قديماً لم تكن الإسكندرية عاصمة للحضارة ومركزاً للعلم والمعرفة. خاصة مع وجود مكتبتها الشهيرة والتي قصدها كبار العلماء والمفكرين. وبعد طول انتظار تم احياء المكتبة لتعود للإسكندرية مكانتها الرائدة كعاصمة للثقافة. إلا أن المكتبة رغم موقعها الجغرافي المتميز بوسط المدينة. تحتاج لبؤر ثقافية بين أهالي وسكان المناطق المختلفة.. والوافدين أيضاً. ورغم أن بعض تلك البؤر موجود بالفعل إلا أن عدداً من أحياء الإسكندرية تشكو اختفاء الثقافة والتنوير والفنون. "المساء" اكتشفت عدم وجود قصور للثقافة من وسط حي وسط الإسكندرية حتي أطراف المدينة بالساحل الشمالي وصولاً لمحافظة مطروح. حيث لا يوجد سوي قصر ثقافة واحد يقع في نطاق حي غرب "قصر ثقافة القباري". أما في حي العجمي فلا يوجد قصر ثقافة واحد ولا في حي العامرية وكأن سكان هذه الأحياء الثلاثة ليسوا بحاجة للثقافة أو الفنون أو الآداب. سعيد عبدالمولي الفقي رئيس المجلس المحلي لحي العجمي يقول: بالتأكيد يحتاج المواطنون من سكان الحي للتثقيف. وللمشاركة في مختلف مجالات الآداب والفنون وللاستمتاع بها. وهو ما يفتقده الجميع نظراً لعدم وجود أية قصور ثقافة بنطاق الحي. وقد أوصي المجلس مراراً وتكراراً بإنشاء قصر ثقافة للقيام بهذا الدور الهام خاصة مع ارتفاع الكثافة السكانية لقاطني حي العجمي. وطالبنا بإنشاء قصور ثقافة بمناطق الحي المختلفة. إلا أن ذلك لم يحدث. أحمد شكري رئيس لجنة التعليم بالمجلس المحلي لحي غرب يقول: رغم وجود مركز ثقافي بالقباري بنطاق الحي إلا انه لا يقوم بدوره. خاصة في تثقيف أطفال حي غرب. فالمكتبة الملحقة بالمركز الثقافي تفتقر للكتب ولا توجد طوال الوقت أية أنشطة تذكر بالمركز. علاوة علي أن مكان المركز أمام طريق الإسكندرية مطروح بشارع المكس يشكل خطورة علي الأطفال من سكان الحي حيث يعتبر عبور الطريق خطراً ولا يقدم الأهالي علي دفع أطفالهم إليه. يضيف شكري لقد تقدمت باستجواب للمجلس طالبت فيه بإنشاء مركز ثقافي آخر بمنطقة المتراس. خاصة انه يوجد مبني خال كان مخصصاً لنقطة شرطة المتراس. وتم نقلها لمكان آخر. ويمكن استغلاله كقصر ثقافة جديد لخدمة أهالي الحي. أو نقل المركز الموجود إليه مع تشديد الرقابة والمتابعة علي العاملين به لضمان سير العمل. حنان بركة رئيس لجنة المرأة والطفل بالمجلس المحلي لحي غرب تقول: أوصي المجلس بمتابعة قيام قصر ثقافة القباري بدوره خاصة أنه القصر الوحيد في المنطقة من محطة مصر بحي وسط وحتي محافظة مطروح مروراً بأربعة أحياء "وسط. غرب. العجمي. العامرية" وهي من أكثر احياء الإسكندرية من حيث الكثافة السكانية. تضيف بركة: من الضرروي توفير عدد كافي من قصور ومراكز الثقافة لخدمة سكان هذه الأحياء خاصة لوجود العديد من المناطق الشعبية بها. وهو يرفع من معدلات الجريمة بها. في حين أن وجود البؤر الثقافية وقيامها بدورها الحقيقي من شأنه تقليل معدلات الجريمة وتهذيب سلوك المواطنين والارتقاء بأذواقهم وتنمية مواهبهم. ياسر جاد الله أحد السكان أمام قصر ثقافة القباري يقول: هذا المكان غير فعال بالمرة. وشكله الخارجي يوحي بما بداخله. أنا أعيش هنا منذ أكثر من عشر سنوات ولم أر أطفالاً أو كباراً يدخلون. ولم نسمع يوماً عن وجود أنشطة بهذا المكان. وحتي أبنائي لا أريد أن يذهبوا إليه أبداً. وحتي إن أردت فغالباً لن يقبلوا أبداً الذهاب إليه.. ويبقي سكان الأحياء الثلاثة غرب والعجمي والعامرية بلا مراكز ثقافية. فقط يتلقون الفنون والثقافة من شاشة التليفزيون أو من دعاة التثقيف الديني في الفضائيات أو من علي منابر المساجد الخاصة دون رقيب أو حسيب. وهو ما يبشر بأجيال تفرز عنفاً نخشاه جميعاً..