أوقع مفتي ليبيا صادق الغرياني نفسه في المحظور عندما كفر القذافي وحرم الصلاة علي جثمانه أو دفنه بمقابر المسلمين. إذا صدر التكفير أو التحريم من جاهل أو من أحد العوام فانها تكون مصيبة.. أما إذا صدر من رجل دين كبير بحجم مفتي البلد الذي يفصل في الحلال والحرام ويجيز أو لا يجيز في الأمور الشرعية المفترض أن يسير الناس خلف حكمه المستند فيه إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم.. فإن المصيبة تكون أعظم. لا أحد من حقه تكفير آخر ينطق بالشهادتين ولا ينكر أصلاً من أصول الدين الإسلامي فيما يسمي الكفر الصريح. ولا يجوز له تكفيره بدعوي أنه أنكر السنة النبوية فهي أقوال بلا دليل عليها.. وكلنا نعلم وشاهدنا بأعيينا القذافي وهو يصلي في ليبيا وتشاد والنيجر حتي لو كانت صلاة دعائية تليفزيونية. ونعلم وشاهدناه أيضا وهو يحتفل بالمناسبات الدينية حتي لو كان الهدف أن يقول الناس عنه إنه رجل مؤمن ومصل. ولا يجوز له تكفيره اعتماداً علي ما يحكي عنه من أنه كان يزني بالرضا أو الاغتصاب ويشرب الخمر ويسرق مال الشعب كل يوم وليلة فهذه كبائر لها حدود شرعية في القرآن ولا تخرج مرتكبها من الملة إلا إذا أنكر تحريمها صراحة. ولا يجوز له تكفيره استناداً إلي أنه ديكتاتور خرب ليبيا ونهبها وعاث فيها فساداً وافسادا أو أنه طاغية اذل شعبه وقتل من الأبرياء الكثير فعلياً ومعنوياً أو انه شن حرب ابادة علي المواطنين المؤتمن عليهم في آخر أيامه. ولا يجوز له تكفيره لأنه تضامن مع أعداء الوطن ووضع يده في أيديهم لتحقيق مصالحهم التي اضرت كثيراً بالشعب وبددت ثرواته. ولا يجوز له تكفيره لأنه أنفق خيرات البلد علي ملذاته وتدعيم عرشه وزرع أولاده في الحكم رغم أنف الشعب لمساندته في حياته وارثه بعد مماته. ولا يجوز له تكفيره لأنه اعاد بلاده علي مدي أربعة عقود إلي أول طريق الجاهلية والجهل. ولا يجوز له حتي لو كان المفتي تكفيره بدعوي إنه حاكم فاجر في حياته. فاجر في الرضا مع مواليه فاجر في الخصومة مع من يعارضه.. فكلها أمور لا تخرج الإنسان من الملة. أخيراً.. لا يجوز لفضيلة المفتي تكفير القذافي نفاقاً للثوار وركوباً للموجة وضماناً للبقاء في منصبه.. فحدود الله أولي بالتنفيذ والارضاء وهي الضمانة الوحيدة لتحقيق الخير للإنسان سواء كان هذا الخير في البقاء بالمنصب أو تركه. يا فضيلة مفتي ليبيا.. لقد افتأت علي الدين وسيسته بما لا يرضي الله ورسوله وجريمتك وأنت رجل دين كبير ابشع من كل جرائم القذافي بجنون العظمة التي به وانفلات أخلاقه وجهله بالدين والحياة. يا فضيلة المفتي أذكرك بواقعة المنافق الذي أعلن إسلامه عندما سقط في الأسر ومع ذلك تم قتله لنفاقه وسابق شركه مما اغضب رسول الله صلي الله عليه وسلم غضباً شديداً وقال لقاتله: .. ألا شققت عن صدره؟ يافضيلة المفتي.. ألا شققت عن صدر القذافي حتي تكفره وتحرم الصلاة علي جثمانه ودفنه بمقابر المسلمين؟ اتق الله يا رجل.