كان عبقريا في تحصيل العلم مجدا في فهم ودراسة العلوم الدينية. انه الشيخ عبدالرحيم المولود في مدينة "ترغاي" بإقليم "سبتة" بالمغرب سنة 521ه. أمضي طفولته في الدراسة بجامع ترغاي الكبير علي يد والده كما نال قسطا وافرا من العلم علي يد كبار العلماء.. وعندما وصل عمره الثامنة كان قد حفظ القرآن الكريم وأجاد التلاوة والفهم.. ولكن أباه مات وهو في سن 18 سنة فكانت صدمة شديدة له وقد أثر ذلك في صحته وساءت حالته النفسية بدرجة خطيرة.. وعندما وجدت والدته أن حالته تزداد سوءا أرسلته إلي أخواله في دمشق.. حيث التقي هناك بعائلة والدته الذين أكرموا وفادته وسهلوا له مهمة الاتصال بكبار العلماء والفقهاء. وفي دمشق امضي نحو عامين كانت كلها دراسة وبحثا وتفقهاً ثم قرر العودة إلي مسقط رأسه في "ترغاي" حيث أهله وعشيرته.. وكان لدراسته للعلوم الدينية في دمشق اثر كبير في نفسه حيث امتزجت الثقافة الشرقية والمغربية وخلقت له من هذا الامتزاج شخصية قيادية متكاملة رغم حداثة سنه. وعندما بلغ 20 عاما جلس في الجامع كمدرس وقد حل محل والده فامتلأ المسجد بالمريدين وطلاب العلم حتي أنه لم يكن فيه موقع لقدم خصوصا وان طلاب الاستماع إلي الشيخ عبدالرحيم كانوا من أصل ترغاي وأهالي منطقة "سبته" الذين أتوا لينهلوا من علم الشيخ عبدالرحيم وفي ترغاي أمضي الشيخ عبدالرحيم خمس سنوات قام خلالها بالوعظ والتدريس وكان أسلوبه الذي يتحدث به ساحرا أخاذا حتي أن المستمعين كثيرا ما أجهشوا بالبكاء تأثرا واعجابا. في نفس الوقت تكتلت قوي الفرنج وقوي الاستعمار الأوروبي للهجوم علي بلاد المشرق واستعمارها.. وأعلن الشيخ عبدالرحيم ضرورة تكتل كل قوي المفكرين من المسلمين لحماية الدول الإسلامية وتعبئة القوي المادية والمعنوية لحمايتها من التفكك والضعف والانحلال وتزامن مع هذه الاحداث وفاة والدته الأمر الذي جعله يفكر في الرحيل من "ترغاي" ليتوجه إلي الحجاز لتأدية فريضة الحج.. وفي الطريق مر بمدينتي الإسكندرية والقاهرة.. ووصل إلي مكة وأدي الحج.. وبقي بالأراضي الحجازية تسع سنوات.. كانت كلها سنوات بحث ودراسة ولقاءات مع فقهائها وعلمائها بالاضافة إلي قيامه بالاتجار في بعض المحاصيل سعيا وراء كسب الرزق حتي لا يكون عالة علي أحد. وفي موسم الحج العاشر التقي بمكة بأحد الشيوخ الورعين القادمين من مدينة قوص عاصمة الصعيد في مصر في ذلك الوقت ودعاه الشيخ محيي الدين القشيري للذهاب إلي قوص حيث ينهل المصريون من علمه ولبي الدعوة وسافر إلي قوص ولكنه فضل الذهاب إلي قنا حيث حكي له الشيخ القشيري الكثير عن هذه المدينة ولهذا سافر الشيخ عبدالرحيم إلي قنا وكان الأيوبيون عندما تولوا مقاليد الأمور في مصر قد جاهدوا في القضاء علي المذهب الشيعي كما تقول الدكتورة سعاد ماهر في كتابها حيث كان سائدا في مصر في العصر الأموي وذلك لنشر المذهب السني.. ولكن تحقق ذلك كانت الوسيلة التي اتبعها الايوبيون هي تولية شئون البلاد وحكمها لأصحاب المذهب السني القائم علي المذهب الشافعي.. ولهذا فقد اصدر الملك العزيز بالله ابن صلاح الدين الأيوبي قرارا بتعيين الشيخ عبدالرحيم شيخا لمدينة قنا ومنذ هذا التاريخ أصبح لقب الشيخ عبدالرحيم هو القنائي علاوة علي القناوي ومع تقصير عري الصداقة بينه وبين الشيخ القشيري تزوج ابنته ولكنها ماتت بعد فترة قصيرة وتزوج بعدها الشيخ عبدالرحيم ثلاثًا آخريات انجب منهن 19 ولدا وبنتا وكان يقيم بزاوية بجانب ضريحه حتي توفي عام 592ه عن عمر 72 عاما.