الهداية من نعم الله الكبري يختص بها من يشاء من عباده ومن يظفر بهذه النعمة يستقر الإيمان في قلبه ويمتلك وجدانه.. سعيه الدائم في التعرف علي صالح الأعمال.. ولا يعرف أي طريق للشر. يتطلع إلي الحق سبحانه وتعالي أن يقيه وساوس الشيطان وحمايته من النفس الأمارة بالسوء ومن الذين أسعدهم الله بهذا الاختيار عبدالله بن عبدالله ابن أبي ابن سلول. هذا العبد الصابر أقبل علي الدعوة المحمدية وكان من أهل الصلاح المعروفين من أصحاب سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ومن يتأمل تاريخ هذا الرجل من أهل الإيمان يدرك أن من يهديه الله يشرح صدره للإسلام. فهذا الرجل ينتمي إلي قبيلة الخزرج وهي من القبائل الرئيسية في المدينةالمنورة من هاجر إليها سيد الخلق محمد ابن عبدالله صلي الله عليه وسلم ومن المفارقات التي تثير الانتباه أن هذا الرجل من أهل الإيمان والده "عبدالله ابن أبي" رأس المنافقين وله علي رسول الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم عدة مواقف وأنزل الله في حقه قرأناً يسجل هذه المواقف المشينة ومن بينها علي سبيل المثال لا الحصر ما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن زيد بن أرقم قال: خرجت مع عمي في غزوة فسمعت عبدالله بن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا علي من عند رسول الله ولئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي فذكره لرسول الله صلي الله عليه وسلم فأرسل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فحدثته. فأرسل إلي عبدالله بن سلول وأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا. فكذبني رسول الله صلي الله عليه وسلم وصدقه. فأصابني هم لم يصبني مثله. وجلست في البيت حزيناً. وهنا قال عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلي الله عليه وسلم وقعتك. وقد ظللت علي هذه الحالة من الحزن حتي أنزل الله سورة "إذا جاءك المنافقون" أضاف قائلاً: فبعث لي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقرأ هذه السورة علي. ثم قال "إن الله قد صدقك". ووسط هذه الرحلة من أكاذيب أهل النفاق كان عبدالله الذي من الله عليه بالإيمان والهداية يتألم من سلوكيات والده رأس النفاق وأساليبه في الكذب والتطاول علي رسول الله. وعندما بلغ هذا الرجل من أهل الإيمان ما كان من أمر أبيه. علي الفور جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: بلغني أنك تريد قتل والدي عبدالله بن أبي بن سلول فيما بلغك عنه فإن كنت فاعلاً فمرني به. فأنا أحمل إليك رأسه. فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني. وأني أخشي أن تأمر به غيري فلا تدعني نفسي أنظر إلي قاتل عبدالله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمناً بكافر فادخل النار. فماذا كان رد سول رسول الله صلي الله عليه وسلم هذا ما نتعرف عليه غداً إن كتب الله لنا البقاء.