في سياق كلامي الخميس الماضي عن الاقتراح القطري الأمريكي بإرسال قوات عربية إلي سوريا لحفظ الأمن والسلام هناك. أكدت أن المقصود بهذه القوات هو قوات مصرية.. وأبديت قلقي من ترحيب جماعة الإخوان المسلمين بسوريا بهذا الاقتراح.. وفسرت أسباب القلق بأن الترحيب لا يصدر إلا إذا وافق عليه المرشد العام في مصر الذي يرأس قمة التنظيم العالمي للإخوان. ويضم أكثر من 70 دولة.. وأنهيت كلامي في هذا الأمر بأن جيش مصر للدفاع عن أرض وشعب مصر فقط.. لا سوريا. ولا غزة!! ذكرت "غزة" تحديداً وكنت قاصداً ذكرها. وأعني ما أقول.. وعندي أسبابي التي أراها معقولة ومنطقية. وإن كنت أدعو الله أن أكون مخطئاً في تصوري.. لأن صحتها كارثة حقيقية. قلت سوريا.. لأنها ستكون حتماً نقطة الانطلاق لتمزيق جيش مصر وتفريقه علي الدول العربية سواء التي بها فعلاً "قلاقل" مثل: اليمن. والصومال. وليبيا. أو "مناوشات" بين الحين والآخر كالبحرين. أو "يمكن خلق مخاطر بها" مثل العراق ولبنان والكويت والسعودية. لقد حاول الغرب توريطنا من قبل مرتين.. مرة في العراق وعندما أراد أن يحل الجيش المصري مكان القوات الأمريكية عند انسحابها بعد تدمير أرض الرافدين في عملية بلطجة من بوش الابن وتابعه توني بلير تسلمت خلالها إسرائيل مفاتيح بغداد ونهبت علي إثرها أمريكا وبريطانيا النفط العراقي. والثانية بحجة حماية الشعب الليبي من هجمات القذافي.. وقد رفضنا المحاولتين الخبيثتين. عاد الغرب وحاول ثالثة وبشكل بلدي ومفضوح إسقاط الجيش المصري بهدف إسقاط مصر نفسها من خلال أعوانه بالداخل.. وباءت محاولته هذه أيضاً بالفشل. الآن.. "زق" قطر بهذا الاقتراح الشيطاني.. في محاولة رابعة لتشتيت جيشنا وتفريق دمائه بين القبائل العربية. .. وقلت "غزة" قاصداً.. لسببين: * أولاً.. أن حماس هي الابنة الشرعية للإخوان.. وقد ساندوها كثيراً. ومازالوا. ومن المؤكد أن مساندتهم لها سوف تستمر. بل وستأخذ أبعاداً أكبر وأخطر. * ثانياً.. أن حماس مستهدفة دائماً من إسرائيل.. بل إن هناك مخططاً لاقتحام غزة نفسها.. وإذا حدث ذلك فمن المؤكد أن يتدخل الجيش المصري لحماية شعب غزة لو وافقنا وأرسلنا قوات إلي سوريا أو غيرها. فالمبدأ كلى لا يتجزأ.. وجميع الدول العربية علي مسافة واحدة منا. هذان السببان هما الشطر الأول من "القصة". أما الشطر الثاني الذي يكمل القصة ويختتمها بنهاية مأساوية أو تراجيدية. فيكمن في أن الإخوان أعلنوا مراراً عدم ارتياحهم لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. ولديهم تصور لتعديلها رغم تأكيدهم علي احترام كافة المعاهدات والاتفاقيات. وتطمينهم لواشنطن علي أنهم لن يلغوا المعاهدة.. إلا أن المطالبة بتعديل تلك المعاهدة ستكون أول مواجهة عنيفة بين مصر وإسرائيل منذ ولد السلام "الهش" عام 1979 وقد تؤدي إلي انهيار العلاقات.. ثم الحرب. أي أن الحرب قادمة.. قادمة.. سواء بغزة وفق التصور القطري الأمريكي والميل الإخواني. أو معاهدة السلام. أتفق تماماً مع الإخوان في أن معاهدة السلام ليست قرآناً منزلاً. ومن حقنا أن نعدلها مادام فيها إجحاف لنا. وبما يتفق مع مصالح الطرفين.. وهذا أسلوب محترم يعني أننا نحترم "الآخرين" عكس أحد الآخرين الذي لم ولن يحترم أحداً في يوم من الأيام.. دولاً. أو شعوباً. أو منظمات دولية.. وبالتالي فإذا رفضت إسرائيل تعديل المعاهدة ووصل الأمر إلي الحرب فأهلاً وسهلاً بها. كل ما أرجوه.. أن يعي الإخوان خطورة الموقف وما يدبره الغرب وأمريكا لنا.. وأن يعوا أكثر الدور التآمري وغير الشريف الذي تلعبه قطر.. ليس ضد مصر وحدها. بل ضد كافة الدول العربية. أما إذا كانت "غزة" علي وجه التحديد هي السبب في الحرب. فيقيني أن كل المصريين سيقفون في وجه الإخوان وسيرفضون ذلك.. ولذا أرجو أن يتحكم الإخوان في عواطفهم. غزة.. لن تكون "براقش" التي ستجني علي نفسها وعلينا. يا سادة.. أقولها لكم للمرة المليون: جيش مصر للدفاع عن مصر أرضاً وشعباً.. كفانا ما فقدناه من أبنائنا الشباب في 4 حروب مع إسرائيل. وفي حرب خامسة باليمن. لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل. وفي حرب سادسة لطرد صدام من الكويت.. كفانا ما عانيناه من تأخر علمي وانهيار اقتصادي واجتماعي وثقافي يقدر بمئات السنين نتيجة هذه الحروب. وأغلبها لم نُحْمَد فيها أو نُشْكَر عليها. جيشنا لحماية حدود مصر الفعلية التي هي أمن مصر الحقيقي.. من يقترب منها كسرنا رقبته ورجليه.. أما خلف الحدود بمتر واحد.. فلا يعنينا ولا دخل لنا به.. نقف مع الأشقاء مواقف سياسية بكل ما أوتينا.. لكن مواقف عسكرية.. فلا.. وألف لا. انتهت حدوتة الحرب حتي آخر جندي مصري ولن تعود حتي يلج الجمل سَمّ ثم الخياط. أو تتحول المستحيلات الثلاثة إلي واقع ونري بأعيننا الغول والعنقاء والخل الوفي. وهذا لن يكون.. وذاك أيضاً.