوي هجمات عنيفة عليهما. وأكدت أن شرعية الميدان توازي شرعية العسكري والبرلمان.. وقللت من شأن مشاركة الإسلاميين والإخوان في الثورة. وقالت إنهم آخر من شاركوا فيها.. بل إن البعض اتهم الإخوان صراحة بأنهم خانوا الثورة!! وفي ظاهرة هي الأولي من نوعها احتشد عشرات الآلاف من شباب الثورة وأهالي الشهداء أول أمس علي كوبري قصر النيل. وصلوا صلاة الغائب علي أرواح الشهداء.. وأم الصلاة شيخ أزهري شاب دعا خلالها علي المجلس العسكري والإخوان قائلاً: اللهم عليك بهم لأنهم خانوا الثورة. والتقت مسيرتان أمام مبني ماسبيرو خالعين أحذيتهم ورافعينها ثم طافت بأطراف الميدان وهي تردد الشعارات ضد العسكري وضد الإخوان. وجاء رد فعل القيادات الإسلامية بوصف هذه التيارات السياسية بأنها جماعات فوضي حيث أعلن خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان أن جماعات "الفوضي" قد تؤخر نقل السلطة إلي المدنيين.. وهو ما يعني بقاء المجلس العسكري في الحكم. في نفس الوقت وصف الدكتور أحمد أبوبركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة الهتافات ضد الإخوان بأنها "كلام فارغ" مؤكدا أن هناك مجموعات تريد إسقاط الدولة وحرق مصر وهدمها علي الجميع. بينما جاء رد فعل حزب النور السلفي أكثر حدة حيث قال الشيخ سيد العفاني أمين الحزب ببني سويف: إن المرتزقة من العلمانيين حنعلمهم الأدب وهنكتفهم في عمود لحد ما يبان لهم صاحب. إن تجارب الشعوب التي انقسمت علي نفسها تجارب مريرة تحمل الدمار والهلاك للوطن في الوقت الذي يجب أن تتوحد فيه الكلمة لنظرة مستقبلية تنشد بناء الوطن علي أسس ديمقراطية سليمة. وما أمر العراق منا ببعيد.. ومن قبله لبنان والجزائر.