هوجة الأمطار الأخيرة والتي جاءت علي غير موعد كشفتنا من جديد!! فلا المحليات تعمل ولا الأجهزة المسئولة عن مرافق الخدمات لديها خطة وبرنامج للمواجهة والتحرك علي أرض الواقع وقت الأزمة. كما انه لا يوجد لدينا تصور لتجنب هذه المشاكل من الاساس مثلما يفعل غيرنا في بلاد الصقيع والمطر بأوروبا!! أقول هذا الكلام من واقع المشاهد التي سمعناها ورأيناها خلال الأيام الماضية.. فالمترو تعطل وتأخرت حركة القطارات خاصة بالوجه القبلي.. كما غرقت منطقة التجمع الخامس في مياه بسبب تقاعس رئيس الجهاز وعدم استعداده بخطة طوارئ.. والشوارع بشكل عام في معظم الاحياء تحولت إلي برك ومستنقعات تتعطل فيها السيارات لأننا لم نقم بالرصف بطرق علمية ولم نضع فيها بالوعات لتصريف مياه الأمطار عند الطوارئ.. وإذا وجدت هذه البالوعات فإنها تكون في المكان الخطأ.. بمعني انه لا يتم تنفيذها مثلا أسفل مطالع الكباري وفي المناطق المنخفضة حيث تتجمع المياه بكثافة.. هذا بخلاف الشلل الذي أصاب العديد من الطرق كالدائري والعين السخنة وغرق الكثير من الانفاق بشكل يمنع عبورها.. إلخ. كل هذا وغيره الكثير والكثير مما حدث يؤكد ان المسئولين عن هذه الأماكن في واد والمواطن الغلبان بالشارع في واد آخر.. وعندما يعاني لا يجد من يستنجد به.. رغم التصريحات العديدة والمتعددة عن غرف الطوارئ وتليفونات تلقي الشكاوي والاستعداد للانتقال السريع وحل المشاكل فورا. انها مآس عايشناها - كما قلت - مجددا رغم اننا لسنا في موسم الشتاء.. ورغم ان هيئة الارصاد الجوية حذرت من الانقلاب المفاجئ في حالة الجو قبلها بحوالي 48 ساعة لكن المسئولين كالعادة ودن من طين والثانية من عجين.. لا يتحركون إلا في الوقت الضائع.. وبعد وقوع الكوارث! اننا ومن واقع ما حدث.. وحتي لا نكرر النفخ في قربة مقطوعة كما يقول المثل نحتاج من وزارات التنمية المحلية والبيئة والري مع المسئولين عن الطرق وخدمات السكة الحديد والمترو تقديم دراسة موضوعية بالمشاكل التي وقعت.. ولماذا حدثت.. وما هو المطلوب للعلاج وتلافي مثل هذه الأمور مستقبلا؟ كما اتصور أن يتم وبشكل عاجل دراسة هذا التقرير من جانب الحكومة وبأسلوب علمي وموضوعي لأن الواقع يؤكد ان الغالبية من المسئولين في مناطق الخدمات الحياتية اليومية يتصرفون ويعملون بطريقة "احييني النهاردة.. وموتني بكره".. ولا يضعون في حساباتهم غدر الطبيعة المتوقع أو ظروف تغير المناخ. انها جوانب إهمال فادحة تؤدي إلي ضياع الوقت والجهد فضلا عن اهدار أموال واقتصاد الدولة.. وهي أمور لا يمكن قبولها في دولة تتطلع إلي التطور والتحديث ومواكبة العصر.. وتعيد مسيرة البناء والتنمية بخطط طموح ومفروض ان يتجاوب الكل ولا يتخاذل. دعونا يا سادة نستفيد من تجارب الدول الأوروبية التي لا تتوقف فيها الحياة ولا يتعطل العمل رغم سقوط الأمطار معظم ساعات النهار والليل..ورغم موجات الصقيع والبرد فالكل يذهب إلي العمل ولا يتكاسل عن الإنتاج.. ويلتزم بكامل واجباته ولا يهمل في شيء منها تحت أي ظرف. كما ان المرافق الحيوية وأساليب الرصف يتم تجهيزها واعدادها للعمل ومواكبة هذه الظروف الصعبة.. فلا تتأخر القطارات ولا تتعطل المصالح ولا يتم تعليق شماعة المطر للخروج من المأزق. دعونا نكون أكثر ايجابية من خلال هذه التجربة المريرة.. ولا تضيع الشكاوي والمعاناة التي تعرضنا لها في انحاء مصر سدي أو تتحول إلي مجرد اخبار وموضوعات تتناقلها الصحف والمواقع الإخبارية كوقائع مؤسفة وتتلاشي آثارها بمرور الأيام بالنسيان. ثم نفاجأ مجددا بنفس المشاكل مع أول موجة مطر تقع ثانية لتعود ريما لعادتها القديمة.. وندور في الحلقة المفرغة من طحن الكلام وتبادل الاتهامات بين الأجهزة المختلفة علي طريقة "دواخيني يالمونة". مطلوب من خبراء الطرق والرصف والكهرباء والسكة الحديد والري الاجتماع وبسرعة لوضع خطة وبرنامج حديث لتصبح الأمطار وبحق خيراً علي البلاد ننتظرها ونفرح بها.. وليست نقمة علي العباد بفعل التكاسل والإهمال من البعض.. مثلما رأينا خلال الأيام الثلاثة الماضية.. واتصور ان كل مسئول في موقعه لابد أن يحاسب علي تقصيره في أداء واجبه لكي يكون عبرة لغيره.. فهل نفعل؟! بصراحة.. أتمني.