كل الطرق تؤدي الآن إلي اندلاع حرب شبه عالمية تقودها أمريكا وإسرائيل ومن معهما في العلن أو الخفاء بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والناتو ودول أخري عربية وإسلامية ضد إيران وحلفائها سواء المعلنين أو الذين سيتورطون فيها رغم أنفهم. ورغم أن أمريكا وإسرائيل تسعيان إلي أن تكون الحرب عبارة عن ضربة إجهاضية للبرنامج النووي الإيراني حتي لا تكون لها نتائج كارثية.. لكنها حتماً لن تنتهي بتدمير المواقع النووية الإيرانية وقد تتحول إلي حرب دينية مدمرة خاصة أن معظم العالم الإسلامي يرفض هذا الاعتداء الطائفي علي إيران ويعتبر مجرد الحديث في هذا الأمر "وقاحة" حيث ان إيران لا تملك أسلحة نووية في حين أن دعاة الحرب يملكونها فعلاً.. سواء أمريكا التي لديها آلاف الرءوس النووية وإسرائيل التي تملك هي الأخري وفق إحصائية قديمة أكثر من 200 رأس نووي.. لكننا تعودنا من العالم الحديث الكيل بمكيالين وأكثر. فماذا نقرأ بين سطور عناوين تلك الحرب المتوقعة في أي لحظة؟! هناك ثلاثة أمور يمكن أن تحدد شكل وتأثير تلك الحرب: * الأول.. تهيئة المناخ العالمي للحرب.. وقد هيأته بالفعل أمريكا وإسرائيل من خلال "تكليف" الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار تقرير يمهد للضربة تؤكد فيه الوكالة "الملاكي" أن البرنامج النووي الإيراني يتضمن جوانب عسكرية تساعد علي امتلاك أسلحة نووية في المستقبل القريب. التقرير بهذه الصيغة له نتيجة طبيعية من ثلاث: إما إصدار قرار من مجلس الأمن ينذر إيران بتفكيك برنامجها النووي في مدة محددة وهي نتيجة ضعيفة. أو إصدار عقوبات خانقة وقد تكون غير مسبوقة علي طهران كورقة أخيرة قبل العمل العسكري. وهي نتيجة واردة. أو اتخاذ كل التدابير وفق البند السابع من ميثاق المجلس وهو ما يعني الحرب. قد يحدث أي من النتائج.. لكن هناك نتيجة رابعة غير طبيعية وهي الأقوي بتوجيه ضربة مباغتة دون غطاء شرعي من مجلس الأمن "الملاكي أيضاً" وبأسلوب "البلطجة" الذي مارسه من قبل بوش الابن مع العراق.. وهنا مكمن الخطورة والكارثة. * الثاني.. السيناريوهات المحتملة لضرب إيران.. حيث تم الإعلان عن 3 مسارات فقط للطائرات الإسرائيلية التي ستضرب المواقع النووية الثمانية لإيران والتي تحوي منشآت لتخصيب اليورانيوم ومصانع لتحويل الكعكة الصفراء "مسحوق اليورانيوم" إلي غازات رباعية وسداسية الفلورايد ومفاعلات ومحطات ومراكز أبحاث إضافة إلي منجم اليورانيوم في سفند بوسط إيران.. إضافة إلي قواعد الصواريخ المضادة للطائرات ونظم الدفاعات الإيرانية. هذه المسارات هي: الجنوبي من السعودية. والأوسط من الأردن والعراق. والشمالي من سوريا.. لكن بالطبع فإن مرور الطائرات يحتاج إلي موافقة الدول التي ستمر من فوقها. ورغم أن هناك دولاً ستوافق وأخري سترفض فإن الفشل سيكون حليف إسرائيل خاصة أنها لا تملك قاذفات استراتيجية تستطيع الطيران لمسافات بعيدة ويتم تموينها في الجو مع خطورة هذا الإجراء بالنسبة للقاذفات العادية. لم يذكر من سربوا تلك المسارات فقط مسارين آخرين: الشرقي المتمثل في أفغانستان وباكستان. والغربي لإيران وهو الأهم ويتمثل في القواعد الأمريكية في قطر والكويت والبحرين. خاصة العيديد والسيلية وحاملات الطائرات المتمركزة في الخليج العربي. السؤال: هل إغفال المسارين الأخيرين والتسريبات التي نتابعها حول وجود أزمة مكتومة بين أمريكا وباكستان بسبب عملية اغتيال بن لادن.. هل يمكن أن نعتبرهما من قبيل "الخداع الاستراتيجي" خاصة أن أمريكا تدرس فعلا سحب قواتها من أفغانستان حتي لا تكون هدفا لإيران وأيضا لكي يمكن استخدامها في عمليات ضد طهران إذا ما قررت المشاركة الفعلية في الضرب؟ أياً كان الأمر.. فإن السيناريوهات فعلاً مفتوحة.. ولا تقتصر علي ثلاثة فقط. * الثالث.. رد فعل إيران وحلفائها.. فمن المؤكد أن إيران ليست ضعيفة ولن تكون لقمة سائغة حيث تملك صواريخ بالستية بعيدة المدي يمكنها الوصول إلي تل أبيب وكافة المدن الإسرائيلية وهي ذات قوة تدميرية هائلة وبالتالي يمكنها دك القواعد العسكرية الأمريكية علي طول الخليج والقواعد الأخري في العراق.. ومن المؤكد أن سوريا ستفتح وقتها جبهة قتال ضد إسرائيل وحزب الله في لبنان لن يقف مكتوف الأيدي وحماس هي الأخري لن تسكت وسترد علي الهجوم بعنف.. ولعل هذا ما يتوقعه بيني جانتز رئيس الأركان الإسرائيلي وجعله يقول إن الحرب ستكون علي جميع الجبهات. من محصلة ما سبق.. نستطيع أن نؤكد علي خمس حقائق: * أن الحرب ستندلع رضينا أو لم نرض خاصة أن نتنياهو ليس وحده الذي يلعب القمار عندما يهاجم إيران.. ولكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يلعب هو الآخر نفس القمار.. فالاثنان يقتربان من انتخابات ويواجهان ثورة شعبية ضد سياستهما. * إن إسرائيل لن تستطيع وحدها ضرب إيران.. وبالتالي لا مفر من دخول أمريكا الحرب بشكل مباشر.. مما يورط معها أوروبا والناتو ودولا عربية خليجية وغير خليجية ودولا إسلامية مما ينذر بحرب دينية شبه عالمية. * حتي الآن.. فإن موقف تركيا غامض ورد فعلها ثلجي.. ولا أدري.. هل تكون المسار السادس غير المتوقع للهجوم علي إيران لتصبح بعده الدولة رقم 26 في الاتحاد الأوروبي؟ أم ستتخذ موقف الحياد؟! * إن إسرائيل وأمريكا سواء كان النجاح أو الفشل حليفهما فإنهما سيضاران كثيراً حيث ان الأمر لن ينتهي عند تدمير المواقع النووية لإيران إذا دمرت فعلاً.. بل إن توابع هذا الزلزال المتمثلة في العمليات الاستشهادية ستكون أقوي من الزلزال نفسه خاصة أنها ستستهدف كل ما يمت بأية صلة لإسرائيل وأمريكا في شتي بقاع العالم. * إن هذه الحرب ستغير حتماً مراكز القوي في العالم خصوصا إذا دخلت روسيا والصين علي الخط بجانب إيران وهذا مؤكد. وستغير خريطة المنطقة برمتها. وستغير المنظومة والمرجعية الدولية فقد يصل الأمر إلي كتابة شهادة الوفاة للأمم المتحدة ولمجلس أمنها والوكالة الدولية للطاقة الذرية. فلننتظر.. ونتابع.. ونري.