رفض علماء الدين ما قام به بعض مسئولي رحلات الحج السياحي في عرفة عندما استقبلوا ضيوف الرحمن في خيام عرفات بأشجار زينة ملونة ومفروشات فاخرة بل وصل الأمر إلي حد توفير المساج والجاكوزي في بعض الخيام بالإضافة إلي المشروبات المثلجة والفستق واللوز وغير ذلك من الوسائل الترفيهية. أكد العلماء أن الحج شعيرة عبادية وليست رحلة سياحية ويجب علي الحاج أن يتجرد من متاع الدنيا وزخرفها وألا يشغل نفسه بأي شيء إلا بذكر الله وعبادته. يقول الدكتور عبدالرحمن العدوي استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب أن يري أثر نعمته علي عبده" فالإنسان الذي يعطيه الله مالاً ويكون قادراً علي أن يعيش معيشة مستريحة أو يلبي حاجات نفسه أو غيره لا مانع أن يفعل ذلك في الأمور الحياتية. أما بالنسبة للحج كما يري د. العدوي فإن الإنسان مطالب بأن يتجرد من متاع الدنيا ويتقشف لأن ذلك يجعله في طاعة الله أكثر ويجب ألا ينشغل بأمور الدنيا ومتاعها وزينتها وحسن الفراش الذي ينام عليه. أشار د. العدوي إلي أنه إذا كانت القدرة المادية للحجاج الاثرياء تجعلهم يعيشون في رفاهية إلا أنه يجب عليهم في هذه العبادة أن يتجردوا من كل رفاهية قدر استطاعتهم وأن يكونوا مع باقي الحجاج لا يتميزون عنهم في المظهر ولا يتفاخرون بثرائهم. أكد أن هذا الحج فيه من التجرد من الملابس العادية التي تميز الإنسان علي الآخر "الإزار والرداء" من أجل أن يكونوا جميعاً سواسية لا يعرف الغني من الفقير. والخلاصة كما يري د. العدوي أن الإنسان لا مانع أن يستمتع بما أعطاه الله من المال إلا في الحج فقد أراد الله في هذا الجمع أن يكون الجميع متعاوناً وألا يكون هناك نوع من استعلاء طائفة علي أخري وهذا من مكاسب الحج. يقول د. أحمد محمود كريمة استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن الحج من جهة الوسائل والمقاصد بذل المجهود لنيل المقصود قال الله عز وجل "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أحب الأعمال إلي الله تعالي أحمزها" أي أشدها - واشقها - وكما قيل علي قدر المشقة يكون الأجر. فالترفه والتوسعة في غير المباح شرعاً يدخل في دائرة المحظورات قال الله تعالي "ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً". أضاف د. كريمة أن ما نسب إلي شركات سياحية من المبالغة في الوسائل الحياتية والمعيشية في أداء مناسك وشعائر أمر يبعث علي الغرابة والنكارة معاً.. لأن الحج عبادة بدنية مالية يجب فيها إخلاص النية لله وإتعاب الجسد لتصفية الباطن وسمو الروح ولا يتأتي هذا إلا بالجهاد - أي جهاد النفس والشهوة والأمل وجهاد رغبات الجسد وتطلعات النفس الدنيوية ليكون الحاج في إحرامه الذي منعه وحظره عن الترفه في أسمي مكانة في تقربه لله تعالي. وأما فاخر الأطعمة والأشربة والتسلية كلها أمور وإن كانت غير محرمة لقوله تعالي "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" فهذا إسراف مذموم وتصرف لا يليق لمن يفترض فيهم أن يتجردوا لله تعالي فالمسألة شعائر عبادية وليست رحلة سياحية. يقول د. حمدي طه الاستاذ بجامعة الأزهر إن الحج عبادة وهو تعرض لله سبحانه وتعالي حيث يعرض العبد تذلله لربه ليغفر له ذنبه والدليل علي ذلك أنه يتجرد من جميع الملابس التي يستطيع أن يتميز بها علي الناس ويسير الكل في زي واحد "الإحرام" وهذا يدل دلالة قوية علي أن العبد يبتعد عن نعم الدنيا ويلتصق بالأرض حيث لا فرش ينام عليها فلا يجب علي الإنسان في تلك الحالة وهو خارج من أجل أن يتوب ويعود إلي الله أن يكون هناك ما كان يتنعم به قبل أن يقف علي عرفات. أضاف د. طه أن الجاكوزي وغيره ما هي إلا من مترفات الدنيا والغريب أنك لا تجد تمييزاً بين الحجاج علي عرفات إلا بين الحجاج المصريين فهذا حاج درجة أولي وهذا درجة ثانية وآخر من أصحاب الطرقات.. لا تجد هذا إلا بين المصريين مع أن الحج جعله الله سبحانه وتعالي ليختلط الناس الكبير والصغير بدون تمييز ولكن شاء الله وقدر أن يكون بين المصريين وهذا ترف لا يرضي الله عنه خاصة في هذا الموقف. يجب علينا أن نتذكر قول الذي علمنا الحج "الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين أحمر وأبيض ولا بين غني وفقير كلكم لآدم وآدم من تراب".