يبدو أن عام 2012 هو عام انهيار القطاع الخاص وهروب المستثمرين من قطاع الطيران المدني بصفة عامة.. ومطار القاهرة الدولي بصفة خاصة رغم أن ما يحصده المطار من القطاع الخاص يمثل أكثر من 04% من ايرادات شركة الميناء. المؤشرات بدأت بغلق الصيدلية الوحيدة بالمطار بعد الخسائر التي تكبدها مستأجرها منذ قيام ثورة 25 يناير وحتي الآن.. والتوقعات تؤكد عزم المستثمرين تصفية أنشطتهم والرحيل.. وإفلاس المزيد من شركات الطيران المصرية الخاصة وخروجها من السوق. والحقيقة أن هذه ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هو واقع.. فالمتابع لصناعة الطيران المدني في مصر يعلم أن الأنشطة التجارية والقطاع الخاص في قطاع الطيران المدني زادت خلال السنوات السبعة الأخيرة.. خاصة في مطار القاهرة والمطارات المصرية وذلك طبقاً للاتجاه العالمي وتوصيات المؤسسات والمنظمات الدولية بزيادة الأنشطة التجارية في المطارات لتنمية مواردها ومواجهة خسائرها لأن أنشطة الطيران وحدها لا تكفي لتغطية تكاليف إنشاء المطارات ولا حتي تغطية التزاماتها.. والدليل زيادة الأنشطة التجارية في أغلب المطارات العالمية لتمثل 60% من إيرادات هذه المطارات.. وزيادة الأنشطة التجارية في مطار القاهرة لتمثل حوالي 40% من إيراداته كما ذكرنا. والحقيقة أيضاً أن الإدارة الألمانية "فرابورت" التي تدير مطار القاهرة كانت قد غالت في أسعار الإيجارات والرسوم المقررة علي مشروعات القطاع الخاص بما لا يتناسب مع المرحلة الحالية التي تشهد انخفاضاً كبيراً في حركة الركاب والتي تصل إلي 40% طبقاً للتصريحات الرسمية.. والمعروف أن أي نشاط مرتبط بالطيران يتأثر إيراداته بأعداد الركاب. الاعتصامات والمطالب الفئوية قبل أن نخوض في أسباب الهروب الجماعي للمستثمرين وأصحاب المشروعات والأنشطة الخاصة بالطيران المدني خاصة في مطار القاهرة وأسبابها نؤكد أن المبالغة في الاضرابات والاعتصامات لتحقيق المطالب الفئوية شكلت معول هدم حاد لصناعة الطيران المدني في مصر وسبب رئيسي لانخفاض حاد في أعداد الركاب القادمين إلي مصر الذي يعد المقياس الحقيقي للازدهار وارتفاع الإيرادات وزيادة الأرباح أو الانهيار وانخفاض الإيرادات وتحقيق الخسائر.. والمعروف للقاصي والداني أن عدداً محدوداً جداً من العاملين بالقابضتين "مصر للطيران والمطارات والملاحة الجوية وتوابعها" مقارنة بحوالي "40" ألفاً يعملون بالشركتين ساهموا بنصيب الأسد في إحجام السياح عن الحضور لمصر بسبب تكرار إضرابهم واعتصامهم منذ قيام الثورة وحتي أيام قليلة مضت لتحقيق مطالبهم.. منها المشروعة وأغلبها فئوية.. والنتيجة الطبيعية لإحجام السياح عن الحضور لمصر انخفاض حاد في الإيرادات كبدت مصر للطيران خسائر بلغت حوالي مليار و750 ألف جنيه وانخفاض إيرادات القابضة للمطارات بنسبة "7.30%". الأيادي المرتعشة بالطبع النتائج السلبية للاعتصامات والمطالب الفئوية كانت أيضاً من نصيب الأنشطة التجارية الخاصة بقطاع الطيران المدني خاصة في مطار القاهرة الدولي لأنه كما ذكرنا أن أي نشاط تجاري مرتبط بالطيران أن يعتمد في إيراداته علي أعداد الركاب.. وانخفاض أعداد الركاب يعني خسائر لهذه الأنشطة.. وللأسف يصحبها ضغوطاً من المسئولين لدفع أصحاب الأنشطة التجارية إلي تسديد التزاماتهم المالية الكاملة خوفاً من اتهامهم بإهدار المال العام رغم علمهم علم اليقين حجم الخسائر التي تتكبدها هذه الأنشطة منذ اندلاع الثورة وحتي الآن.. وأيضاً يعلم المسئولين علم اليقين أن مسلسل هروب المستثمرين بدأت بشايره وأن انهيار هذه الأنشطة التجارية بقطاع الطيران خاصة في مطار القاهرة الدولي يعد انخفاضاً حاداً في الإيرادات.. ورغم علمهم أيضاً أن ما تشهده البلاد تعد إحدي حالات القوة القاهرة لأن الثورات شأن الزلازل والبراكين وأن أحداً لن يجرؤ علي محاسبتهم إذا دعموا هذه الأنشطة للعبور من عنق الزجاجة وتجاوز الأزمة. ولعل هروب مستأجر الصيدلية.. والذي قد يقلل البعض من أهميته.. ورفضه تجديد التعاقد بعد المنافسة الشرسة التي شهدناها من المستثمرين للفوز بها يؤكد بدء مسلسل انهيار الأنشطة التجارية هروب أصحابها قبل تزايد ديونهم وتراكمها. شركات الطيران الخاصة أما شركات الطيران الخاصة فحكايتها تستحق الرواية.. بداية نحن جميعاً وأيضاً أصحاب شركات الطيران المصرية الخاصة نؤمن بمبدأ حماية الشركة الوطنية "مصر للطيران" ولكن من حق الشركات المصرية الخاصة حمايتها من مثيلاتها العربية والأجنبية الخاصة سواء شركات الطيران العارض أو منخفضة التكلفة أو الخطوط المنظمة ومنها علي سبيل المثال "الجزيرة ومارسلاند وصن إير".. خاصة بعد قيام عدة شركات مصرية خاصة بوقف نشاطها والخروج من السوق مثل لوتس وكورال بلو وميدويست الذي انتحر صاحبها بسبب خسائره وتراكم ديون الشركة.. وقيام شركة أخري مازالت تقاوم بإعادة طائرات من أسطولها بعد فشلها في تدبير أقساطها مثل شركتي "ممفيس وamc". أما الشركة المصرية الصامدة حتي الآن فأعتقد أننا سنستيقظ يوماً علي نبأ إفلاسها لينهار الطيران الخاص في مصر.. ونكرر ما سطرناه في مقالات سابقة أن انهيار الطيران الخاص في مصر يعني فقد استثمارات تقدر بمليارات الجنيهات وإغلاق مصدر رزق آلاف الأسر المصرية. علمت أن الطيار علاء عاشور رئيس سلطة الطيران المدني اجتمع بأصحاب الشركات الخاصة أخير كأول مسئول يستمع إلي مشاكلهم بعد أن ضجروا من الشكوي منذ قيام الثورة حتي الآن.. ووعدهم يبحث مشاكلهم.. ونتمني ألا تتجمد الحلول في ثلاجات اللجان حتي نستيقظ كما ذكرت علي نبأ إفلاس هذه الشركات وتشريد العاملين فيها. وعمار يا مصر!