سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غداً مساء جديد - حينما يموت القاضي .. اكتئاباً.. .. وينتحر رجل الأعمال .. ضرباً بالرصاص.. ويتحارب الناس من شارع إلي شارع .. فهل هذه حقاً بلدنا مصر.. ؟!
ما الذي جري لنا..؟؟ تعالوا جميعا.. نصرخ في نفس واحد.. ماذا جري لنا..؟! هل نحن بحق هؤلاء القوم.. المسالمين .. المتسامحين.. المحبين لبعضهم البعض..؟! أم أن ثمة تغيرات طرأت علينا.. فقلبت حياتنا رأسا علي عقب.. وغيرت شخصياتنا من النقيض إلي النقيض..؟! .. وهل نحن الذين تعودنا.. علي أن نتصافح.. ونتعافي.. ونتعانق.. حتي ولو اختلفنا.. سرعان مايعود الوفاق.. والوئام.. بيننا..؟! *** هذا قاض.. محترم.. رئيس محكمة بمجلس الدولة.. عاش .. مثل باقي خلق الله .. يكد. ويعمل. ويرسي قواعد العدل. وينتصر للمظلوم.. ويقتص من الظالم..!! ثم.. ثم.. سارت به الأيام دون أن يهوي أو يشتهي..! لقد وجد نفسه شأنه شأن الأغلبية العظمي من أبناء هذا الوطن.. مطارداً بأصوات زاعقة.. ومظاهرات لا تهدأ.. واحتجاجات اناء الليل.. والنهار.. ورجال. وسيدات. وأبناء. وبنات.. كل منهم.. لم تعد تروق له حياته.. في نفس الوقت الذي لا يحاول فيه مع غيره.. العمل علي تحسين أنماطها..! مرة.. ومرتان.. وثلاث مرات.. صمد القاضي.. وتمسك بدينه.. وتربيته .. وتجربته القانونية.. ومع ذلك.. لم يجد الحال سوي نفس الحال.. فما كان منه الا أن أمعن النظر في الفراغ.. وأخذ يحملق.. ويحملق.. وفجأة أصدر قراره .. لقد قفز من شرفة الدور السابع.. ليلقي مصرعه في الحال..! تجمع المارة.. من كل حدب وصوب.. وهرع الجيران من شقتهم ومحلاتهم التجارية.. وكل منهم يردد عبارة شبه موحدة: * لقد كان رجلاً طيباً.. دمث الخلق..! للأسف .. لم يعمل واحد "عقله" .. ويسأل نفسه .. لماذا أقدم القاضي الجليل علي هذا التصرف "الطائش" الذي أفقده حياته..؟! تصوروا .. لو أن ذلك حدث.. لرأينا أمامنا.. صورة مختلفة تماماً..! علي الأقل.. كان لابد ان ندرك.. أن هناك "حاجات غلط".. ولابد من مواجهتها.. أو أطلقنا دعوة بيننا وبين بعضنا البعض.. لنهدأ قليلاً.. ونتروي ونتروي.. وألا نتسرع لعل وعسي..! *** قبلها بأيام قلائل.. ضاقت الأماكن الدنيوية جميعها.. برجل الأعمال ابن رجل الأعمال الشهير.. بحيث لم يعد يجد له متنفسا..! سأل: * إلي أين المصير..؟! الديون تثقل كاهله..! نشاطه الاقتصادي الذي يمارسه توقف شأنه شأن جميع الأنشطة الأخري التي أصابها الكساد.. والانكماش.. بل والجمود..! ذهب إلي "الوالد".. عسي أن يجد منه المشورة .. والنصيحة.. وأيضا الدعم المالي..! لكن الوالد لم يكن أحسن حالا.. بل ربما أسوأ.. وبالتالي ما إن تسلل إلي أذنيه صوت الابن "الشكاء".. حتي انفجر فيه.. معاتباً.. ومنتقداً.. ومهاجماً..! لم يحتمل الشاب صاحب الثلاثة والثلاثين ربيعا غدر الزمان.. فاتجه إلي مسدسه.. وأطلق منه النار علي رأسه.. ليلفظ أنفاسه في الحال..!! *** وإذا انتقلنا من التخصيص للتعميم.. لوجدنا عجب العجاب..!! أهلنا.. في بلطيم .. وفي دمياط .. وفي كفر الشيخ.. وفي سوهاج.. يتعاركون مع بعضهم البعض.. كل يحمل بندقيته.. لتتحول الشوارع إلي ساحات قتال.. ومن الشوارع.. تنتقل المعارك تلقائيا إلي الحارات والأزقة.. لتسيل الدماء.. أكثر.. وأكثر..! دماء من..؟! للأسف.. إنها دماء الأشقاء.. والأبناء.. والآباء..! *** اسمحوا لي أن أقول: تلك بكل المقاييس ليست مصر.. فمصر التي نشأنا تحت سمائها.. وتربينا فوق أرضها وارتبطنا أوثق الروابط بقيمها.. وتقاليدها.. وعاداتها.. وتراثها.. يستحيل.. ان تقبل انفراط حبات العقد التي تكاتفنا جميعا.. لعقده كأحلي مايكون وقد حرصنا كل الحرص علي ان يبقي دائما وأبدا.. رمزا للايثار.. والغيرية.. والتعاطف الوجداني "الأصيل"..! ثم .. ثم .. ماذا عسانا فاعلين.. أمام هذه الظروف التي نعتبرها طارئة.. واستثنائية.. ونادرة التكرار..؟! الاجابة باختصار: ليس أمامنا: سوي أن نعيد صياغة وجداننا من جديد..! كيف .. والوجدان .. يحتاج لكي "يتطهر وينقي" .. إلي تضحيات.. تلو التضحيات.. وجهد فوق جهد.. وإيمان ويقين.. لايدانيهما شيء في الوجود..! نعم .. إنها مهمة صعبة.. لكن ليس أمامنا خيار آخر..!!