"كريستينا لاما نواتيه" إحدي الصحفيات الافريقيات الصغيرات المتسلحة بالعلم والمعرفة.. دائماً تضرب بأذرع كبيرة لكي تعرف ما هو جديد.. هذه الفتاة الصغيرة التي ضربت بفروع المعرفة تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة جوهانسبرج بجنوب افريقيا تبلغ من العمر 25 عاماً. تجيد اللغة الفرنسية إجادة كاملة. وبطبيعة الحال تتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة بصفتها ولدت من أبوين كانا تحت الاحتلال الانجليزي واللغة الثالثة لغة السواحل. لفت نظري في مؤتمر التغيرات المناخية انها شعلة نشاط تتحدث مع الآخرين وتحاورهم وتحاول أن تساعدهم. اقتربت منها وطلبت إجراء حوار معها بعد أن عرفتها بنفسي وصحيفتي التي تصدر في مصر وقلت لها انها أكبر الصحف المسائية في العالم العربي والأفريقي. وكذلك علي المستوي العالمي.. عرفتها بجريدة "المساء" ورحبت علي الفور باللقاء. دار حوار معها.. عن الصحافة والإعلام.. هي تتحدث الإنجليزية بطلاقة لم أستطع مجاراتها فيها وطلبت منها ن أتحدث باللغة الفرنسية التي أجيدها أفضل من الانجليزية.. صمتت وقالت: نحن الاثنين أجانب علي اللغة ومهما أجاد الفرد لغة الغير فإنها كالسجادة المقلوبة. قالت: بدأت حياتي في تليفزيون جنوب أفريقيا ولم يرض طموحاتي ووجدت نفسي في الصحافة.. سافرت للولايات المتحدةالأمريكية وعملت لبعض الوقت في جريدة "تريبيون" وهي إحدي الصحف التي تصدر في ولاية "إلينوي".. ولم أسافر إلي انجلترا. لفت نظري حديث الفتاة الصغيرة "سناً" والأكثر ثقافة.. وسألتها: لماذا لم تسافري لإنجلترا؟. ردت: كيف أسافر إلي بلد غزا بلدي واحتله وأذاق أهلي وناسي مرارة التفرقة العنصرية. لم يشرفني أن أذهب إلي بلد يسلب حريات الآخرين.. حدثني أبواي بأنهما ذاقا المرارة في ظل الاحتلال والتفرقة العنصرية. أنا أحلم بإفريقيا جديدة.. أحلم بالدولة الحرة وأحلم بقارتي أن تكون موحدة تحت علم واحد هو علم افريقيا. وأن يكون هناك تكامل بين بلدان إفريقيا. نحن لسنا أقل من أوروبا التي توحدت.. لدينا الخبرات والموارد البشرية والعلماء والمواد الطبيعية.. لا ينقصنا سوي التوحد. * ماذا تعرفين عن مصر؟! مصر أكبر دولة عربية وإسلامية وأفريقية. هي مهد الحضارات. أمنيتي أن أذهب لمصر.. زرت تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والسنغال.. وزاد اعجابي بمصر بصفتي صحفية وأتوق وأعشق الحرية وأنا أتابع الثورة المصرية التي أبهرتنا وأبهرت العالم.. وتمنيت لو كنت مراسلة في يوم 25 يناير في القاهرة لأنقل الحدث بالكلمة والصورة. * ما أوجه التشابه بين مصر وجنوب إفريقيا؟! هناك أوجه تشابه كثيرة بين مصر وجنوب أفريقيا. فمصر دولة ذات حضارة كبري ومتقدمة في المجال الزراعي والاقتصادي والصناعي قياساً بدول إفريقيا. وجنوب افريقيا إحدي القلاع الكبري في الزراعة والصناعة. * ماذا تعرفين عن الشرق الأوسط؟! أعرف انها منطقة ملتهبة وسبب التوتر فيها الدولة الغازية. إسرائيل المحتلة والمغتصبة لأرض الغير. ان بشاعة إسرائيل في غزة فاقت كل الحدود والأعراف.. أنا متعاطفة مع الشعب الفلسطيني ولم أتمن الزيارة لإسرائيل.. * لماذا تكرهين انجلترا رغم انهم يقولون ان جنوب إفريقيا قطعة من بريطانيا؟! أي إنسان حر في الدنيا يغار علي بلده لا يحب دولة غازية.. انجلترا لم تخدم جنوب إفريقيا. هي التي استفادت من الخبرات وسلبت كنوزنا ونحن شعب جنوب إفريقيا شعب منظم ولدينا عقول وسواعد. ونحن الذين صنعنا بلادنا وحافظنا عليها. انجلترا سلبت ثرواتنا. * هل تشعرين بالتفرقة العنصرية الآن؟! أنا افريقية وهذه البلد بلدي. أنا السيدة في هذا البلد والغازي لأرضي لا وجود له.. تفرقهم في عرقهم ولونهم لأنفسهم. فنحن نعيش أسياداً في بلادنا ولا ننظر إلا لأنفسنا وكل من يعيش في هذا البلد مدين لجنوب أفريقيا سواء كان "أبيض" أو "أسود" نحن الآن أفارقة بلونينا الأبيض والأسود. وأعراقنا والديانات المختلفة تخدم هذا الوطن الذي نعيش فيه. والكل يؤدي واجبه لكي تعيش افريقيا قوية نظيفة. * ماذا تعني لك مصر الافريقية؟! مصر قبلة كل الأفارقة. منها خرجت الحريات وتفجرت الثورات.. نعرف الزعيم جمال عبدالناصر كما أنتم تعرفون "مانديلا". العالم أصبح قطعة واحدة.. مصر قاومت الاستعمار وانتصرت عليه وكان الغازي واحداً وهو انجلترا. لكن مصر خرجت منتصرة حافظت علي لغتها العربية لكننا لم نستطع الحفاظ علي لغتنا الأساسية وهي "السواحل". * بماذا تحلمين لافريقيا؟! أحلم بافريقيا الموحدة الأمل وأن يكون التنقل بين دولها بجواز سفر واحد تدخل جميع البلدان. وأن تسود المحبة وأن تكون شبكة طرق برية تربطنا جميعاً وأن تذوب الخلافات بين القبائل الافريقية. وأن يتم القضاء علي الفقر والتصحر أن نحاول مساعدة بعضنا البعض. * أنتِ صغيرة السن.. لكن من أين لك بتلك الثقافات؟! أكدت: صحفي بدون معرفة يساوي الجهل الكامل. لابد للصحفي الذي يريد أن يكون متفوقا ومميزاً أن يتمتع بسلاح العلم والمعرفة. وأن يجيد أكثر من لغة وأن يتعلم لغة الكمبيوتر وأن يسافر الدول لاكتساب المعرفة. أنا تخرجت في الاقتصاد والعلوم السياسية وحاليا حصلت علي الماجستير وأستعد للدكتوراه.. وأقبع كثيرا في مكتبة والدي لأتزود بالمعرفة. * 13 ألف إعلامي وصحفي ومصور في المؤتمر.. كيف تعاملت معهم؟ تعاملت مع الكثيرين منهم بينهم من لديه الكثير من المعرفة والثقافة ومنهم من لا يستحق أن يحمل جواز السفر ويأتي لمثل هذا المؤتمر العالمي. * هل قصرت بلادك في تنظيم المؤتمر؟! ليس أنا التي أتحدث عن السلبيات. بلدي في عيني أجمل البلدان وأحلاها تنظيماً أنتم النقاد الذين ترون وتنقلون لبلادكم ما رأيتم.. نحن حاولنا وعلي قدر الإمكان.. وأجزم اننا بذلنا ما في وسعنا لكي يخرج المؤتمر معبراً عن حضارة شعب وأخلاقيات أمة. * ماذا تعرفين عن الكرة الافريقية والمصرية؟! أعرف الكثير خاصة عن مصر فهي حصلت ثلاث مرات علي كأس الأمم الأفريقية وأعرف لاعبين بأسمائهم منهم: أحمد حسن. وزيدان. وأبو تريكة. والمدرب حسن شحاتة. وهناك مباريات لن تُنسي مثل مباراة مصر وكوت ديفوار. وكذلك المباريات التي أقيمت في جنوب أفريقيا بين مصر وإيطاليا ومصر والبرازيل.. وقتها شعرنا اننا مصريون وكنا نشجع الفريق المصري. * هل قرأت في الأدب العالمي وماذا تعرفين عنه؟! نعم قرأت لسرت اليوت ولهيمنجواي وقصته الشهيرة "العجوز والبحر" و"سارتر" والأديب الإيراني "سنائي". * وماذا تعرفين عن الأدب العربي؟! بصراحة لم أعرف شيئاً قبل أن يحصل الأديب العالمي نجيب محفوظ علي جائزة نوبل في الأدب وقد قرأت قصة "أولاد حارتنا" مترجمة للغة الانجليزية. * ماذا تحلمين لجنوب إفريقيا؟! بلدي أحلم لها أن يتم فيها القضاء نهائياً علي مرض الإيدز. وأن تنظم العلاقات الجنسية.. أحلم بالأسرة الموحدة الدافئة في جنوب إفريقيا بعيداً عن التفكك الأسري وأحلم للعالم كله بالسعادة..