حلم الشهيد.. عنوان جامع بديع.. يناسب حالتنا وحاجتنا فعلا ونحن نستعد للاحتفال بالعيد الأول لثورة 25 يناير.. فمازال الشهيد يحلم ومازلنا نحمل أمانة تفسير أحلامه وتحقيقها في رقبتنا.. ولا يتخلي عن حلم الشهيد أو يتجاهله إلا خائن للأمانة وخائن للوطن وللثورة ولدم الشهيد الغالي الذي ضحي من أجلنا جميعا.. من أجل أن نعيش في واقع أفضل ونتمتع بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. ليس منا من لم يقر ويعترف بفضل الشهداء علينا.. فهم أصحاب هذا العرس.. وأرواحهم ترفرف فوقنا.. تباركنا وتسائلنا عن الراية كيف رفعناها.. وعن الثورة كيف حميناها.. وعن المسيرة كيف استكملناها. لقد فتحوا لنا أبواب الحرية بدمائهم.. وكانوا أشجع وأفضل منا جميعا.. لذلك وجب علينا أن نضعهم في حبات عيوننا.. وأن نرفع أسماءهم ونذكرهم ونترحم عليهم في كل حين.. ووجب علينا أن نوفيهم حقوقهم كاملة.. وحقوق آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم. وهذه الحقوق يجب أن يحصلوا عليها بعزة نفس.. وكلهم كبرياء وكرامة.. وعلينا جميعا أن نتواضع أمامهم.. ونخشع ونحن نتحدث عنهم عرفانا بالفضل وردا للجميل. وما يقال علي الشهيد يقال علي المصاب.. فمن هؤلاء المصابين من قضي نحبه ومنهم من ينتظر.. وكلهم حمل روحه علي كفه من أجل مصر ومستقبلها الزاهر. حلم الشهيد.. ملف كبير.. بدأ في الميدان وعلينا أن نستكمله في كل الميادين حتي نستطيع القول بأن الثورة قد نجحت وحققت هذا الحلم النوراني. لم نتنبه خلال الشهور الماضية لهذا الحلم.. ولا لهذه الأمانة.. وتسببت الصراعات السياسية في ضياع فرص مهمة علي مدي الفترة الماضية.. وإذا كان بإمكاننا أن نفاخر بإجراء أول انتخابات حرة نزيهة في تاريخنا السياسي.. وبوضع خارطة طريق لانتقال السلطة إلي المؤسسات المدنية المنتخبة.. وبالبدء في محاكمة قتلة المتظاهرين وسارقي البلد.. فقد كان مأمولا أن ننجز ما هو أكثر من أحلام الشهداء لو ان المسيرة استقامت علي الطريقة المثلي.. بعيدا عن المزايدات والمهاترات. مصر تستطيع.. وشبابها يستطيعون.. لكن المشكلة ان هناك طابورا من السياسيين القدامي الذين يصرون علي اللعب بنفس طريقة الحزب الوطني.. ولا يستوعبون ان الدنيا تغيرت والقيود انكسرت.. ولغة التحريض سقطت.. وصار المصريون جميعا أحرارا.. سقط السيد الأبدي صاحب التوجيهات والتعليمات الذي تعتبر "شخبطة أولاد حضرته" دستورا لحياتنا. نحن فعلا أحرار في وطننا.. ومصر تتسع للجميع.. نتعايش معاً في إطار ينظمه الدستور والقانون.. لا يبغي أحد علي أحد.. ولا يتميز أحد علي أحد بسبب الدين أو اللون أو العرق أو الجنس.. إننا إن فعلنا ذلك فسوف نصنع المستقبل الجميل الذي حلم به الشهيد. والذين خرجوا إلي الميادين يرفعون شعار "حلم الشهيد" ويؤكدون ان حق الشهيد لن يسقط بالتقادم أو المؤامرة يستحقون التحية والتقدير.. فهم يذكرون من غفل ومن تغافل.. ويوقظون ضمير الوطن لكي تظل الثورة مستمرة حتي تؤتي ثمارها.. ويحذرون كل من يتآمر علي هذا البلد.. ومن تحدثه نفسه لسرقة الثورة ومصادرتها لصالحه. نعم.. هناك من يركبون الموجة.. ومن يدعون الثورية.. ومن يزايدون ويحرضون لنشر الفتن لكي تعم الفوضي وتسقط مصر وتسقط الثورة.. وتنتهي المسيرة إلي الفشل.. ويضيع حلم الشهيد.. ولذلك فإن الرد المطلوب الآن هو التأكيد علي اننا جميعا مع أهداف الثورة التي هي حلم الشهيد. حلم الشهيد أن تتحقق الديمقراطية في مصر.. ويسقط التزوير.. ويتم بناء مؤسسات الدولة الحديثة.. ويعيش الناس حياتهم بحرية كاملة.. وتحت مظلة الأمن والأمان.. ولا تصدق أبداً ان الفوضي الخلاقة هي التي ستوصلنا إلي ذلك.. لكننا سنصل حتماً من خلال عملية منظمة بدأت بانتخاب مجلس الشعب ثم وضع الدستور ثم انتخاب رئيس الجمهورية. ومن العجيب ان الذين يطالبون بتسليم السلطة الآن من المجلس العسكري لرئيس مجلس الشعب المنتخب هم أنفسهم الذين يزعمون ان المجلس العسكري يسلم مصر مفروشة للأحزاب الاسلامية.. فهل يريدونها بالجدل؟!