باحتراق المجمع العلمي المصري يكون جزء مهم من تاريخ مصر قد ضاع وانتهي تماماً.. فحسب تأكيدات محمد الشرنوبي أمين عام المجمع فإن النيران أتت علي جميع محتويات المتحف الذي يعود تاريخه إلي أكثر من مائتي عام. بالتأكيد فإن من قام باحراق المجمع لا يمت إلي الثوار والثورة بأية صلة وإلا ما أقدم علي هذه الجريمة التي كبدت مصر الكثير من الخسائر التي يصعب تعويضها. من الذي أحرق المجمع العلمي المصري؟ وهل الذي أحرقه واحد من معتصمي التحرير فعلاً ونال جزاءه في الحال واحترق حاملاً معه نكبته؟.. أم أن هناك فاعلا مجهولا يعرف قيمة ما يحرق هو الذي قام بهذا العمل غير الأخلاقي؟ دعك من مبني المجمع الذي أنشئ في أوائل القرن الماضي. واعلم أن المعني الكامن داخل المبني كبير وعميق ونادر.. فإذا كان يمكن ترميم المبني فإنه من المستحيل ترميم المعني بعد أن تحول إلي رماد.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه كسف عجزت جحافل الجيش والشرطة عن تأمين المجمع.. أو لماذا تجاهلت أمره بمعني أدق. ان احتراق المجمع كما يقول د. شاكر عبدالحميد وزير الثقافة دليل علي أن هناك أطرافاً شريرة تحاول العبث بأمن مصر. فمن قبل حاولوا الاعتداء علي المتحف المصري بالتحرير وتصدي لهم شباب الثورة. والآن يحرقون هذا الصرح العلمي التاريخي الذي يضم أكثر من 200 ألف كتاب ومخطوط نادر ويحمل قيمة معرفية كبيرة جداً. د. شاكر قال إن مبني المجمع يتبع وزارة الدولة للآثار باعتباره أثراً. أما المخطوطات التي بداخله فهي تتبع وزارة الثقافة. مشيراً إلي أن جميع محتويات المجمع تم تسجيلها الكترونياً بواسطة مجلس الوزراء. لكن تبقي القيمة للكتب والمخطوطات النادرة التي أتت عليها النيران وأبرزها مخطوط وصف مصر. وأطلس عن فنون الهند القديمة. وأطلس باسم مصر الدنيا والعليا مكتوب عام 1752. وأطلس ألماني عن مصر واثيوبيا يعود لعام 1842. وأطلس ليسوس الذي ليس له نظير في العالم. تساءل د. شاكر عبدالحميد حتي إذا كان من أحرق المجمع لا يعرف قيمته ويظن أنه مجرد مبني عادي فكيف يعتدي علي مبني ربما يكون ملكاً لمواطن مصري مثله؟! وتعود قصة المجمع إلي أيام الحملة الفرنسية حيث كان مقره في بيت السناري. ثم انتقل إلي الإسكندرية عام 1859 وأطلق عليه اسم المجمع العلمي المصري. وفي عام 1880 عاد إلي القاهرة مرة أخري وكان من أهدافه العمل علي تقدم مصر العلمي. ونشر العلم والمعرفة. وبحث ودراسة ونشر أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية. ويضم المجمع أربع شعب هي الرياضيات والفيزياء والاقتصاد. والأداب والفنون الجميلة. وفي عام 1918 أصبح مهتماً بالآداب والفنون الجميلة وعلم الآثار والعلوم الفلسفية والسياسة والفيزياء والرياضيات والطب والزراعة والتاريخ الطبيعي. يصدر المجمع مجلة سنوية ومطبوعات خاصة ويعقد جلسة شهرية يلقي فيها علماء مصريون وأجانب محاضرات علمية.. لكن يبدو أن كل شيء انتهي فعلاً وتم إغلاق صفحة مهمة من صفحات مصر العلمية المستنيرة.