في كل يوم وعلي مدي التاريخ نتعلم من سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم الكثير من مكارم الأخلاق نلتمس منها أنواراً تضيء لنا مسيرة الحياة وتكشف المعالم الطيبة لهذا الرسول الكريم الذي أرسله ربه رحمة للعالمين نحصل منها علي قبس من هذه الأنوار المحمدية وكيفية تسامحه وطيب عنصره وأخلاقه حتي في تعامله مع أشد الناس عداوة ونفاقاً لدعوة الحق التي جاء بها صلي الله عليه وسلم تعامل بأطيب الوسائل والقيم الإنسانية مع رأس النفاق عبدالله بن أبي بن سلول.. فرغم ان الحق تبارك وتعالي كشف نفاقه ومدي عداوته لرسول الله صلي الله عليه وسلم ودعوته إلا ان سيد الخلق صلي الله عليه وسلم كان في غاية كرم الأخلاق خلال تعامله مع هذا الرجل الذي كان يظهر خلاف ما يبطن من تصرفاته لدرجة انه كان يحلف كذباً في محاولة للإفلات من المواجهة وكان مراوغاً لدرجة تستلفت الأنظار وفي السطور التالية نستعرض الكثير من وسائل النفاق التي كان يسلكها هذا المنافق ومن علي شاكلته!! ففي سورة "المنافقون" التفاصيل الكاملة لألاعيب هذا المنافق المراوغ وأمثاله.. فها هو زيد بن ارقم وكان معه بعض من الأنصار يجلسون عند عبدالله بن أبي ابن سلول" وفي هذه الجلسة سمع زيد بن أرقم يقول عن المهاجرين الذين جاءوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم للمدينة: ان هؤلاء قد ثاورونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك والله لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ثم أقبل علي من كان عنده من بني قومه وقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم احللتموهم في بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو كففتم عنه لتحولوا عنكم من بلادكم إلي غيرها. هذه العبارات التي توضح مدي خبث وعداوة عبدالله بن ابي بن سلول لدعوة الإسلام ومدي كرهه لها. زيد بن أرقم سمعها رضي الله عنه فذهب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو في ذلك الوقت كان "غليم صغير" لدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبكل الصدق نقل الخبر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعقب انتهاء زيد بن أرقم من روايته قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله أأمر عباد بن بشر فليضرب عنقه لكن الرسول الكريم رفض قائلاً: فكيف يا عمر إذا تحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه لا ولكن نادت يا عمر: "الرحيل" وفي هذه اللحظات بلغ عبدالله بن ابي ذلك الخبر الذي نقله زيد بن الأرقم فجاء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فاعتذر وحلف بالله انه ما قال ما نقله عنه زيد بن أرقم وكان عبدالله بن ابي عند قومه بمكانة فقالوا يا رسول الله عسي أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يستطع اثبات ما قاله الرجل. ما نقله زيد بن ارقم عن عبدالله بن ابي كان مثار حديث الناس بالمدينةالمنورة وحول هذا اللغط الدائر نقل زيد بن ارقم لعمه ما يضيق به صدره وكيف ان الرسول صلي الله عليه وسلم كذبه وصدق عبدالله بن ابي اللهم قد امتلك وجدان زيد لدرجة انه قال: لم أصب بهم مثله مطلقاً لدرجة انه جلس بالبيت مهموما ومما زاد الطين بلة ان العم قال لزيد: ما أردت إلا ان كذبك رسول الله صلي الله عليه وسلم ومقتك؟ وقد ظل الهم يطارد زيد بن أرقم حتي أنزل الله سورة "المنافقون" فبعث إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم وقرأها علي مسامع زيد ثم قال صلي الله عليه وسلم ان الله قد صدقك يا زيد. هذه الأحداث وتلك الحوارات الدائرة خاصة بعد أن فضحت سورة المنافقون أساليب المنافقين ومراوغتهم ومحاولاتهم ترويج الأكاذيب ثم التنصل منها زوراً وبهتاناً وسط هذه الموجة من الأحاديث حول المنافقين وفضيحتهم تكشفت فصولها. يقول محمد بن اسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ان عبدالله بن عبدالله بن ابي بن سلول لما بلغه ما كان من أمر أبيه جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله انه بلغني انك تريد قتل عبدالله بن أبي لما بلغك عنه فإن كنت فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه ثم أردف قائلاً: فوالله لقد علمت الخزرج وهي القبيلة التي ينتمي إليها ما كان لها من رجل أبر بوالده مني واني أخشي إن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي انظر إلي قاتل ابي يمشي في الناس فارتكب جريمة قتله فأقتل مؤمناً بكافر فادخل النار. فلنتأمل ما قاله سيد الخلق رحمة بنا للعالمين رداً علي طلب عبدالله بن عبدالله بن أبي رأس النفاق. لقد قال له صلي الله عليه وسلم بكل مكارم الأخلاق وأحسنها: "لا يا عبدالله بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا" انها الأنوار المحمدية تقطر رحمة وتعلم الإنسانية مكارم الأخلاق والإحسان حتي لمن أساء للناس.. فهل نتعلم تلك السلوكيات من سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وتلك القيم الإنسانية.