يقول عمر محمود عبدالمجيد نظراً لما تتميز به قرية برج البرلس من الإنتاج المتميز لصناعة المراكب والسفن وهو ما دفع باتريس بوميه مدير أبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وعالم الآثار البحري بإنتاج فيلم تسجيلي لريمون كوبيه عن هذه الصناعة بالتعاون مع المركز القومي للبحث العلمي ومركز الدراسات السكندرية ضمن مجموعة من أفريقيا إلي الهند يقول فيه باترس الشيء الملفت للانتباه هو التنوع الكبير في مراكب البحيرة وكل نوع مخصص لاستخدام معين وهناك الفلوكة التي تعمل بالشراع الصغير وتستخدم أشكالاً عديدة للصيد بالشباك وهناك السمبك وهو زورق صغير وخفيف لصياد واحد يعمل به منفرداً وهناك أنواع فلايك أخري تستخدم في نصب شبك الترقيد أو شبك اللفة والشوري وهناك المركب الكبيرة والشراع المثلث وهناك أيضاً مراكب ذات الصاريتن وتستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخري كنقل البوص الذي يستخدم في الكثير من الصناعات إذا كانت هذه شهادة عالم فرنسي فماذا يقول أبناء البلدة. في البداية يقول أشرف الطوبجي مدير العلاقات العامة بمركز ومدينة بلطيم لدينا أكثر من 8 ورش لتصنيع المراكب بمختلف الأحجام بدءاً من 12 متر طولاً إلي 32 متراً ويختلف تصميم كل منها حسب المقاس ونوع الصيد فمثلاً مركب الشنشلا الذي يقوم بالصيد علي عمق 5 أمتار تقريباً لابد أن يكون مرتفعاً وهو النوع الذي يعمل في البحر حتي آخر حدود المياه الإقليمية ويتحمل البقاء به لثلاثين يوماً وحمولته 100 طن تقريباً ويعمل عليه 50 صياداً. ويقول علي عبدالرحمن القصاص كل ورشة يمكنها إنتاج 10 مراكب سنوياً حسب الطلب الخارجي ورواج سوق الصيد داخلياً وتصنع المراكب الخشبية من أخشاب أشجار الكافور والسنط واللبخ والتوت المشتراة من المناطق الريفية في محافظات المنوفية والغربية والبحيرة والدقهلية والأفضل الأشجار القديمة والتي يزيد عمرها علي مائة عام. يضيف محمود عبدالمجيد الشجر الذي به اعوجاج يكون سعره أغلي لأن الطلب عليه أكثر حيث يتم تصنيع عظم المركب والهيكل منه أما الألواح فتستخدم الآن خشب السويد المستورد وهو للأسف أقل جودة من الأخشاب القديمة الباتش باين والتي نشتريها من أنقاض المنازل والقصور القديمة وهو ما يؤكده قائلاً إنها أكثر متانة وأيضاً خشب التك وكان أغلي في سعره من الأرو والزان ولا تؤثر فيه الريح أو المياه ولذلك ظلت ورش تصنيع المراكب في البرج تستخدم هذه الأنواع من الأخشاب المستخرجة من المنازل والقصور القديمة وكانت أعمارها الافتراضية لا تقل عن 30 عاماً ولكن المراكب المصنعة من أخشاب السويد لا تتحمل أكثر من 15 عاماً في أفضل الأحوال بشرط استمرار الصيانة ولذلك فإن أغلب ورش تصنيع المراكب وغيرها بدأت تتجه الآن إلي استخدام الحديد في صناعتها. ويضيف أن هذه الصناعة لا تقتصر علي مراكب الصيد فقط فنفس هذه الورش تقوم بتصنيع المراكب السياحية المستخدمة في الغردقة وشرم الشيخ والمراكب النيلية وتقوم بعض الورش في قرية البرج بتصنيعها وتصدر هذه المراكب إلي المناطق السياحية وقبرص واليونان وتونس وحجمها يتحدد حسب الطلب وإن كان أكبرها طوله 30 متراً وعرضه 8 أمتار ويضم 9 كبائن والتصميم الرئيسي واحد ولكن الاختلاف يكون في الإمكانات والتجهيزات وتصميم أعلي المركب ولا فرق بين مراكب السياحة أو الصيد إلا في الفرش والتجهيزات أما أجهزة الملاحة فهي واحدة. ورغم أن هذه الصناعة توفر العمل لآلاف من الصناع المهرة المحترفين وتمثل علامة مهمة لمجتمعات السواحل وتدر دخلاً من العملة الصعبة خلال التصدير فكل ورشة تستطيع أن تقوم بتصنيع 10 مراكب سنوياً علي الأقل وهكذا كان الحال في نهاية التسعينيات كما يقول محمود عبدالمجيد وهو ما يتفق مع الصناع في رشيد ودمياط والبرلس إلا أن الجميع اتفق أيضاً علي أن العدد تراجع إلي أقل من 40% تقريباً مما كان ينتج لأسباب منها كما يحددها شيخ الصيادين ببحيرة البرلس عبدربه الجزايرلي بقوله: لقد تراجع إقبالنا علي تصنيع مراكب جديدة بنسبة لا تقل عن 70% نتيجة تراجع الصيد في أعالي البحار وأمام سواحل الصومال واليمن وليبيا وصعوبة الحصول علي تصاريح الصيد وصدور قرارات بوقف الصيد داخلياً في البحيرات في مصر في فترات طويلة من كل عام. وبنبرة حزن اقترب منا عبدالله عبدالموجود الذي كان يعمل "ترزي" وانقرضت مهنته يقول في أسي ممكن لهذه الصناعة الانقراض ويمكن أن ننافس كبريات البلدان لو اهتم المسئولون بهذه الصناعة ومحاربة الدخلاء علي المهنة ومنع صيد الذريعة الصغيرة هنا يمكن أن تنطلق القرية لآفاق رحبة ولا يوجد فيها عاطل واحد بتذليل كافة العقبات أمام صناع المراكب والصيادين. وعن التراجع في التصنيع ومشكلاته مع الأجهزة يقول علي القصاص تم إنتاج 15 مركباً عام 2003 للتصدير إلي ليبيا وفي العام 2005 صنعت 10 مراكب لدول الخليج ولكننا هذا العام لم نستطع بيع 4 مراكب قمنا بتصنيعها ونعاني من كساد الحال فضلاً عن مطاردة الوحدة المحلية بقرية البرج لي بالمحاضر والغرامات وإزالة تعديات في المنطقة التي أمارس فيها تصنيع المراكب ومضاعفة الأعباء المالية نظير حق الانتفاع ورغم أن المساحة لاتزيد علي 1000 متر إلا أن الوحددة المحلية للقرية تزيدها إلي 2000 متر علي الورق بهدف مضاعفة ما أدعفه من رسوم وعن قرار المحافظ بتخصيص أراض للحرفيين قال علي القصاص زارنا المحافظ السابق اللواء صلاح سلامة عام 2004 إستجاب لطلباتنا بتخصيص أراض لنمارس مهنتنا فخص لنا ما سمي بأرض الحرفيين غرب بوغاز البرلس وللأسف وزير الزراعة أصدر قراراً بالإزالة وتم إزالتنا عن موقعنا وتحطيم ما أقمناه من منشآت وإهدار ما تتعدي قيمته نصف مليون جنيه وحتي الآن تطاردنا الوحدة المحلية والأجهزة المختصة وأصبحت معرضاً أنا وزملائي من أصحاب الورش وعمالنا للضياع وكذلك نعاني من عدم توصيل التيار الكهربائي في البرلس وإلزامنا بتسديد غرامات بدعوي التهرب من التأمين علي العاملين!! وأخيراً حقق اللواء أحمد زكي عابدين محافظ كفر الشيخ الحلم في إنشاء ميناء الصيد لكن هل يتحقق الحلم الكبير في إنشاء مدينة للحرفيين لإنشاء السفن والمراكب بدلاً من المطاردات والإزالات والغرامات؟!