من المؤكد أن هناك رابطاً أو علاقة ما بين التصريحات التي أدلت بها الأميرة بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز الناشطة السعودية المقيمة في لندن وشنت فيها هجوماً عنيفاً علي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلادها ووصفت خلالها هذه الهيئة بأنها أكبر خطر يهدد المجتمع السعودي.. وبين الأمر الملكي المفاجئ الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين بإقالة عبدالعزيز بن حمين الحمين الرئيس العام للهيئة من منصبه وتعيين د.عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ مكانه. ورغم أن وكالة الأنباء السعودية التي أوردت الخبر لم تشر إلي أسباب الإقالة والتعيين.. إلا أن الأسباب معروفة ويعلمها القاصي والداني وقد ذكرتها الأميرة بسمة في تصريحاتها المنشورة في الصحف وحوارها لقناة الحياة. لقد انتقدت الأميرة بسمة الشرطة الدينية "المطوعين" وقالت إن تأثيرها مدمر علي المجتمع حيث تنتهج سياسة الفصل بين الجنسين وتضع أفكاراً خاطئة في رءوس الرجال والنساء مما ينتج أمراضاً نفسية لم تكن معروفة من قبل وفي مقدمتها التطرف.. كما اتهمت "المطوعين" بأنهم وراء عدم التسامح بالسعودية. وذكرت كيف تحولت الهيئة من هدفها الأساسي في مراقبة المجتمع وهو ما يسمي بالحسبة لكي يتمكن المواطنون من العيش بشكل مشرف وكرامة بعيداً عن الرشوة والفساد. ومراقبة التجار ومنعهم من المبالغة في الأسعار. ومراقبة الأسواق إلي انتهاج "السلطوية" التي جاء الإسلام للتخلص منها هي والقبلية. ولعل أخطر ما قالته الأميرة بسمة.. إن المطوعين يعلنون أنهم يحاولون قيادة المجتمع نحو حياة فاضلة.. إلا أن هذه الحياة الفاضلة ليست موجودة.. لأن كل شيء يدور خلف الأبواب..!! ولنضع خطوطاً حمراء عريضة تحت هذه العبارة بالذات! إن اختيار د.عبداللطيف آل الشيخ المعروف عنه أنه يؤيد الاختلاط بين الجنسين بضوابط ويرفض زواج القاصرات رئيساً للهيئة.. هو دليل علي أن الأميرة بسمة وضعت يدها علي الجرح الغائر الذي كان بداية تدخل الهيئة في كل صغيرة وكبيرة هناك بل وفي خصوصيات الناس بشكل سافر يتنافي مع قيم الإسلام وحريات البشر.. وهو ما جعل السعوديين يكرهون هذه الهيئة كراهية التحريم. السؤال: هل تريد ما تسمي "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في مصر أن نصل إلي تلك الحالة التي وصل إليها المجتمع السعودي من أمراض نفسية وتناقض بين الظاهر والباطن وبين ما هو أمام الأبواب وخلفها؟! نحن جميعاً وبلا استثناء لا ننكر "فرضية" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنها ثابتة بالقرآن وهي واجبة علي كل مسلم صالح ومتعلم بشرط أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.. لا بالخيزرانة أو الجلدة أو العصا الكهربائية أو بالتي هي أسوأ. أؤيد الشيخ يوسف البدري في أنها مهمة الأنبياء .. لكن أخالفه الرأي وأقول له إن الله لم يأمرنا بأن ننشيء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تهين الزوج وتضربه أمام زوجته والأب أمام ابنته. وأقول لفضيلة الشيخ الذي أحترمه وأجله.. إن سلسلة الأنبياء انتهت بسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.. ولذا فإن هذه المهمة المفروض أن يتولاها الدعاة المسلحون بالعلم والأخلاق الكريمة لا بالخيزرانة والعصا الكهربائية وأن تكون دعوتهم من خلال المساجد ووسائل الإعلام.. وليس الطرقات والبلاجات ومحلات الكوافير والحلاقين. لن نسمح أبداً وعلي جثثنا.. أن يقف ساقط ابتدائية أو بصمجي أو حتي دكتور في الجامعة ويمسك في يده عصا يضرب بها الناس ويجبرهم علي "الطاعة".. فهذا ليس أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر. بل "بلطجة" مرفوضة تماماً ستكون عواقبها وخيمة وكارثية. سبق أن تلقت هذه الهيئة رداً قاسياً في القليوبية. وأمس الأول اختفي أعضاؤها بالإسكندرية ولم يظهروا لا هم ولا عصيهم الكهربائية الألف.. فالناس كانوا مستعدين لهم.. وكل شعب مصر متأهب لهم في كل مكان.. والبادي أظلم. من يدعو لهذه الهيئة عليه أن يتذكر أن المولي عاتب الرسول الكريم وقال له: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء".. افهموا يا ناس.