اذا كنت من عشاق القبلات المحمومة والمشاهد العاطفية فلابد ان تتوجه علي الفور إلي حدائق المنتزة وأنطونياوس والمعمورة بعد ان استغل العشاق والطلبة البعيدون عن الأجواء السياسية انشغال رجال الأمن في الدفاع عن مديرية الأمن وأقسام الشرطة من الاقبال علي الحدائق للتمتع بكل ما هو ممنوع. وأصبح من المعتاد ان تشاهد في السادسة أو السابعة مساءً أحضان وقبلات بين شاب وفتاة في منطقة الداون تاون أو الشوارع الرئيسية بعد ان أصبحت الاسكندرية ليلاً كمدينة الأشباح. ولا يختلف الحال كثيراً عن وضع الباعة الجائلين الذين انتشروا في الشوارع بصورة مكثفة لانعدام الحملات الأمنية الا ان انصراف المواطنين ليلاً عن عملية البيع وقيام المحال التجارية باغلاق أبوابها قبل منتصف الليل جعل حالة البيع والشراء في كساد علي كافة الأصعدة. ولعل المحزن والمخزي في آن واحد هو اختفاء الجهاز التنفيذي بالمحافظة في ظل الأحداث الدامية التي تشهدها المحافظة فعادت من جديد طوابير العيش في المناطق الشعبية وارتفاع أسعار الأنابيب وارتفاع أسعار الخضر والفاكهة بالأسواق بصورة رهيبة والأسوأ هو خلو أعمدة الانارة من اللمبات الكهربائية بعد ان احترقت ولا نجد عمالة تتابع عملية الصيانة لضمان الأمن و الأمان بالثغر فأصبحت الشوارع الرئيسية بالاسكندرية تسودها حالة من الظلام الحالك ومن بين كل عامود يعمل يوجد خمسة مطفأة وهو ما دفع عددا كبيرا من المواطنين لقص الأشجار التي أمام منازلهم طلباً للحماية بعد ان زادت كثافة الأشجار ولا يكلف أحد بادارة الحدائق ومتابعتها وهو ما جعلها مخبأ جيدا للصوص. وكالعادة فالقمامة تغطي الشوارع بصورة فاضحة فهي تجمع كل ثلاثة أيام والشوارع محطمة ولا يوجد لها رصيف يذكر ؟ وان الجهاز التنفيذي بالمحافظة من عشاق النوم المبكر فأصبحوا مجرد موظفين يتوجهون لأعمالهم في الصباح ويغادرون علي الفور. من الطريف انه في ظل حالة الشلل التي تعاني منها الاسكندرية الآن علي كافة الأصعدة فإن عمليات صرف الحوافز الاستثنائية مستمرة من الصناديق الخاصة بالمحافظة سواء للسكرتير العام أو من المقربين له أو من العاملين بالعلاقات العامة بالاضافة إلي المرتب بالطبع ويتم الصرف من خلال كشوف خاصة غير التي يوقع عليه باقي موظفي المحافظة وهكذا فكل من يستطيع ان يأكل من التورتة فليسارع في التهامها. ومن ناحية أخري انتشرت بالاسكندرية ظاهرة بيع "المخدرات الدليفري" بواسطة الاتصال التليفوني وأنت تجلس علي المقهي ليأتي ذلك نوع المخدر الذي تفضله والكمية المطلوبةوالسعر معروف مسبقاً.. والأغرب هو "الطيار" وهي ظاهرة انتشرت مع بداية المظاهرات وتعتمد علي قيادة أحد صبيان تجار المخدرات لموتوسيكل يحمل خلفه علبة مغلقة تحوي جميع أنواع المخدرات من حشيش لهيروين لبانجو لأقراص حتي "البيسة" المتخلقة من جميع أنواع المخدرات وهو بالطبع بدون لوحات معدنية ويجوب الموتوسيكل أنحاء الاسكندريةوكلاً من منطقة نفوذه. فلا يتعدي تاجر مخدرات علي الآخر وتفاجأ بالموتوسيكل يقف بجوار السيارة التي تحوي الشباب ويعرض ما لديه من مخدرات. مؤكداً ان البانجو الذي في حوزته هو "زراعة بيتي" ومن أجود الأنواع ويسأل اذا كنت تريد حشيش مغربي أو لبناي أو أفغاني وكلاً له سعره وتتم عملية البيع والشرء في ثواني معدودة بعد الاتفاق علي السعر ولا يستطيع أحد ان يطارد "الطيار" في ظل شوارع خالية ليلاً من المارة. ويحصل الطيار علي مؤنه أو بضاعته من منطقة الذراع البحري بالعامرية ومن تجار التجزئة اذا كان يعمل لحسابهم وهذه الظاهرة لم تكن ملحوظة من قبل وظهرت مع بداية الهجوم المدبر علي مديرية أمن الاسكندرية. وبالطبع فإنه من المعتاد الآن ان تشهد كثافة عمليات البناء المخالف نهاراً وجهاراً دون حسيب أو رقيب وسرقة الأراضي التابعة للدولة دون محاسبة وارتفاع أسعار السيارات الميكروباص بدعوي ان البلد ليس فيها أمن وكذلك الحال للتاكسيات التي تعمل ليلاً أما المواقف العشوائية فحدث عنها بلا حرج في جميع شوارع الاسكندرية الراقية ولا يوجد رجال مرور بالمعني المعروف ثم تواجد رمزي خوفاً من الاعتداء عليهم بدون مبرر من قبل المتظاهرين أو البلطجية أو سائقي الميكروباص.. باختصار الاسكندرية نهاراً فوضي وليلاً مسرحاً للآداب والمخدرات والشرقة بالاكراه وأصبح الثغر "عروس البلطجة" وليس عروس البحر الأبيض المتوسط.