لدينا آفة مصرية خالصة تتمثل في الصراع والصدام وليس التواصل والتناغم بين الأجيال. بنفس طريقة فشلنا في العمل كفريق بينما ننجح ونحقق ما يشبه المستحيل عندما نعمل فرادي والأمثلة والنماذج لا تعد وتحصي. الموضوع له علاقة بسلوك نشأنا واعتدنا عليه فالأجيال الجديدة دائماً متهمة رغم أن الشباب هم المستقبل للوطن أي وطن واهمالهم والتقليل من شأنهم أو وضعهم دائماً في خانة الاتهام سينعكس علينا عاجلاً أم آجلاً لأنهم عاجلاً أم آجلاً سيتولون المسئولية فعجلة الزمن مستمرة في الدوران. التقي كثيراً بالشباب في لقاءات ومناسبات مختلفة. وفي كل مرة أشعر بالانبهار من مستوي تفكيرهم وحضورهم وتفاعلهم وطريقة نقاشهم.. هم فقط يحتاجون الي من يستوعبهم ويتعامل معهم بشيء من الاحتواء فهؤلاء الشباب شاءت الأقدار أن يتحملوا فوق طاقتهم وهم مازالوا في مقتبل العمر. الجيل الجديد المتهم بتقمص الثقافة الغربية من حيث الملبس والسلوك ولغة الخطاب اضافة الي غياب المسئولية والايجابية الي غير ذلك من الاتهامات التي يتم ترويجها. هو في حقيقة الأمر جيل محاصر بهموم تنوء عن حملها الجبال. فهم مطالبون بالبحث عن ذاتهم.. وكثيراً ما سألت نفسي كم يحتاج الشاب من الزمن ليبني نفسه.. يشتري أو يستأجر شقة ويؤسسها لكي يكمل نصف دينه وسط مجتمع مازال يقدس الشكليات مثل مستوي الفرح ومكانه الي آخر تلك الأمور التي تضاعف الضغوط والأعباء؟! هذه الأعباء قد تكون مبرراً أحياناً للحدة في الحوار من قبل الشباب وهي حدة مرتبطة بالحمل الثقيل ولا تعبر بالضرورة عن سلوك سييء أو أننا فشلنا في تربية أبنائنا.. علينا أن نتحملهم ونستمع اليهم ولو من منطلق الفضفضة ليخففوا قليلاً عن كاهلهم. يوم الثلاثاء الماضي كنت ضيفاً علي جامعة الاسكندرية حيث شاركت في ندوة بعنوان "السياسة الخارجية المصرية في عالم مضطرب" والتي عقدتها لجنة العلوم السياسية بالمجلس الأعلي للثقافة بالتعاون مع الجامعة تحت رعاية الفنانة د. ايناس عبد الدايم وزير الثقافة ود. سعيد المصري أمين عام المجلس الأعلي للثقافة ود.أيمن عبد الوهاب مقرر اللجنة ود.قدري اسماعيل عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالاسكندرية. الندوة التي أدارها باقتدار د. أحمد وهبان وشارك فيها نخبة من أعضاء لجنة العلوم السياسية د. عبد الخبير عطا ود. حسن سلامة ود. حنان أبو سكين وهدي عبد الرءوف. تلك الندوة اكدت من جديد علي حقيقة مهمة مفادها أن شبابنا يمتلك الكثير من الوعي والقراءة الجيدة لقضايا مجتمعهم لكنه جيل ربما يفتقر الي البوصلة التي توجههم للمسار الصحيح. حال شبابنا يتسق كثيراً مع عنوان الندوة فهم يعيشون في عالم مضطرب أو بالأحري ظروف مضطربة صعبة ويحتاجون الي من يأخذ بأيديهم ويرشدهم ويصحح أخطاءهم بدلاً من انتقادهم علي طول الخط بالحق والباطل. [email protected]