كنت أظن أن الدكتور بشار الأسد الذي ورث عرش سوريا عن والده الراحل حافظ الأسد يكون أكثر وعيا وتفهما وإدراكا للمتغيرات التي تجري علي الساحة العربية. بعد سقوط النظم الحاكمة في كل من تونس ومصر وليبيا والنهاية المأساوية للعقيد معمر القذافي. أما سبب ظني فانني أري أن الدكتور بشار مازال أقرب إلي سن الشباب منه إلي سن الكهولة. والشباب هم أقدر الناس علي تفهم روح العصر. ولأنه أيضا لم "يتخمر" في المنصب مثل الرؤساء الذين أطاحت بهم شعوبهم زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي الذين تجاوز كل منهم الثلاثين عاما في المنصب.. بينما لم يمكث بشار علي كرسي الرئاسة حتي الآن ألا ما يقرب من نصف هذه المدة.. وبالتالي يكون التخلي عنه أهون ممن طال بقاؤه فيه. ثم إنني أود أن أسأل الدكتور بشار: كيف تقبل علي نفسك أن تحكم شعبا لا يريدك حاكما له؟! قد تقول أو تدعي أن من يتظاهرون ضدي هم حفنة لا تمثل الشعب السوري الذي تؤيدني أغلبيته. دعني أرد عليك وأقول: حتي لو كانت القلة هي التي لا ترغب في وجودك رئيسا.. فيكفي هذا العدد لكي ترحل وتترك المنصب.. خاصة وأنك لم تأت إلي الحكم عبر نظام ديمقراطي قائم علي الانتخاب الحر.. وانما جلست علي الكرسي بعد شعور الوالد الراحل بدنو أجله. وأرادك أن تكون خليفة له وكأن سوريا تحولت من نظام جمهوري إلي نظام ملكي تحكمه أسرة الأسد علي تعاقب السنين. لقد تم تغيير الدستور السوري من أجلك يا دكتور بشار وليلائم سنك بايعاز من والدك ومساعدة الطغمة الحاكمة التي تسانده وتؤيده. ورضيت أنت أن تكون حاكما مفروضا علي الشعب.. ألا تجعلك كل هذه الامور والتطورات تفكر تفكيرا عاقلا حتي لا تلقي مصائر من سبقوك.. فهم ما بين هارب خارج بلده ومسجون رهن المحاكمة وقتيل لقي مصرعه علي يد الثوار؟! يا دكتور بشار.. أعتقد أنك لو كنت رجلا عاديا من أبناء الشعب السوري ولست علي رأس السلطة.. ورأيت نظاما دكتاتوريا يحكمك بالحديد والنار لكنت أول النازلين إلي الشوارع وأول المشاركين في المظاهرات لخلع هذا النظام. يا دكتور بشار ليس بالقتل وسفك دماء الشعب يجلس الحاكم علي كرسي الرئاسة.. ومهما طغي نظامك وتجبر وعتا عتوا شديدا سوف يأتي اليوم الذي تسقط فيه ويسقط معك نظامك ويومئذ لا ينفع الندم. يا دكتور بشار: اغنتم الفرصة وصالح شعبك واترك المنصب بكرامة.. وأرجو أن تعيد النظر مرة واثنتين وثلاثا وتتفكر وتتدبر فيما جري من حولك.. فالطوفان قادم لا محالة وعنده لن تحميك الدبابة والبندقية. والمثل العربي القديم يقول "أُنجى سعد فقد هلك سعيد"!!