يعد عام 2011 أكثر فترة عصيبة مر بها سوق الأوراق المالية المصري في تاريخه.. ففي السنوات الأخيرة نجح السوق في تجاوز أزمات عدة عصفت بشدة بأسواق أخري في حين تمكنت البورصة من تجاوزها بفضل الاقتصاد المتماسك في ذلك الوقت.. لكن الوضع في العام الفائت يبدو مختلفاً فقد واجهت البورصة أزمات داخلية وخارجية فعلي المستوي الداخلي شهدت بداية العام ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام القديم وبدأت فترة انتقالية يتم من خلالها إعادة بناء مؤسسات الدولة وقد شهدت هذه الفترة العديد من الاضطرابات إما بسبب اختلافات سياسية أو مطالب فئوية وهو ماكان له تأثير سلبي واضح علي الأداء الاقتصادي الذي تراجع لواحدة من اسوأ مراحله.. حيث اظهرت البيانات تراجع معدل النمو لأدني مستوياته مع استمرار تفاقم عجز موازنة الدولة وتزامن ذلك مع انخفاض ملحوظ في الاحتياطات النقدية وتراجع الاستثمارات الأجنبية التي انخفضت ووصلت لأدني مستوياتها خلال 7 سنوات مسجلة 2.2 مليار دولار خلال العام المالي 2010/2011 كما تم تخفيض التقييم الائتماني للسندات المصرية أربع مرات متتالية خلال العام. علي الصعيد الخارجي لم يكن الوضع أفضل حالا فقد شهد العام تصاعد وتيرة الأزمة الاقتصادية سواء من حيث تفاقم أزمة مديونية الولاياتالمتحدة وتخفيض تقييمها الائتماني وسرعان ما انتقلت العدوي إلي دول أخري وبصورة أكثر حدة في القارة الأوروبية مما مثل تهديداً حقيقياً لسلامة وأمن النظام المالي العالمي وقد تحملت الأسواق العالمية ضريبة تلك الاحداث حيث تراجع أداؤها بصورة حادة وبنسب تزيد في بعض الدول عن انخفاض السوق المصرية وذلك بحسب التقرير السنوي للبورصة. وعلي الرغم من التأثير البالغ للأحداث الداخلية والخارجية علي السوق حيث تكبدت البورصة المصرية خسائر بلغت ما يقرب من 50% خلال العام إلا أن جزءاً كبيراً من هذه الخسارة قد تحقق قبل 28 يناير حيث خسر السوق خلال شهر يناير فقط 21% بينما خسر بعد الثورة وخلال الأشهر التسعة اللاحقة عليها نحو 30%.. بل أن أداء البورصة المصرية بعد الثورة كان مشابهاً لأداء أسواق المال في العالم والتي تأثرت بالأزمة العالمية والمدهش أن أداء السوق المصري خلال الأزمة العالمية كان أفضل من أداء العديد من الأسواق العالمية حيث حقق العديد من أسواق المال العالمية خسائر أكبر من البورصة المصرية. قيد 9 شركات جديدة وعلي الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد إلا أن البورصة كان لها دور رائد في تمويل الشركات حيث بلغت رءوس الأموال التي تمكنت الشركات من تمويلها من خلال البورصة 7 مليارات جنيه خلال 2011 كما تم قيد 9 شركات جديدة بالسوق. ورغم أن الاستثمارات الاجنبية قد شهدت تدفقاً للخارج بنحو 4 مليارات جنيه خلال 2011 إلا أن السوق مازال محتفظاً باستثمارات أجنبية قوية لم تخرج حتي الآن حيث لا تمثل التدفقات التي خرجت من السوق أكثر من نصف صافي التدفقات التي دخلت العام السابق عليه فقط والتي بلغت نحو 4.8 مليار جنيه ولا تساوي هذه الاستثمارات أكثر من 12% من صافي التدفقات التي دخلت السوق خلال السنوات الخمس الأخيرة والتي بلغت 33 مليار جنيه. أكثر جاذبية ووفقاً لمؤسسة ساتدرداند بورز العالمية فإن السوق المصري يعد أكثر الأسواق جاذبية علي مستوي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث سجل مضاعف ربحية الاسهم الأكثر نشاطاً حوالي 11.5 مرة مقارنة بنحو 5.16 مرة للمنطقة كما سجل السوق معدل عائد مرتفع الكوبون بلغ 9.6% في المتوسط مقارنة بعائد بلغ 3.5% في المتوسط في المنطقة في عام 2011 ورغم الأوضاع الاقتصادية السيئة إلا أن الأداء المالي للشركات المقيدة فاق المتوقع حيث حافظت 79% من الشركات المقيدة علي تحقيق أرباح خلال النصف الأول من العام وحتي الشركات المتوسطة والصغيرة في بورصة النيل فقد حققت 15 شركة منها صافي أرباح خلال نفس الفترة. مستثمرون جدد وأشار التقرير السنوي للبورصة إلي ارتفاع عدد المستثمرين المسجلين في السوق المصري بنحو 36 ألف مستثمر جديد في عام 2011 مقارنة بنحو 35 ألفاً في 2010 وذلك رغم ظروف السوق وهو مالم يكن متوقعاً كما دخلت السوق 1450 مؤسسة مالية جديدة 79% منها مؤسسات أجنبية بما يقدربنحو ألف مؤسسة. يؤكد التقرير أن المستثمرين ينتظرون استقرار الأوضاع السياسية للعودة إلي السوق وهناك اشارات قوية علي ذلك ففي أعقاب المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية شهد السوق صعوداً قوياً لتسجل مؤشرات السوق ارتفاعاً بحوالي 11% لمؤشر السوق الرئيسي و19% لمؤشر الشركات المتوسطة و15% لمؤشر ايجي أكس 100 الأوسع نطاقاً.