علي مَن أراد الحج أن يستعد ويتهيأ له. فإن الاستعداد والإعداد من علامات صدق العزم علي الطاعة أو العبادة. قال تعالي: "وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةى وَلَكِن كَرِِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَّبَطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ" "التوبة: 46". رزقنا اللَّه الصدق في القول والعمل. فعلي مَن أراد الحج أن يتعلم أحكامه وكيفيته وسُنَّنه. وهناك سُنَّن كثيرة للحج منها ما يتعلق بهيئة الأداء. وما يتعلق بالإحرام. وما يتعلق بالسعي. وهناك سُنَّن لا تتعلق بأعمال. بل هي مستقلة. وبيان ذلك فيما يلي: 1- سُنَّة تتعلق بهيئة أداء الحج: وهي الإفراد.. فالإفراد بالحج أفضل. إذا اعتمر في نفس العام عند الشافعية. ودليلهم ما روته السيدة عائشة رضي اللَّه عنها: "أن النبي "صلي اللَّه عليه وسلم" أفرد الحج" رواه مسلم . 2- سُنَّن الإحرام هي: الاغتسال وتطييب البدن لا الثوب. وصلاة ركعتين. يفعل هذه الثلاثة قبل الإحرام.. ثم التلبية عقب النية. والتلبية فرض في الإحرام عند الحنفية. خلافاً للجمهور. ويُسَّن للمعتمر أن يكثر من التلبية منذ نية الإحرام بالعمرة إلي بدء الطواف باستلام الحجر الأسود. عند الجمهور. وقال المالكية: المعتمر الآفاقي يلبي حتي يبلغ الحرم. لا إلي رؤية بيوت مكة. والمعتمر من الجعرانة أو من التنعيم يلبي إلي دخول بيوت مكة. 3- سُنَّن تتعلق بالطواف: ويُسَّن له أن يضطبع في أشواط طوافه هذه كلها. والاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه اليمني. ويرد طرفيه علي كتفه اليسري. وتبقي كتفه اليمني مكشوفة. كما يُسَّن للرجل الرمل أي سرعة الخطو بما يشبه العَدْو الخفيف في الأشواط الثلاثة الأولي. ويمشي في الباقي. وليكثر المعتمر من الدعاء والذكر في طوافه كله. 4- ركعتا الطواف: يُسَّن له صلاة ركعتين بعد الطواف عند مُقام إبراهيم عليه السلام . 5- سُنَّن تتعلق بالسعي: تُسَّن الموالاة بين السعي والطواف. ونية السعي. والسعي الشديد بين الميلين الأخضرين. كما تُسَّن الموالاة بين أشواط السعي عند الجمهور. وهي شرط لصحة السعي عند المالكية. ومنها ما لا يتعلق بالأعمال. وإنما هي مستقلة بذاتها مثل: 6- الشُرْبُ من ماء زمزم: لما ثبت عن النبي "صلي اللَّه عليه وسلم" أنه لما شُرِبَ له. 7- زيارة القبر الشريف: ولو لغير الحاج والمعتمر. ولها آثار كثيرة يطول المقام بذكرها. .. وننبه هنا إلي أمور مهمة ينبغي للحجاج مراعاتها إذا كتب اللَّه تعالي له الحج. وهي أنه إذا استقر عزمه علي الحج بدأ بالتوبة من جميع المعاصي والمكروهات. ويخرج من مظالم الناس. ويقضي ما أمكنه من ديونه. ويرد الودائع. ويستحل كل من بينه وبينه معاملة في شيء أو مصاحبة. ويكتب وصيته. ويُشْهِد عليها. ويوكِّل مَن يقضي عنه ما لم يتمكن من قضائه. فإن الله يغفر الذنوب كلها إلا حقوق العباد. قال رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم": "يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين" أخرجه مسلم .. ويترك لأهله ومَن تلزمه نفقته نفقتهم إلي حين رجوعه. وعليه بعد ذلك أن يجتهد في إرضاء والديه. ومَن يتوجب عليه برُّه وطاعته. وعليه أن يتحري الحلال في مال الحج. فلا يحج بمال فيه شبهة أو غيره. فإن النبي "صلي اللَّه عليه وسلم": "ذكر الرجل يطيل السفر. أشعث أغبر. يمد يديه إلي السماء: يا رب. يا رب. ومطعمه حرام. ومشربه حرام. وملبسه حرام. وغُذِّيَ بالحرام. فأَنَّي يُسْتَجاب لذلك" أخرجه مسلم . ثم بعد ذلك يحرص علي صحبة رفيق موافق صالح يعرف الحج. وإن أمكن أن يصحب أحد العلماء العاملين. فليمسك به. فإنه يعينه علي مبارّ الحج ومكارم الأخلاق. وعند سفره يستحب أن يودع أهله وجيرانه وأصدقاءه. ويقول لمن يودعه ما جاء في الحديث: "أستودعك اللَّه الذي لا تضيع ودائعه" أخرجه أحمد ويُسَّن للمقيم أن يقول للمسافر: "أستودع اللَّه دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك" رواه الحاكم في المستدرك . ثم يصلي ركعتين قبل الخروج من منزله. يقرأ في الأولي سورة: "قُل يَا أيُّهَا الْكَافِرُون" وفي الثانية: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدْ".. وعليه كذلك أن يلم بأحكام السفر ورُخَصه مثل: الجمع والقَصْر. ثم عليه أن يستعد للإحرام. وهو في اللغة: الدخول في الحُرْمَّة. ومعناه الشرعي: نية الحج عند الجمهور. والنية مع التلبية وهي قول: لبيك اللهم عند الحنفية والإحرام رُكن من أركان الحج عند الجمهور. وشرط من شروط صحته عند الحنفية. ويبدأ المسلم الاستعداد للحج والإحرام بالاغتسال والتنظيف تطييب البدن. ثم يصلي ركعتين سُنَّة الإحرام. وتجزئ عنهما صلاة المكتوبة. ثم ينوي الحج حسب الهيئة التي سيؤديه بها. فللحج ثلاث هيئات هي: الإفراد. والقران. والتمتع. إن الاستعداد للحج من الأمور المهمة لأداء هذه الفريضة ويجب علي المسلم الحاج أن يهتم بهذا الإعداد ويوليه الوقت والجهد الكافي.. تقبل اللَّه من الحجاج والمعتمرين.. آمين