أصبح التوك توك رمزاً للعشوائية.. ومثالاً لعدم الانضباط وغياب الرقابة.. وفي قضية مقتل الطفلين ريان ومحمد في ميت سلسيل دقهلية وحسب الرواية الأولي قبل اعتراف الاب كان التوك توك هو بطل الجريمة وأداة الخطف حسب الرواية الأولي.. وفي جريمة أطفال المريوطية كان التوك توك هو أداة الجريمة وأحد أدوات كشفها.. وكم من الجرائم ترتكب بواسطة التوك توك.. وكم من الجرائم التي تتابعها يومياً ويكون التوك توك هو البطل أو العنصر الرئيسي أو المساعد في ارتكابها..!! وبرغم عشوائية التوك توك إلا أنه ليس كله شراً فهو أيضاً وسيلة انتقال سريع ومنخفضة نسبياً في الشوراع والحواري الجانبية والعشوائية وهو أيضاً مصدر دخل ورزق لعديد من الأسر.. فكيف يمكن أن نجعله شيئاً حضارياً؟ أعتقد أنه من الممكن جداً أن يحدث ذلك بعدة وسائل.. أولها ترخيص التوك توك.. وسيكون مصدر دخل سنوي للدولة لا يقل عن ملياري جنيه إذا جعلنا الرسم السنوي مائتي جنيه فقط حيث يقدر الكثيرون أعداد التوك توك في مصر قراها ومدنها بعشرة ملايين توك توك!! والترخيص الرسمي للتوك توك لن يكون مفيداً للدولة فقط كمصدر دخل بل سيحقق الأمان والانضباط وسيكون له سائق مرخص أي له رخصة سائق توك توك بدلاً من هذه العشوائية في قيادة التوك توك والتي نشاهدها في شوارعنا خاصة وجود أطفال أو بلطجية أو مسجلين خطر يقودونه باستهتار وتحد غريب للانضباط والأمان ومواجهة شرسة مع السلامة والأمن. ولكن سيحقق ذلك يمكن أن تكون المرحلة الثانية لترخيص التوك توك هو تطويره وهناك دراسات مصرية عديدة لتطوير التوك توك والاحتفاظ بشكله أي العجلات الثلاثة والموتور الصغير الذي لا يزيد سعته علي 250 سي سي ولكن بتحويل هيكله إلي علبة مغلقة مثل السيارة ويكون له بابان وشباك بين الراكب والسائق من الداخل. تطوير التوك توك ليس أزمة أو مشكلة مستعصية لكنه فقط يحتاج إلي إرادة قوية ورغبة صارمة في انجاز هذا المشروع. أصبح التوك توك واقعاً في حياتنا منذ أن تسلل إلي واقعنا عام 2005 تحت بصر وسمع الجميع وظل يستلل ويتسلل حتي أصبح لدينا ورش متخصصة في العشوائيات.. ويقال والعهدة علي الراوي أنه مازال يصل إلي مصر كأجزاء ويتم تجميعه في ورش بالعشوائيات ويباع بسعر يتراوح من 30 إلي 40 ألف جنيه حسب حالة وسعته وحسب رؤية كثير من الخبراء فإن تطوير التوك توك ليكون سيارة بديلة بثلاث عجلات وبنفس الموور وبخامات مصرية بنسبة 90% علي الأقل لن يزيد سعره عن ذلك أيضاً أي في حدود من 35 إلي 40 ألف جنيه.. المهم أن نبدأ. إذا نجحنا في تلك المهمة وبدأنا أولا الترخيص للتوك توك بمواصفات معينة مع اشتراط التجديد بالشكل المطلوب خلال عام.. وأن يكون اللون لكل محافظة مختلفاً عن المحافظة الأخري وبأرقام يمكن إثباتها وأن يكون السائق رشيداً عاقلاً يخضع لاختبارات طبية ونفسية وفيش وتشبيه وسن مناسبة.. فإن التوك توك سيكون حضارياً وليس عشوائياً. لقد ركبت التوك توك مع عدد من الصحفيين في بنجلاديش وكان للسائق رخصة وللمركبة أي التوك توك رخصة وخط سير محدد وبأسعار محددة لخط السير وعدد محدد من الركاب لا يزيد عنه ومن يرغب أن يركب وحده فعليه دفع تكلفة بقية الركاب. وأعتقد أن لدينا القدرة والإرادة والأجهزة التي تساهم في تلك المهمة باقتدار لو صدقت نوايا التطوير والترخيص. التوك توك المطور ممكن جداً أن يكون أحد الأشكال الحضارية خاصة التوك توك الكهربائي.. وممكن جداً أن يكون إيجابياً بالترخيص والتطوير والاهتمام فهو ليس كله شراً.. المهم أنه بعد 13 عاماً من العشوائية في التعامل معه منذ أن بدأ يغزو مصر عام 2005 حتي الآن.. فإننا في حاجة إلي وقفة حاسمة وضرورية ومهمة لتطويره وترخيصه وتحديد مساراته وتنظيمه.. فهل من الممكن أن يحدث ذلك؟ أعتقد نعم!! حوادث تكشف الأزمة في الأسابيع الأخيرة انهمرت اخبار الحوادث خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي باجتهادات شخصية وكأنها تحاول أن تهز أركان الشخصية المصرية.. وأصبح الانطباع العام عن حوادث القتل والخطف وغيرها انطباعات عادية وكأننا نتحدث عن مسلسلات رمضان.. فهل هذا الاهتمام المبالغ فيه علي مواقع التواصل هو الهدف؟ كان هناك اتجاه عام في الإعلام عدم التركيز أو الاهتمام بقضايا معينة مثل زنا المحارم مثلاً.. حتي لا تشيع الفاحشة فعندما ننشر كثيراً عن قضية ما تتكرر هنا وهناك فإن ضعاف النفوس وصغار العقول قد يعتقدون أن هذه الحوادث أصبحت طبيعية فيمارسها. لذلك عندما انتشرت أخبار عن حوادث الخطف والقتل والاغتصاب وغيرها.. عاشت البيوت المصرية خاصة والطبقة الوسطي في حالة قلق وخوف غير عادية علي أبنائها وبناتها خاصة في سن المراهقة والطفولة وزادت الشائعات علي قضايا خطف وبيع أعضاء.. أو قتل بعد الاغتصاب وغيرها ولعل ما يثير الريبة أن معظم هذه الحوادث كانت شائعات أو حوادث عادية تم تضخيمها أو الترويج لها بشكل مبالغ فيه سواء بحُسن نية أو سوء نية.. وهذا ما يجعلنا نستشعر أن هناك شيئاً ما وراء هذا التضخيم. قصة طفلي مدينة ميت سلسيل دقهلية المتهم فيها الأب واعترف بقتل طفليه.. أخذ نقاشا عاما كبيراً وهناك من يؤكد أن الأب هو القاتل وأن اعترافه صحيح وهناك من يري أن الأب ليس قاتلاً وأن اعترافه تم بضغوط شديد عليه.. وتناسي البعض أنه سواء كان الأب قاتلاً أو غير قاتل فهو مدان ومتهم.. لأنه اذا كان قاتلاً.. وهو ما يستبعده الكثيرون فهو قاتل فلذة كبده ولا يستحق الرحمة.. أما إذا كان غير قاتل فهو ليس بريئاً لأنه حاول تضليل العدالة وعدم الإمساك بالمجرم الحقيقي.. وإذا كان قد اعترف بضغوط عليه أو لمحاولة انقاذ ما تبقي من أسرته فهو مدان أو شريك لعصابة اجرامية تضغط عليه كما يقول بعض أهالي ميت سلسيل. في كل الأحوال هو مدان ومخطيء.. صحيح أن هناك فارقاً بين أن تقتل فلذة كبدك أو أن تحاول تضليل العدالة للثأر من القاتل.. ولكن في كل الأحوال هو مدان..! نفس الحكاية بشكل أكبر في قضية طالب الرحاب وخطيبته التي سلمته لأبيها ليقتله.. جريمة تحت غطاء الحب وكلها جرائم تجعلنا نعيد النظر في تفسير مشاعر الناس وتجعلنا في حيرة حقيقية في المشاعر والأحاسيس وتلك هي الأزمة الحقيقية التي تنتج فعليا عن هذه الحوادث التي انتشرت في المرحلة الأخيرة وضخمتها بشكل كبير مواقع التواصل الاجتماعي.. ولله الأمر من قبل.. ومن بعد!!