بيروت "رويترز" - قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري إنه يجب تشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن بسبب الأوضاع الاقتصادية في الداخل والمخاطر المتزايدة في المنطقة. وحاز الحريري علي دعم 111 نائبا من أصل 128 عضوا في مجلس النواب اللبناني المنتخب حديثا خلال المشاورات التي اجراها معهم الرئيس ميشال عون مما يعكس وضعه كسياسي سني بارز علي الرغم من خسارته الحادة في الانتخابات العامة. ومنصب رئيس الوزراء في لبنان مخصص للسنة في نظام اقتسام السلطة المسمي بالمحاصصة الطائفية. وهذه هي المرة الثالثة التي يتولي فيها الحريري منصب رئيس الوزراء منذ أن دخل المعترك السياسي بعد اغتيال والده رفيق في عام 2005. وقال الحريري في كلمة عقب تكليفه "شرفني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتكليفي تشكيل الحكومة بناء علي استشارات نيابية أجراها فخامته ". وأكد ان "كل الكتل النيابية الوازنة تجمع علي ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني في أسرع وقت ممكن نظرا للأخطار الإقليمية المتزايدة حول بلدنا وللأوضاع الاقتصادية والمالية الضاغطة داخليا". ومن المتوقع أن تعكس الحكومة الائتلافية الجديدة تزايد النفوذ السياسي لجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران وحلفائها الذين يؤيدون احتفاظها بالسلاح. وفازت الجماعة وحلفاؤها بسبعين مقعدا علي الأقل من مقاعد البرلمان . وخسر الحريري أكثر من ثلث مقاعده ذهب معظمها لحزب الله وحلفائه فيما تضاعف عدد نواب حزب القوات اللبنانية المناهض لحزب الله وهو حزب مسيحي وصل عدد نوابه الي 15. وقال الحريري إن الحكومة ستتابع "المسيرة التي انطلقت مع تشكيل الحكومة المستقيلة والبناء علي إنجازاتها العديدة وترسيخ الالتزام بسياسة النأي بالنفس وإقامة أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب". وقد أبقت سياسة النأي بالنفس لبنان رسميا بعيدا عن الصراع الإقليمي بين السعودية وايران حتي في الوقت الذي قام فيه حزب الله بنشر مقاتلين في سوريا والعراق ودعم الحوثيين في اليمن. ويتوقع محللون أن ميزان القوة الذي يميل لصالح حزب الله وحلفائه يمكن أن يؤدي إلي توسيع العلاقات مع الحكومة السورية التي يتجنبها الغرب ودول الخليج العربية التي دعمت الانتفاضة ضد الرئيس بشار الاسد. وقال الحريري "سيكون أمام الحكومة متابعة الجهود المبذولة لمواجهة أزمة النزوح السوري وأن تحقق سلسلة من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية التي التزمنا بها أمام اللبنانيين أولا وأمام المستثمرين الذين نعول علي استعادة ثقتهم واستثماراتهم في مسيرة النهوض بالاقتصاد اللبناني". وأضاف "في هذه اللحظة أمد يدي إلي جميع المكونات السياسية في بلدنا للعمل سويا علي تحقيق ما يتطلع إليه كل اللبنانيين من دولة سيدة حرة ومستقرة وخدمات أساسية للعيش الكريم وإصلاحات تحد من الفساد وتطلق عجلة الاقتصاد لايجاد فرص العمل...لن أوفر جهدا في العمل علي تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن ومواصلة العمل لحماية استقرار لبنان". وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري إن المشاروات لتشكيل حكومة وطنية جديدة وموسعة ستجري يوم الاثنين. ورغم حصول الحريري علي تأييد واسع لم يرشح نواب حزب الله أحدا للمنصب. وقال محمد رعد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله بعد الاجتماع مع عون "مستعدون للتعاون بإيجابية". ودعا كل الزعماء اللبنانيين إلي تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة والتي ستسعي إلي إنعاش الاقتصاد الذي يعاني من الركود ومعالجة مستويات الدين العام التي لا يمكن تحملها. لكن يجب أن توازن الحكومة الجديدة مثل الحكومة المنتهية ولايتها بين مصالح كل الفرقاء اللبنانيين الرئيسيين وربما يستغرق هذا وقتا. وقال مسئول كبير مطلع علي تفكير الجماعة لرويترز إن حزب الله الذي تصنفه الولاياتالمتحدة منظمة إرهابية يريد ثلاث حقائب وزارية بعدما كان يحتفظ بحقيبتين في الحكومة المنتهية ولايتها التي ضمت 30 وزيرا. وكانت مصادر مطلعة علي تفكير الجماعة قالت لرويترز إن حزب الله الذي يشغل حتي الآن مناصب حكومية هامشية يسعي أيضا للحصول علي وزارات خدمية أهم في الحكومة الجديدة. ويعتقد حزب الله كذلك بضرورة تخصيص حقيبة وزارية لأحد حلفائه السنة الذين انتزعوا بعض المقاعد من تيار المستقبل بزعامة الحريري. ويسعي حزب القوات اللبنانية المناهض لحزب الله للحصول علي نصيب أكبر من المناصب الوزارية بعد أن ضاعف عدد نوابه في البرلمان إلي 15. وانتخب مجلس النواب السياسي الشيعي نبيه بري وهو حليف لحزب الله رئيسا له ليواصل احتفاظه بالمنصب الذي يشغله منذ عام 1992. كما انتخب حليفا آخر لحزب الله هو إيلي فرزلي نائبا لبري.